Wednesday, June 20, 2012

ارتهانات الثورة السورية بين الولايات المتحدة وروسيا

رضوان السيد
على أثر محادثات الرئيسين الروسي والأميركي على هامش قمة العشرين بالمكسيك، قيل إنّ الرئيسين توصلا إلى عدة نقاطٍ مشتركة تجنّب سورية الوقوع في الحرب الأهلية. والذي أراه أنّ ما اتفق عليه الرئيسان أو لم يتفقا لن يكون له أثرٌ في المدى المنظور. وذلك لأنّ الروس والصينيين لديهم عدة ملفات عاجلة مع الأميركيين، والثمن الذي يعرضونه ليس مغرياً؛ عندهم مسألة إيران والنووي، والجميع يلتقون على عدم تمكين إيران من إنتاج سلاح دمار شامل، لكنّ الروس والصينيين لا يريدون أن تُشنَّ الحربُ على إيران حتى لو قاربت إنتاج سلاحٍ نووي. وهذا ملفٌّ لا تستطيع الولايات المتحدة التنازُل فيه بعد أن جمعت الغرب كلَّه واليابان لحصار إيران. فإذا لم تتنازل إيران الآن في اجتماع موسكو عن التخصيب، فسيفشل الاجتماع أو يؤجَّل، وتقع روسيا والولايات المتحدة معاً في مأزق العجز عن التقدم أو التأخر. والملف الثاني هو ملفّ الدرع الصاروخي، الذي تعتبره روسيا تهديداً خطيراً لأمنها الاستراتيجي بعد أن نُصب من حولها في بولندا وتشيخيا وتركيا. وأوباما لا يستطيع التنازُل فيه الآن قبل الانتخابات، حتى لا يهيج عليه المحافظون ويجدوا حُججاً ضدَّه.
أمّا الملف الثالث العاجل، والذي تملك روسيا بالذات- لكنْ ليس وحدها- نصيباً وافراً فيه فهو نظام الأسد ومصيره. ولدى موسكو دوافع متناقضة للتقدم والتأخر. فالملف من جهة مثل قرن الآيس كريم الذي يتآكلُ إن لم يؤكل، وكلما ازدادت الثورة على النظام هناك وقاربت النجاح، تقلُّ إمكانيات موسكو في استخدامه. وهذا دافعٌ قويٌّ للدخول في صفقة مع أميركا من حوله أو خاصة به، فتُظهر أنها شريكٌ مُضارب، وإن لم يكن له أثرٌ مهمٌّ على أرض الأزمة. إنما هناك من جهةٍ ثانية دورها في الوساطة مع إيران، وهاجسها من الدرع الصاروخي، وهذا كلُّه يجعلها في مطمعٍ دائماً أن تتمكن من إجراء صفقة شاملة، لا تستطيعها الولايات المتحدة إلاّ بعد الانتخابات! ثم هناك “منظر” موسكو الاستراتيجي، وأنها شريكٌ كبيرٌ في المجال الدولي، وهذا مهمٌّ بالداخل وتجاه الجوار والخارج. وهناك من ينصح في هذا الصدد، ولأجل إظهار القوة الضاربة والاستراتيجية أن تبقى موسكو مع النظام السوري إلى النهاية مهما كلَّف الأمر. ومن الأدلة على ذلك، الأسلحة الكثيرة التي تُرسلُها إلى سورية، وإرسال مشاة البحرية لحماية قاعدتها في طرطوس، والاقتراح أن تكون إيران جزءًا من لجنة الاتصال أو المؤتمر الدولي بشأن الأزمة السورية!
إنّ هذا كلَّه يُرجِّحُ أن تحصُل مهادنةٌ بين الطرفين ولصالح الإثنين حتى مطالع السنة القادمة، فتبقى الأزماتُ على نارٍ هادئة دون أن تجد علاجاً. لكنّ منظر روسيا الاتحادية شديد السوء لدى الشعوب العربية، ولدى المسلمين في روسيا، ولدى الغرب الأوروبي. وهكذا فإنّ بوتين يريد زيارة الأراضي الفلسطينية لتحسين منظره لدى العرب. لكنّ العرب والإسرائيليين يعرفون أنّ موسكو – مثل الولايات المتحدة- تجد نفسها مسؤولةً عن أمن إسرائيل لأنّ عندها مليوني يهودي ذوي أصول روسية في إسرائيل. وعندما بدأت الثورة في سورية ذهب اليمين واليسار الإسرائيلي إلى روسيا، كما ذهبا إلى الولايات المتحدة، للتعبير عن قلق إسرائيل على مصير النظام السوري. ووقتها وجدا ترحيباً في موسكو أكثر من وشنطن! لكنّ الإسرائيليين الآن- وبعد أن يئسوا من إمكان بقاء النظام السوري- وجدوا مصلحةً في سقوطه لتأثير ذلك سلباً على إيران وحزب الله!
وهكذا؛ فإنّ لموسكو وواشنطن مصلحةً في تأجيل حلّ الأزمة ومن طريق المؤتمر الدولي ولجنة الاتصال وما شابه. ولذا فمن مصلحة الثورة والثوار للخروج من الارتهان الروسي- الأميركي تصعيد ثورتهم بالسلاح وبغير السلاح، وعلى دول الجامعة العربية (ودول الخليج من بينها على الخصوص) أن تقرر خطواتٍ جديدةً في دعم الثورة السورية.