Thursday, May 24, 2012

قنوات القرنبيط والملفوف

عبد الله محمد عبد الله
هل يعقل أن يوجد عاقل ينخدع بما ينشره ويروج له كل أفاك أثيم من المحرضين والمدافعين عن المخربين، ممن يخرج على شاشة قناة العالم وأخواتها، وأمثال ذلك من وسائل اعلامية غبية، وإن الطبول على أصواتها تقع، هذه القناة الموغلة في متاهات التهريج و(الجمبزة) حتى النخاع، بل حتى الخنوع، حتى أصبحت تنافس قناة فنون على لقب قناة الكوميديا الأولى، فـ (الافلام والمسرحيات) التي تعرضها لا تكاد تختلف عن ما تعرضه فنون، وخصوصا بعض مشاهد مسرحية ريا وسكينة وبعض حركات وبلاهات اسماعيل ياسين واللمبي وأمثالهما، وكم كانوا صادقين في تسمية قناتهم بالعالم، فلم ينفكوا يعيشون ويعششون في عالم قائم بذاته من الفضائح والقبائح المهنية، المهينة لهم، ولا يعيش في ذلك العالم الغريب والمغبر إلا هم ومن والاهم، ثم ما هذا الاصرار الأقعد والغباء المعقد، حيث يصرون على فضح أنفسهم بعرض ذلك الكذب الأهبل (الملفوف) على رؤوسهم و(القرن.. بيط)، وكلما يتم تفنيد كذباتهم بالأدلة الدامغة غير المزورة ويفضحون أمام كل العقلاء.. تراهم يعودون مجددا بعدها بيوم أو يومين إلى الكذب والتزوير، وإن من أوضح مظاهر غبائهم هو زعمهم ان البحرين تهدم المساجد وتحرق المصاحف، فأي بلاهة هذه وأي مخبول سيصدق هذا الكذب الأخرق، والحمد لله على نعمة العقل، كأنما يقلدون (الهبلة الحمارة أم بدوي) التي تصر على الذهاب إلى حتفها برجلها وتظل تردد: (حننزلو البدرون يعني حننزلو البدرون)، ولا نقول لهذه القناة إلا شكرا لكم فلقد أصبحتم مقياسا، نكشف عبركم الوقائع ونقلب بكم (القواقع) ونعرف من خلالكم من الذي معنا ومن الذي ضدنا، فأي أحد تتلقفونه وتقفون معه فهو عدو لنا.
فإن كنا لا نستغرب من قناة العالم وأمثالها اخراج كل تلك (الافلام الغبية والمسرحيات الهابطة) فإننا في الوقت نفسه نتعجب كثيرا من بعض القنوات وبعض الوسائل الاعلامية الأخرى التي لا تزال ترفع شعار الاستماع لكل الآراء، تلك الحجة البالغة حدا لا متناهيا في عالم البلاهة والسذاجة، وكيف يقبل عاقل بأن يتيح المجال واسعا أمام شخص كذاب أشر ومحترف في عالم التحريف القذر، والمصيبة انهم يعلمون عنه كل ذلك ولكنهم قوم يتهابلون، مع أنهم يزعمون أنهم من المحترفين إعلاميا ومن المثقفين، ولكنهم لا يزالون (مغفلين) في هذه المسألة، بل في مسائل كثيرة، وما أكثر من ركب هذه الموجة وأغرته تلك الموضة، فهل هناك بلاهة أكبر من هذه، وتراهم يتفاخرون جدا بأنهم يعبرون عن نبض (الشارع)، ورحم الله امريء عرف قدر نفسه، وهم أعلم بقدرهم، إذ هي قنوات (تتغذى) على الغوغائية والغثائية وتستمد قوّتها و(قُوتها) من الشوارع، وعلى رأس هذه القنوات تأتي قناة (الضريرة) التي لا تزال تقود العميان إلى حفر كثيرة وترديهم على رؤوسهم في أعماق ظلامها المخيف، ولن تنفك تغرقهم وتغرقهم في عالمها السخيف.
وإنه لمن المحزن جدا أن يضطر العقلاء إلى النزول إلى مستوى مناقشة ضلالات أهل الأباطيل، ولولا الخوف على الناس من أن ينطلي عليهم ذلك التضليل لما تجشموا (رخاء) الرد عليهم، وإلا فهم في الحقيقة لا يستحقون قيمة حبر كلمة واحدة فقط من الرد، فلنعلم جميعا ان أولئك كلهم لهم (دين) يأمرهم بالكذب والافتراء ويرغبهم في التحريف والتزوير ويعدهم على ذلك بالأجر العظيم، تصوروا، بل يأمرهم بالافساد واتخاذ كل ذلك قربة إلى (ربهم)، ولم ينفكوا كذلك يفعلون، وهم مأمورون به إلى الحد الأقصى والحقد الأقسى.
ولله در قناتي صفا ووصال، اللتان تعدان شامة بين القنوات، فلا صلة البتة بين وصال وصفا وبين ذلك (العالم الممسوخ)، فهنا لسان عربي مبين وهناك يرطنون أعجمي، وعجبي كيف يقارن بعض المساكين بين شهامات وشامخات صفا ووصال وبين مشوهات وبلاهات تلك القنوات، وشكر جزيلا لتلفزيون البحرين على ما يبذله من جهود مقدرة واطروحات محترمة في سبيل مواكبة الأحداث ومناقشتها بكل صراحة وصرامة، وفي الوقت نفسه بكل عفوية وتلقائية، كما يفعل الاستاذ سعيد الحمد، ويسرني جدا أن أختم هنا بتحية طيبة يستحقها الاستاذ سعيد الحمد، الذي أثبت فعلا ان معادن الرجال الشرفاء لا تظهر حقيقتها إلا في الملمات، ولقد أظهرت هذه المحنة حقيقة هذا الرجل الوطني المخلص ساطعة مضيئة، فشكرا جزيلا لك أيها الأستاذ المحترم ولأمثالك من الكتاب والاعلاميين المخلصين، ولسنا نقول كل هذا ونكيل المديح هذيانا، وليس هذا تزلفا وتملقا، كلا وحاشا، ولكنك يا أستاذ سعيد وبكل بساطة قد برق معدنك الأصيل في هذا الظرف العصيب، وإنك لتستحق وأمثالك ألف تحية من كل مواطن شريف.