Saturday, June 2, 2012

فتوى.. اسحقوهم.. وتداعياتها

محمد مبارك جمعة
بحسب ما نشرته الصحافة مؤخراً، وما صرح به أيضاً المستشار الإعلامي لجلالة الملك على «تويتر»، فإن جمعية «الوفاق» تحاول الوصول إلى مواقع صنع القرار في الدولة عن طريق وسيط أو وسطاء لإيجاد فرصة لحوار. ومحاولات «الوفاق» الوصول إلى هذا الهدف لم تخل من لجوء معتاد إلى وزارات الخارجية في واشنطن ولندن وبعض المسئولين، إلا أنهم فوجئوا بعدم القبول بهم، وقالوا لهم عليكم قبل كل شيء أن تصدروا بياناً واضحاً تدينون فيه العنف والحرق والتخريب الذي يجري في البحرين من قبل أطراف هم على صلة بكم، وخصوصا بعد فتوى «اسحقوهم» التي صدح بها «المرجع الديني السياسي» عيسى قاسم، وتحولت مباشرة إلى جحيم على رجال الشرطة الذين حرقتهم العبوات المتفجرة وقنابل المولوتوف. وحينها قالت لهم «الوفاق»: لا نستطيع أن ندين العنف الآن. لكن مؤخراً تم لقاء بين «الوفاق» ومستشار الأمن القومي الأمريكي بحضور السفير أيضاً، ولا يستبعد أن يكون الهدف هو البحث عن مخرج ووسيلة لإعادة التاريخ، ولسنا بالطبع في حاجة إلى معرفة لماذا لا تستطيع «الوفاق» إدانة العنف، إذ مثلما قلنا ونقول وسنظل نقول: هي مسيرة وليست مخيرة، ولا يوجد أحد فيها على الإطلاق، يستطيع أن يمرر خيطاً في ثقب إبرة من دون صدور فرمان بذلك من الولي الفقيه في طهران. هذه هي الحقيقة التي لا لبس فيها.
إن خوف إيران من أن تفقد ذراعها في البحرين ما تبقى لديها من قدرة سياسية، بالإضافة إلى ما تعانيه «الوفاق» من انحدار سياسي وتناقص، سوف يزيد بدرجة حادة بمجرد أن تقول إنها تدين العنف والتخريب في الشارع، ولهذا فإن رفض العنف والتخريب الذي تشرف عليه «الوفاق» من خلال سياسة تبادل الأدوار، ينطلق من هذا الأساس.
أمر مضحك حقاًّ، وحالة نادرة من نوعها، جمعية سياسية ترتفع شعبيتها لدى مؤيديها حينما تتمسك بخيار التخريب التصاعدي، وينفضّ الجمع من حولها حينما تدين العنف والتخريب، ولذلك فهي لا تجرؤ على هذه الإدانة. واللافت في الأمر، أن التسريبات وصفت منسوبي «الوفاق» الذين يريدون الوصول إلى الحكومة من أجل حوار عن طريق وسطاء بأنهم «معتدلون» و«واقعيون»، فإذا كان هذا الاعتدال لا يمكنهم من رفض العنف والتخريب، فكيف هو الحال إذن مع البقية الراديكالية؟
لكن لنقف عند السؤال الأهم: هل الحوار مرفوض؟ كمبدأ أعتقد أنه غير مرفوض، لكن المرفوض بتاتاً ولا نقاش فيه، عبّر عنه تجمع الوحدة الوطنية برفضه إجراء أي حوار في ظل سعي «الوفاق» العقيم إلى الانفراد بالحوار مع السلطة وتوجيه دفّة المطالب. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ومع القبول بالحوار من ناحية المبدأ فقط، فإن النتائج هي الأخرى قابلة للرفض.