Thursday, May 31, 2012

التدخل المدمر

سوسن الشاعر
أثارني ما قاله بين رودز نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الإصلاح! إصلاح؟ إصلاح؟! أي إصلاح هذا الذي دعمتموه في البحرين؟ لقد كنتم كالثور الذي يتحرك في محل لبيع الكريستال، لقد أفسدتم علينا حياتنا.
تطور العملية السياسية كان مطرداً، ووضع الإصلاحات قبل عام أفضل ألف مرة من الآن بعد تدخلكم.
كانت البحرين مشغولة قبل عام بمتابعة مراجعة تقرير حقوق الإنسان وكانت أهم التوصيات وعلى رأسها ما هو الآن موضوع في أسفل سلم التوصيات، فهل دعمتم الإصلاح أم تراجع الإصلاح؟
قبل عام من الآن كنا نتكلم على تلفزيون البحرين عن التقرير المتوازي بكل أريحية ونتصافح بعده رغم اختلافنا على ما جاء فيه.
هكذا قطعت البحرين شوطاً في مجال حقوق الإنسان قبل أن تدعموا التغيير وتمكين الأقليات ليمتطي حصانكم أو -ثوركم- الأهوج قوى سياسية تعاني من عقد الاضطهاد ومن إرث الصراعات السياسية القديمة، فتقلب البحرين رأساً على عقب وتتراجع عندنا المكتسبات، فماذا فعلتم بنا؟ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم، هل تدعمون الإصلاح أم تدعمون الخراب والدمار وتراجع الإصلاح؟
كنا قطعنا شوطاً إصلاحياً سياسياً وحقوقياً وتنموياً، البحرين بدت واحة وجنة ونموذجاً يقتدى للتطور المدروس للملكيات الدستورية في المنطقة، وكانت المكاسب تعم على الجميع والثمار تؤتي أكلها، وكل المواطنين يتمتعون بها بما فيها الحزب الذي حرضتموه ودربتموه.
مناصب ومراكز حكومية وتمويل لرواد أعمال صغار مفتوح للجميع دون تمييز، ودخل فرد متنامي، واقتصاد منفتح وصل ذروته، وفرص عمل جديدة، ومشاركة المجتمع في السلطتين تتنامى. وكانت القوى السياسية كلها ممثلة في البرلمان وفي الهيئات شبه الحكومية بمشاركة منتخبة، وكسر احتكار للوكالات وصحف يتزايد عددها وجمعيات مدنية و.. و.. وحريات دينية وامرأة يتعاظم دورها وأقليات دينية تتمتع بمساحات كبيرة قلما وجدت في المنطقة، ومجتمع مدني يتسع ويكبر وتتصاعد كل هذه المكاسب، كنا أبعد ما يكون عن (الثورة)، وحتى الوفاق الكاذبة رفضت المشاركة في 14 فبراير لأنها كانت تريد المشاركة في الانتخابات الثالثة وفاز كل مرشحيها. فهل توجد في المنطقة تجربة مشابهة؟ أليست هذه التجربة أجدر بالدعم والمؤازرة من دعم حزب عمائمي يضع نفسه خادماً لعمامة هي الوكيل الشرعي لإيران.
لقد ظلمتم البحرين وحرضتم حزباً ظلم طائفته وظلم شعبه وظلم النظام السياسي بإنكار كل تلك المكتسبات ظناً منكم أن التطوير وتحقيق المزيد من المكتسبات ممكن بتمكين تيار ديني متشدد، وأن تدخلكم سيعجل بمزيد من المكتسبات لجماعتهم، لكن ذلك تحول إلى كابوس لنا ولهم.
خسائر في الأرواح وانقسام لمجتمع متحاب متعايش، وخسائر في الأحوال المعيشية وخسائر اقتصادية وحرائق يومية، فأين هذه المكتسبات عما كانت عليه البحرين قبل عام؟
مناطق في البحرين أصبحت كأنها خارجة من حرب؛ حرائق ودخان وبيوت مهجورة وظلام يلفها وأسوار شائكة تحيط بها، هذه المناطق كانت ضمن حزام التطوير في برامج الحكومة قبل عام، وللتو اكتملت البنية التحتية لها ورصفت شوارعها وزينت سواحلها ودشنت حملات ارتقاء لها بتعاون الجميع بكل حب وود، وخصصت لها الميزانيات وكنا نكافح سويا من أجل تنفيذ تلك البرامج ووضعها موضع التنفيذ إعلاماً ونواباً وبلديين.. أتذكرون؟ أين أصبحنا الآن من هذا التعاون البناء لخدمة الوطن دون تمييز؟ فهل دعمتم الإصلاح أم دمرتموه؟
وقفنا سوياً مع طلبات استجواب الوفاق حين كانوا نواباً، ووقفنا سويا ضد أي مشروع أو ملف تقسيم أو تآمر طائفي حتى إن كنا خارج السرب، ووقفنا معهم ضد منعهم من إقامة مآتم في أي منطقة يريدون وعملنا معهم على إقرار علاوة الغلاء وحقوق المعاقين، وأيدناهم في لجان التحقيق البرلمانية التي وقفت في وجه الفساد، وحركنا سوياً ملف السواحل والجزر، كل تلك المكتسبات السياسية والحقوقية تمتع بها شعب البحرين حين تضافرت القوى السياسية والإعلام لنصرتها بالأدوات السياسية الإصلاحية القوية المتاحة للشعب البحريني، فأين نحن الآن من تلك الأجواء؟
تحالفتم مع حزب سياسي رغم علمكم بمن يحركهم ومكانة العمامة عندهم ومن أين تستقي عمامتهم قرارها، ومع ذلك أغريتموهم بالمكاسب، فجرى ما جرى لنا ولهم.. فمن هو الرابح الآن؟!
أين نحن من ذلك العمل المشترك؟ أين نحن من تلك المكتسبات التي تحققت من خلال الإصلاحات السياسية؟ أين جماعتهم من تلك الإنجازات التي تحققت بتضافر القوى السياسية والشعبية والمواطنين أفراداً ومؤسسات؟ تحالفكم شيطاني مدمر مخرب، ذهب ضحاياه العديد من الطائفتين وانقسم المجتمع وتراجعت التنمية والاقتصاد وبدأ الناس يكفرون بالإصلاحات السياسية بعد أن كانت تتمتع بها.
لقد كنا نبني.. ووضعنا الأساس سوياً ووصلنا للدور الثالث فجئتم لتهدوا البناء كله، فهل البحرين هي التي كانت عليه قبل تحريضكم لهذا الحزب على الخيانة؟ هل زادت مكتسبات الشيعة أم قلت؟ هل تقدمت الإصلاحات أم تراجعت؟ انظروا ماذا فعلتم بنا.