Thursday, May 24, 2012

عقوبتنا كعقوبتكم.. قوانيننا كقوانينكم

سوسن الشاعر
ما حدث في البحرين في شهري فبراير ومارس من العام الماضي كان «محاولة تغيير شكل الدولة الدستوري باستخدام القوة والعنف»، وذلك بقتل رجال الأمن دهساً وحرقاً واحتلال مبانٍ ومنشآت عامة وطرد موظفيها ومنعهم من أداء واجباتهم، وترويع وتهديد الناس بقطع الطرقات وترويج أخبار كاذبة وطلب التدخل الدولي العسكري الأجنبي، وتلك جريمة ينص عليها قانون العقوبات في الدول الأوروبية مثلما ينص عليها قانون العقوبات البحريني تماماً.
فالقانون الجنائي السويسري في المادة (275) ينص على «يعاقب بالسجن كل من شكل عصابة يكون هدفها أو طبيعة نشاطها، تغيير الدستور، عبر استخدام العنف» والمادة (265) تقول «كل من ارتكب فعلاً يهدف إلى تغيير الدستور باستخدام العنف، يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات»،
ونص عليها القانون الجنائي السويدي في المادة (28/1) «يعاقب بالسجن كل من سعى إلى تغيير الدستور باستخدام العنف المسلح، أو أي شكل من أشكال القوة».
والقانون الجنائي النمساوي -في حالة استخدام العنف لتغيير الدستور- «يعاقب الفاعلون الرئيسيون والمحرضون بالإعدام، وتكون عقوبة المشاركين السجن».
وكذلك القانون الجنائي الياباني في المادة (79) «كل من يقدم المساعدة لارتكاب عصيان مسلح، بتوفير الأسلحة أو الأكل.. أو غيره من أوجه المساعدة، يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز 7 سنوات»
وأيضاً القانون الجنائي الإيطالي في المادة (303) «يعاقب بالسجن كل من مجّد جريمة موجّهة ضد النظام الدستوري للدولة».
أما الأدهى فإن القانون الجنائي الدنماركي نص على التالي في المادة (111) «يعاقب بالسجن المؤبد كل من سعى إلى تغيير الدستور باستخدام العنف مستعينا في ذلك بالخارج»!!!!
أما القانون البحريني فقد نصت المادة 148 عقوبات بالتالي «يعاقب بالسجن المؤبد كل من حاول قلب أو تغيير دستور الدولة أو نظامها الأميري أو شكل الحكومة أو الاستيلاء على الحكم».
وإذا وقعت الجريمة نتيجة سعي أو تخابر أحد ممن يعملون لمصلحتها أو وقعت من عصابة مسلحة فيعاقب بالإعدام من سعى أو تخابر أو ألّف العصابة وكذلك من تولى زعامتها أو تولى قيادتها، وهناك جريمة الترويج لتغيير النظام السياسي وهي المنصوص عليها في المادة 160 عقوبات ونصها «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات من روج أو حبذ بأي طريقة قلب أو تغيير النظام السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي بالقوة أو بالتهديد أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة».
السؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ ما الاختلاف بين القانون البحريني وقوانين تلك الدول؟ والآن لم هذه المعايير المزدوجة؟ فهل يحق لشعوبكم أن تحمي دساتيرها وتغلظ عقوبة جريمة تغييرها بالقوة، وحين تُرتكب ذات الجريمة عندنا في البحرين تعتبرونه من قبيل الحق المشروع؟! فهل دساتيرنا وشعوبنا خارج منطقة الاحترام والتقدير؟
خلاصة القول بأننا لن نبالي بمعاييركم المزدوجة ونؤكد بأنه لا يجوز للنيابة العامة ولا لوسائل الإعلام ولا لأي جهة كانت بحرينية أو غير بحرينية تكييف ما حدث على خلاف كونه جريمة محاولة تغيير شكل الدولة الدستوري باستخدام القوة، أو إدراجه قانونياً ضمن جرائم «التعبير عن الرأي» خضوعاً لابتزاز دولي أو لخيانة مواطنين بحرينيين، فذلك إخلال بمبدأ العدالة وظلم للحق العام إن قامت به النيابة أو تغافلت عنه المحكمة الموقرة، وذلك انتهاك لأمن وسيادة الشعوب إن قامت به أية جهة أجنبية.
