Wednesday, June 20, 2012

فوبيا الولاية السابعة

خيري منصور
لو كان للعرب المحرومين من نعمة الديمقراطية تجارب يعتد بها في هذا السياق لادركوا على الفور بأن المرشح الذي يفوز في اية انتخابات لن يبقى في مكانه بعد بضعة اعوام اذا غيروا اراءهم فيه، لكن العقود التي مرت بهم عقدتهم واورثتهم عدة فوبيات منها فوبيا الولاية السابعة، وفوبيا إعادة النظر في مواد الدساتير واعادة انتاجها لتلائم من يتشبثون بالسلطة والرئاسة حتى الموت وان كان بعضهم ذهب الى ما هو ابعد فقرر ان يواصل الحكم من قبره ومن خلال التوريث.
وردود الفعل التي نسمعها او نقرأها ضد فوز هذا المرشح او ذاك لا تعود فقط الى اسباب سياسية او ايديولوجية بل الى الهلع من تكرار اللدغ، ومن الحجور ذاتها رغم تبدل ساكنيها!
في اي بلد في العالم قطع شوطا في الديمقراطية ولم يعد خداجا او محدث نعمة فيها ينتظر الناس انقضاء الولاية المحددة بنصاب زمني لمن يعتقدون انه خذلهم. لان تلك المجتمعات لا تعاني من هذه الفوبيا التي يختصرها البعض بعبارة واحدة هي من القصر الى القبر كبديل لما يقال عن المهد واللحد.
ان التعامل الشعبي مع افرازات الصناديق هو ربيب ثقافة المباريات والاشتباك في المدرجات بحيث تنتهي احدى المباريات الى تحقيق اربعة وسبعين هدفا.. هو عدد القتلى، او تنتهي الى ما انتهت اليه مباراة الجزائر ومصر قبل عامين ونحن في غنى عن التذكير بما قام به الاعلام الفجّ من تحريض وكأن ما جرى كان حربا استخدمت فيها الاسلحة الثقيلة كلها.
والشعوب التي انفقت اكثر من ثلاثة ارباع الجهد والعمر في حروب رياضية حملت الجرثومة ذاتها الى كل مجال اخر. فصراع الديكة على الشاشات هو ايضا من افرازات تلك الثقافة وكذلك الحراك السياسي الذي يعيد الى الذاكرة العربية حكاية قبيلة غزية وشاعرها الذي يغزو اذا غزت!
ان التأهيل لممارسة ارقى منجز مدني في تاريخ الحضارات وهو الديمقراطية ليست شبيها بالتأهيل لقيادة سيارة والحصول على رخصة بعد ايام قليلة، او التدريب على استخدام جهاز تكنولوجي حتى لو كان بالغ التعقيد.
ذلك لان التأهيل قدر تعلقه بانشطة انسانية مدنية وحضارية يتطلب شروطا تستخف بمن يحاول الاستخفاف بها.
ومن تخرجوا من حاضنات الانانية ومعاهد الخلايا الزواحفية كما يسميها علماء الاحياء لن يقبل احدهم الاخر الا اذا كان صدى له او ظلا، لهذا قد يثرثر ساعات بلا انقطاع عن حق الاختلاف وعن حرية التعبير واخيرا عن الديمقراطية والشفافية وما اشتق منهما من مصطلحات لا تصلح الا للعرض فقط.. لكنه ما ان يرتطم كوزه بجره حتى يشهر لسانه قبل يده لتهشيم كل الجرار، وما ان يتعرض لنقد لا يطال شخصه بقدر ما يطال مواقفه حتى يصرخ واذلاه لتغلب، وعندئذ لا ينفع اي مبعوث للامم المتحدة في ايقاف النزيف.
تلك هي الحكاية منذ البسوس رغم انها تحمل دكتوارة من السوربون ومنذ جبلة بن الايهم الذي يعد اطروحة في هارفارد عن حقوق الانسان!