Saturday, June 2, 2012

بالروح بالدم

طارق العامر
خير إن شاء الله، لماذا لم نشهد من الوفاق والمجلس العلمائي وما يسمي بـ «14 فبراير» استنكاراً بشعاً للجريمة النكراء والبشعة التى ارتكبها النظام العلوي السوري في مدينة الحولة والتي راح ضحيتها 108 مدنيين واكثر من 300 جريح معظمهم من النساء والأطفال؟ غريبة، لماذا لم نسمع تعليقاً واحدا من اية الله مجنسي؟ يا ترى يا «ولي الفقيه» لو كان الضحايا هؤلاء من الشيعة، هل كان لسانك سيخرس ويعجز عن الكلام؟ او أنهم من جملة من شملتهم فتوى «اسحقووووه»؟ مثل هذا الأمر يدفعك الى الاندهاش والتساؤل، عن السر الذي أخرس بسببه لسان ولاية الفقيه، ومكمن هذا الحقد الدفين المكبوت الذي لا تكف آلة الطائفية على مضاعفته، وتوليد انتاجه كعنف رمزي لا يرحم ولا يترحم حتى على دماء الاطفال والنساء من أهل الاسلام، رغم أن الصياغة النظرية الشيعية لما يعنيه «عموم ولاية الفقيه» تقول «ان الفكر الشيعي يجعل للرسول كل ما لله في سياسة المجتمع وعقيدة اهله، وبعد الرسول يصبح كل ما له للإمام، وبعد غيبة الإمام فإن كل ما للإمام هو للفقيه»!! هؤلاء الفقهاء، الذين ـ من المفترض ـ أنهم في منزلة الرسول، ولهم الولاية العامة في المجتمع، يراهم «رأي الضالين» مؤسس هذه الفكر والدولة الصفوية في ايران، الخميني على انهم: «قوم أصلحوا أنفسهم، وتخلقوا بأخلاق الله وأخلاق الأنبياء (...) ليكونوا أسوة حسنة لغيرهم»!! يا مثبت العقل والدين، ثبت ما تبقى من عقولنا، معقول أن أية الله مجنسي والذي لم ينبس بكلمة ضد جرائم بشار الاسد بحق مسلمين سوريا، يتخلق بأخلاق الله واخلاق الأنبياء؟ وهل يعقل أن اية الله مجنسي أسوة حسنة لغيره؟؟ ربما مناسبة الحديث تفرض علي ان اعرض عليكم ما أقلبه بين يدي حاليا وهو كتاب «تطور الفكر السياسي الشيعي.. من الشوري الى ولاية الفقيه» للكاتب الشيعي العراقي المعروف احمد الكاتب، وهو مشروع ابداعي تثقيفي عملاق، وربما تطورات هذه الأيام، زادته اهميته وجعلت من قراءته ظلا ظليلا في تفسير الحالة التى نعيشها ويعيشها ايضا اهالينا في سوريا وعاشها من قبل ومازالوا، اشقاؤنا في العراق. واعترف أن اعجابي بالكتاب دفعني للتفكير في ارتكاب جريمة اقتطاع أجزاء مشوقة وممتعة منه لكي أثير شهيتك لقراءتها يقول الكاتب: «إن اعطاء الفقيه العادل، وهو بشر غير معصوم ومعرض للخطأ والانحراف، صلاحيات الرسول الأعظم المطلقة وولايته العامة على النفوس والأموال، والتطرف في ذلك الى حد السماح للفقيه بتجميد القوانين الاسلامية الجزئية «الشريعة» كما يقول الامام الخميني (....) وهذا يتناقض تماما مع الفكر الامامي القديم الذي رفض مساواة أولي الأمر في وجوب الطاعة لهم كوجوب الطاعة لله والرسول (...) فإذا اعطينا الفقيه الصلاحيات المطلقة والواسعة التى كانت لرسول الله واوجبنا على الناس طاعته، وهو غير معصوم، فماذا يبقى من الفرق بينه وبين الرسول؟ (...) وما دام الفقيه انسانا غير معصوم فانه معرض كغيره للهوى وحب الرئاسة والحسد والتجاوز والطغيان، بل معرض اكثر من غيره للتحول الى خطر دكتاتوري يجمع بيديه القوة والمال والدين، وهو ما يدعونا الى تحديد وتفكيك وتوزيع صلاحياته اكثر من غيره، لا ان نجعله كالرسول او الأئمة المعصوميين، فذلك لأنه سيتحول الى ظل الله في الارض، ويمارس هيمنة مطلقة على الأمة كما كان يفعل الباباوات في القرون الوسطي». لا أريد أن أتورط أكثر فأقول إن الكتاب يجسد تشخيصا وتحليلا للخراب والألم الذي تسبب فيه مشروع ولاية الفقيه في كل بلد خطى باقدامه اليها، بدءا من لبنان وانتقالا الى العراق ومرورا بالبحرين التي يبدوا وانها ـ وحتى الآن ـ قد نجت، وانتهاء بالحالة السورية التي لم تنجو من براثين شر ولاية الفقيه وفي طريقها الى حرب اهلية، فالواقع أن الكتاب كشأن كل الأعمال العظيمة يصلح لأن يقدم الدليل على ان اية الله مجنسي، جاء الى البحرين كديكتاتور ومتسلط وحاقد استولى على فكرها، وجعل من انصاره تصفق له وتهلل بالروح بالدم نفديك يا هبل!!