Wednesday, June 20, 2012

بلطجة فكرية

د . هند أبو الشعر
شاع استعمال هذه الكلمة في السنة الماضية بشكل هستيري في الوطن العربي كله ، والكلمة تركية تعني « صاحب القدوم» أي حامل البلطة ، وكأننا وبكل بساطة نستعيد الزمن العثماني ونصر على استحضاره في يومياتنا ، وقد استنسخنا حالات البلطجة المتعددة ، ومنها البلطجة الفكرية ، وسمحنا بتحويل سلطة الفكر المعنوية إلى حالة تتناسب مع مرحلتنا العجيبة التي لا مثيل لها في تاريخ العرب ، وسوغنا لأنفسنا سكوتنا على بلطجة جديدة هي بلطجة الفكر ...!
كيف يقبل الوطن الذي يباهي بعدد جامعاته ومعاهده ومدارسه وحملة الدكتوراه فيه أن يمارس فيه البعض بلطجة على فكر الناس ..؟ وكيف نمرر مثل هذه السلوكيات بلا محاسبة جادة تضع الأمور في نصابها ..؟ الطالب الجامعي الذي لا يستحق النجاح ولا يعرف التعبير بجملة مفيدة ، يعتدي على سيارة الأستاذ الذي وضع له علامة دقيقة تقيس قدراته ، وأهالي طلبة التوجيهي يعتدون على مدير تربية وتعليم ..! وعامل الوطن الذي يفرض « خاوة» على أصحاب المحلات ويرفض القيام بعمله إن لم يأخذ « الخاوة» ، وإذا ما تقدم الأهالي بشكواهم ينتقم منهم بوضع النفايات على أبواب دورهم ..! مئات السلوكيات العجيبة التي تتلخص في ممارسة العنف ضد الحق ، وفي تهميش دور الدولة والمؤسسات لصالح الفردية والمنفعة الخاصة .. السائق الأردني يعتبر الطريق ملكه الخاص ، وتقوم القيامة على الطرق الخارجية إذا وجد أمامه سيارة يلتزم سائقها بالسرعة القانونية ..بلطجة حتى في قيادة السيارات ..!
أين الخلل ..؟ حتى النائب تحت القبة يتعرض للبلطجة ..! نحن باختصار مؤسف نتراجع في ممارساتنا وبشكل لا يصدق ، والعجيب أننا بتنا نقبل بكل هذه السلوكيات المجنونة ويصبح السلوك المهذب والمنضبط والذي يلتزم بمواصفات المواطنة ، يصبح هو الخائف والصامت ، ويعلو صوت أصحاب البلطات ..؟ هل أقول بعد هذا كله « ابكِ يا وطني الحبيب ..؟» والله العظيم أننا بتنا نتلمس أنفسنا لنتأكد من أن ما يجري حقيقي وليس مشاهد من فيلم رعب أمريكي لا يستحق المشاهدة ..؟ أسألكم كلكم هل نحن نحن أم أننا نقوم بأداء أدوار في مسلسل كتب نصه كاتب بلطجي ..؟ أم ماذا ..؟ ماذا ..؟