Tuesday, June 5, 2012

للدولة نقول.. الميزان في صالحكم فلا تقلبوه ضدكم

فوزية رشيد
اليوم وبعد مرور أكثر من عام على المحاولة الانقلابية الفاشلة، لم يعد أمر «المعارضة الانقلابية الراديكالية» مفضوحا بالكامل داخل البحرين والخليج العربي فقط، وانما أيضا دول عربية واقليمية ودولية كثيرة أخذت تراجع نفسها بالتتالي، بما يخص حقيقة تلك المعارضة وحقيقة الأحداث في البحرين، حتى ان أغلب دول الثورات العربية، ومن خلال شباب ثوراتها أو القوى المحسوبة عليها، تبرأت علنا من نسب الحراك الانقلابي الى مشهد ما سمي الربيع العربي.
أما بما يخص الغالبية الشعبية في البحرين، ومن بينها جزء كبير من الطائفة الشيعية، التي لاتزال صامتة تحت ضغط التهديد الوفاقي وبقية الانقلابيين، فإن هذه الغالبية تريد من الدولة بعد ثبوت الوقائع وانكشاف ما وراء الأحداث، أن تعيد الدولة ممثلة في وزارة العدل التفكير والنظر، في شأن كل الجمعيات التي قادت المحاولة الانقلابية، وتورطت في جر البلاد الى أكبر أزمة، لم يكن لها مثيل طوال تاريخها المعاصر التي لاتزال تجر أذيال دورها اللاوطني حتى اليوم، والتي كأحداث لولا لطف الله بنا، لكانت موازين الخريطة الخليجية قد دخلت في فوضى وفتن كبرى، وتحديدا البحرين والكويت والمنطقة الشرقية، ولكانت البحرين قد دخلت مجرى الاختطاف، بالنسبة إلى الأطماع الايرانية فيها بغية احتلالها بمساعدة تلك الفئات ذات الولاءات المرجعية والسياسية والميليشياوية لها وللقوى الطائفية الأخرى.
في مثل هذا الوقت الذي ينقلب فيه الميزان يوما بعد يوم، لصالح الوطن الذي تم تشويهه وتخريبه وتقسيم مكوناته عبر ذلك الحراك الغادر، ولصالح الدولة التي تمت الإساءة إليها أيما اساءة من جانب هذه المعارضة الشيعية الراديكالية، المرتبطة بالأجندة الايرانية والامريكية معا، وتتلقى الدعم المنقطع النظير من كلتيهما أيضا، في مثل هذا الوقت الذي تطالب فيه الغالبية الشعبية (بإسقاط الوفاق وأتباعها ومشتقاتها المتطرفة الأخرى) الذين تنافسوا معا في خضم توزيع الادوار وتبادلها، في إحداث أكبر قدر من الضرر بالبحرين وبشعبها وباقتصادها واصلاحها وديمقراطيتها، تأتي الادارة الامريكية اليوم لتعمل مجددا على (تلميع) الوجه الوفاقي الكالح، تحت مسمى (المصالحة والإصلاح) لكأن أمريكا نفسها مثلا قد قبلت قط حتى مجرد التفكير في عقد مصالحة مع قوى داخلية، ولن نقول «القاعدة»، بل نقول مع قوى داخلية أضرت مثلا بكل الطرائق بالأمنين الوطني والقومي الامريكيين وباستقرارها، بل دخلت في عمليات تدريب «ميليشياوية» من أجل اسقاط الدستور بالعنف والإرهاب، بل تلقت تمويلا خارجيا، وطالبت بالتدخل الخارجي، وعملت على تغيير هوية البلاد وانتمائها، وتبديل اتجاه عمقها الاستراتيجي من الخليج العربي إلى الضفة الايرانية بالطبطبة والبناء على مطلب (الجمهورية الإسلامية) التي رفع شعارها «مشيمع» ومن على شاكلته في الدوار.
ستخطئ الدولة كثيرا هذه المرة، إن أعطت أي نوع من المكافأة أو الثقة في هذه الفئة الانقلابية الضالة، التي تعمل جزافا تحت غطاء الشرعية كمعارضة، لأن المسألة باختصار لدى هؤلاء ليست الإصلاح وليست سياسية وانما هي عقدية ـ سياسية، في اتجاه تنفيذ أجندة مرتبطة بالكيان الايراني وبالكيان الطائفي الخليجي، وأينما وجد، في اطار تنفيذ مشروع تعرف الدولة أكثر منا جميعا، كيف تم العمل عليه وعلى تنفيذه، وكم من عشرات السنين استغرق بين محاولة انقلابية فاشلة وأخرى وصولا إلى محاولة الانقلاب الأخيرة في العام الماضي، واسترضاء العملاء هو في حد ذاته مشكلة حقيقية.
والذين يتوهمون تغيير الطموحات أو الأطماع الايرانية أو تغيير مسار الدور الذي يلعبه «الانقلابيون» باعتبارهم الادوات الداخلية والخدم لتلك الطموحات الاستعمارية، والذين يتوهمون أيضا امكانية تغيير المشروع الامريكي المنفلت في كل الوطن العربي كالثور الهائج، نقول لهم: كفاكم ضحكا على النفس، ولا يغرنكم التغير التكتيكي في لغة المخاطبة الامريكية، لأن محاولتها لدس «الوفاق» مجددا وتمكينها سياسيا، بعد أن سقطت ورقة التوت عنها، هو مؤشر قوي على ان الجانب الامريكي لايزال يراهن على هذه المعارضة الراديكالية الشيعية بتلوناتها وتوزعات أدوارها كافة تحت غطاء الشرعية السياسية للوفاق التي تستغلها أيضا الإدارة الامريكية وتبتز الدولة بها، من أجل تمكينهم تحت لافتة «المصالحة والإصلاح» التي رفعها أحد كبار قادة الأمن القومي الامريكي مؤخرا، للبدء بالشوط الذي انتهى بانقلاب الميزان، ضد تلك المعارضة الراديكالية، لتعديله ليكون مرة أخرى في صالحها وصالح الدور المشبوه الذي تقوم به في البحرين.
آن الأوان لكي تفلت البحرين رقبتها ورقبة أبنائها المخلصين والشرفاء، من قبضة الضغوط والطموحات والمشاريع والاطماع سواء الامريكية او الايرانية، ومن قبضة هذه الجمعيات السياسية التي استغلت الديمقراطية والإصلاح والحريات أسوأ استغلال. الميزان في صالحكم وكل يوم تنكشف أمام العالم كله حقيقة هذه المعارضة فلا تقلبوه بأيديكم ضدكم فلا حوار مع العملاء والخونة، هذا ما يقوله كل الشرفاء في البحرين.