Thursday, May 24, 2012

عبدالناصر.. كل الإخوان في العالم فروع لأصل

حمد الهرمي
الإخوان المسلمون لا يمكن ان ينتهي الحديث عنهم وعن خباياهم فهم مثل جبل الجليد ما يبرز منه ليس سوى الجزء الصغير اما ما يخفونه عن الناس وعن المتعاملين معهم فهو الجزء الاعظم الذي يكمن فيه الخطر، هذا ما يجعل متفحصا مثلي يقضي شهورا طويلة يكتب عنهم، ربما في وقت ما اجمع كل المعلومات التي تتوفر لدي واصيغها في كتاب ثم ابحث عن بلد عربي لم يسيطر عليه الاخوان لأتمكن من نشر هذا الكتاب فكلنا نعرف ان الاخوان هم اشد من يقف في وجه الحريات ويصادر رأي المختلفين معهم ما ان يحصل على القوة والسيطرة على القرار، وليس بعيدا مشهد ميدان التحرير بعد سقوط مبارك حينما رمى الاخوان جميع من كانوا على المنصة ليبقى الاخوان وحدهم عليها وليؤم الشيخ يوسف القرضاوي الصلاة، صلاة نصر الاخوان وحدهم.
على كل حال جمال عبدالناصر كان يعرف هذه النتيجة الحتمية اذ تبجح احد القيادات بانه بإمكانه استيعاب الاخوان او صهرهم في الحالة الديمقراطية ومن ثم احتضانهم كما كان يعتقد انور السادات واهما، حيث اوصله هذا الاعتقاد الى حتفه كما اسلفت وها هو اليوم حسني مبارك يذهب لذات الحتف بدرجة اكثر تعقيدا واكثر تشفيا وتمثيلا بشخصيته، فقط لأنه اعتقد للحظة بأن الاخوان المسلمين تغيروا واصبح بالإمكان احتواؤهم والسيطرة على طموحاتهم عبر منحهم فرصا في مقاعد تناهز المئة من مقاعد مجلس الشعب المصري وتقريبهم من مصادر المال وبعض القطاعات السياسية.
من يقرأ في ادبيات الاخوان المسلمين يعرف ان المرشد العام هو قائد كل الاخوان المسلمين في مختلف العالم يأتمرون بأمره وينصاعون لرغباته وعليهم تقديم ذات الطقوس التي تؤكد على قداسته ما ان يلتقون به، وهذا ما يؤكد ان الفرع الرئيسي للإخوان في مصر اما الاخوان في كل دول العالم ومن ضمنهم البحرين فليست سوى فروع لها فقط حرية التحرك على صعيد وسائل تحقيق الاهداف العامة للإخوان، لكن عليها واجب الانصياع لثوابت الاخوان واهدافهم الكبرى الايديولوجية والسياسية والاقتصادية، فأرجو ان لا يتوهم احد انظمة الدول العربية انه استطاع ان يحل معادلة الاخوان بان يجعل الفرع الذي في بلده ينسلخ او ينشق على الاخوان الأم في مصر، فيكون بهذا الاعتقاد اضحوكة الاخوان المسلمين في دوائرهم الضيقة وحليف وصديق بل وحبيب الاخوان في الدوائر البعيدة التي يعتمد الحزب عليهم في مبدأ خدعة الحرب التي يطلق عليها الشيعة (التقية).
ينقسم الاخوان المسلمين في البحرين الى اقسام عديدة لكن هناك تصنيف عميق ويهمني في هذا المقام ان اذكره وهو تصنيف يقسم كوادر الاخوان المسلمين الى قسمين وهما: الأول الذين يعلمون وهم قلة قليلة جدا وهي تمسك بالقرار وتتواصل مع القيادات الروحية في الفرع الأم في مصر ومعنى يعلمون انهم يعلمون بخطط الإخوان السياسية الكبرى وتم تدريبهم وترقيتهم الى رتب معروفة لدى الاخوان بعد ان يتم امتحانهم امتحانا دقيقا على الولاء والايمان حد تقبيل يد المرشد العام ورجله في جلسات الصفوة.
والقسم الثاني الذين لا يعلمون – بالطبع هم من لا يعلم بالأهداف الحقيقية للإخوان وبرنامجهم السياسي الذي اشبه بالمخطط عن المساهمة الوطنية في كل بلد وهذا ما جعل حزبهم ممنوع لسنوات طويلة في مصر وغيرها من الدول - وهم كثيرون وذلك ما يطلق عليهم في الغرف المظلمة الاتباع او المريدين، وهم في الفكر السياسي الادوات المعزولة عن القرار او التفكير في المصير يتم ربطهم من خلال توفير احتياجاتهم الاستهلاكية الاساسية وهذا ما يفسر ان لدى الاخوان المسلمين في البحرين والكويت وقطر وغيرها من الدول التي يمد الاخوان اذرعهم فيها، نشاطا واضحا على صعيد تجارة المواد الاستهلاكية والبقالات الكبيرة (سوبر ماركت) تتميز بتوزيع (الكوبونات) وغيرها من الاساليب التي تربط الاتباع بصورة دائمة بحيث لا يعود يستطيع ان يستغني عن التيار، فيخدمه بدون تفكير او تساؤل وهذا ما استطيع ان اطلق عليه تحويل البشر الى قطعان فيصبح همهم الاكل والمشرب والنوم، حينها يستطيع (الذين يعلمون) تمرير اهداف وبرنامج عمل تيار الاخوان الاممي وليس الاقليمي عبر اجساد هذا القطيع في كل دولة الذي لم يعد يهتم بجوهر المطالبة بل ينصب اهتمامه على رضا التيار لتستمر (الكوبونات) والمكيفات ومختلف انواع المساعدات التي تسهل الحياة على الاتباع بل تضاعف لهم كلما ابدعوا في التبعية وسدوا آذانهم واعينهم عن الحقائق الماثلة امامهم، واعتبروها مجرد افتراءات من الاعداء على التيار وحسد للقيادات على حصولهم على الاموال والمناصب.
للأسف ان اسلوب الابتزاز هذا في التعامل مع الكوادر الوطنية ادى في المقابل الى اصطفاف للتيارات الاسلامية الشيعية بان قامت بذات النهج حيث طبقوا التصنيف ذاته للكوادر (الذين يعلمون والذين لا يعلمون) واستخدموا ذات الاسلوب الابتزازي عبر البقالات الكبيرة ومحلات التموين، لنجد انفسنا امام صراع طائفي في الشارع دون ان يكون امام احد من الوطنيين العقلاء اي فرصة للدخول في حوار او نقاش مع احد فالقطعان التي ربتها كل الاطراف لا يملكون ادوات الحوار بل هو محرم عليهم تحت تهديد حرمانهم من كل مكاسبهم الاستهلاكية التي اصبحت جزءا لا يمكنهم العيش بدونه او الاستغناء عنه في تسيير شؤون حياتهم.
لا يهتم الاخوان المسلمون او التيارات الاسلامية الشيعية بما وصل له المجتمع البحريني على صعيد فكره من السطحية ونقص الحيلة والتفكير والغوغائية والعنف طالما ان المرشد العام او الولي الفقيه يقول ان الفوضى الخلاقة هي الوسيلة الوحيدة لبلوغ الاهداف الكبرى للتيار الا من حيث يعتقد الاخوان انهم المرشح الوحيد الذي ستلجأ له الانظمة العربية والعالمية للتعامل مع هذه الفوضى والمحافظة على مصالحهم، ليس لشيء سوى ان اهل مكة ادرى بشعابها.