Thursday, May 24, 2012

معركة بلا أسلحة في زمن بلا معجزات

فيصل الشيخ
الإحساس السائد بأن كل شيء يراوح مكانه، لا نعرف ماذا يحمله المستقبل في طياته، وهل هناك مستقبل أصلاً في ظل استمرار الحال على ما هو عليه؟! كتبنا وكتب الكثيرون وقلنا وقال الكثيرون، حتى وصلنا إلى نقطة فاصلة تحتم علينا التساؤل مراراً وتكراراً: ماذا بعد؟! وإلى أين سائرون؟! الجميع بات يعرف الحقيقة الكاملة لما حصل في البحرين، تعرفون علاقة إيران بما يحصل، تعرفون من يخطط وينفذ على الأرض، تعرفون أن الادعاءات والمطالبات بالحقوق والحرية كلها أكاذيب، لأنها أصلاً أمور موجودة لكنها لا ترضي من يريد كرسي الحكم في البلد وهو هدفه الأوحد. نعرف تماماً كيف يتحرك عملاء الخارج، وكيف تعمل “أنصال” الغدر في الداخل والخارج، ونعرف تماماً أن كل ذلك لا يتم إلا عبر تمويل ودعم. يقولون بأنهم هاربون من البحرين خوفاً من العقوبات والقبض عليهم، لكن بخلاف واقع أن الهارب يعاني في حياته خارج حدود بلده، بلا مورد رزق ولا ضمان معيشي، إلا أنهم يعيشون، ويطيرون هنا وهناك، ووضعهم أفضل مما كان عليه حينما كانوا هنا، بالتالي من يصرف ومن يدفع ومن يوفر السكن والمشرب والملبس؟! كلنا نعرف الحقيقة، الأمور باتت مكشوفة على الآخر، استهداف البحرين وتشويه صورتها بات شغلهم الشاغل في كل محفل وتجمع، لا يهم لو أدانت البحرين دول مثل الدنمارك أو السويد أو حتى إسرائيل، المهم هي الإدانة حتى لو جاءت من المريخ. الولايات المتحدة صانعة “نماذج” قادة الانقلاب لديها، زعلتكم بالأمس حينما دانت المولوتوف، لكنه زعل وقتي، لأنها لن تلبث إلا وتحرك المياه من جديد، فإشغال الدول التي لا ترى فيها فرضاً لقوة القانون والسيادة عملية “لهو” محببة للأقوياء، بالتالي لا تزعلوا من بعض مواقف وأقوال القوة العالمية الأولى إن لم تتناغم مع ما تريدون، فهي ليست إلا مناورات كلامية فقط، في حين مازال العمل على تنفيذ برنامج الشرق الأوسط الجديد التي جاءت به كوندوليزا رايس قائماً. دول الغرب أغلبها تحركهم مصالحهم، امنع عنهم الصفقات الضخمة بملايين الدولارات سترى كيف تتغير المواقف. تذكروا المعارض السعودي المسعري وكيف تعاملت معه بريطانيا حينما وصلت الأمور إلى المس بمصالحها مع السعودية. السياسة مستنقع موحل، لا أخلاقيات فيه، ومن يريد العمل فيه ببراءة وهو “على وجهه”، فإن مصيره الحتمي أن يأتي “على وجهه”. إن لم تكن قوياً في عالم يسود فيه الأقوياء فإنك ستكون فقط ورقة يلعب بها على طاولة، ستكون رهاناً إما يكسب اللاعب به أو يخسره ويذهب أدراج الرياح. ما يسمى بالفوضى الخلاقة لن تتوقف موجتها، لأن من ابتكرها أصلاً لم يبتكرها مع سقف لها لتتوقف، سقفه الوحيد هو فرض رؤاه وتحريك أية أدوات تخدم لتوصله للنتيجة النهائية التي حسمها سلفاً. الدول التي تريد أن توجد لها موقعاً من الإعراب، عليها أولاً أن توجد لسيادتها الداخلية موقعاً من الإعراب، عليها أن تتحدث بنفس الخطاب القوي وتقاتل حتى الرمق الأخير، مصير أمة ومستقبل كيان لا يمكن أن يكون على كف عفريت، إن قبلت بك هذه القوى العظمى أو نظيرتها تلك فإنك في مأمن من الشرور والمؤامرات والخطط، وعلى النقيض لو وضعتك في رأسها فإن مصيرك مخيف ومقلق. أحياناً تعجز الحروف عن كتابة المزيد، إذ ماذا سنزيد؟! كل شيء بات معروفاً ومكشوفاً، لن نضيف جديداً إن قلنا بأننا نواجه تهديداً خارجياً، وأن لدينا من خونة الوطن الكثير، ولن نغير شيئاً إن ظللنا نخاطب الدولة والأخيرة لا تتعامل مع الخطر المحدق بها بشيء من القوة. من الغريب جداً الوصول لمرحلة يطالب فيها الناس الدولة بأن تثبت لهم بأنها دولة تمتلك كل مقومات السيادة والقدرة على الدفاع عن نفسها أولاً ومن ثم عن مواطنيها. بالفعل غريب هذا المطلب الشعبي! ألم نقل يوماً أن كل حق دون قوة زاهق وثابت زواله؟! من يتخلى عن أسلحته في معركة ويواجه التهديد بصدر عارٍ، لن ينتهي به الحال للانتصار أبداً؛ فزمن المعجزات انتهى.