ونلفت انتباه الجميع بما فيهم المحكمة الموقرة التي تنظر في قضية ما عرف بالخلية الانقلابية أن الحق العام بانتظار إنصافه وبانتظار تحقيق العدالة له.
فقد تعرض الشعب البحريني للترويع والتهديد والتخويف من قبل جماعة حاولت أن تغيّر شكل الدولة الدستورية المتعاقد عليه بين فئات المجتمع البحريني وتغيّر ميثاقها الوطني الذي استفتى عليه 98.4% من شعب البحرين باستخدام القوة وترويع الناس، فلا يجب أن يفلت من العقاب من استهان بكرامة الشعب البحريني واستهان بحقه في تقرير مصيره عبر الوسائل المشروعة.
فالمبدأ يقول لئن كانت دولة القانون لا تقوم إلا بضمان سمو الدستور، فإن هذا الضمان لا يستقيم بنيانه إلا إذا كفل القانون ردع كل ما من شأنه المساس بانتظام وتيرة السير العادي للمؤسسات الدستورية، مستهدفاً بذلك تغيير الدستور بغير الآليات المنصوص عليها فيه، وهو ما جرت به القوانين الجنائية في أعرق الديمقراطيات الغربية.
وعليه نذكِّر السادة السفراء الذين كانوا موجودين أثناء وقوع الجريمة في العام الماضي أو الجدد منهم والذين بإمكانهم أن يسألوا من سبقوهم بما رأوه رأي العين من محاولة لتغيير شكل الدولة الدستوري بشكل مرعب على حد وصف القائم بأعمال السفارة الأمريكية في تلفزيون البحرين، نذكر السادة السفراء أن قوانين دولهم لا تختلف عن القانون البحريني في عقوبة هذه الجريمة.
ولأنهم يطالبون بحضور جلسات محاكمة هذه الخلية، نذكرهم بأنهم لا يحضرون محاكمة مجموعة أفراد كانوا يسيرون في مسيرة سلمية للتعبير عن سخطهم أو تذمرهم أو انتقادهم لأداء الحكومة، بل يحضرون محاكمة مجموعة متهمة بالقيام بجرم شهدتموه بأم أعينكم وصفتموه «بالمرعب والمخيف» من قطع طريق واحتلال مبانٍ وقتل ودهس واستخدام سلاح، بل ومنع بعضكم من التنقل من المطار وإلى مقار عملكم كما ذكرت القائم بالأعمال الأمريكية، فكان الوضع مخيفاً رغم أنكم تتمتعون بالحماية، فما بالكم وحال المواطنين البحرينيين ذلك الوقت؟.
وكلكم تعرفون أن الغرض من استخدام العنف والقوة أعلن عنه بلافتة عرضها نصف كيلومتر رآها الجميع وكتب عليها «إسقاط النظام» أي تغيير شكل الدولة الدستورية، وهذه جريمة نصت عليها قوانينكم وغلظت عقوبتها حتى الإعدام عند بعضكم والمؤبد عند البعض الآخر.
فلا تتساوى اليوم مع حسن نصرالله في قلبه الموازين وازدواجية معاييره، وهو الذي حرم بالأمس على السوريين حرق الإطارات وقطع الطرق وحللها لفرعه البحريني، ولا تتساوى مع مقتدى الصدر الذي حرّم المظاهرات في العراق وحرّض عليها في البحرين، فهؤلاء صنفتموهم أنتم بالإرهابيين، فهل تحول الاتحاد الأوروبي إلى كيان إرهابي مزدوج المعايير مثلهم؟!!