Monday, June 4, 2012

شبيح في مهب الريح

محمد مبارك جمعة
النظام السوري بدأ يطبق وعوده السابقة، من خلال تصدير الأزمة إلى لبنان، والزج بالطرفين السني والعلوي هناك إلى الاقتتال، اعتقاداً منه بأن من شأن ذلك أن يخفف من هول المصيبة التي تحاصره من كل جانب، وأيضاً كي يدفع الجيش اللبناني إلى التواجد على الحدود من أجل قطع أي خط إمداد لثوار سوريا، طبعاً تحت غطاء فض الاشتباك بين المقتتلين في طرابلس.
لماذا يرسل النظام السوري شيئاً من شظايا أزمته إلى لبنان، رغم أنه يعد المتنفس المالي الوحيد له؟ الجواب نجده في التظاهرات العارمة والحالة الثورية المتفجرة التي انطلقت الآن من دمشق وحلب، وصاحبتها حركة إضراب لفت أشهر الأسواق التجارية الدمشقية، من بعد مجزرة الحولة، في إشارة إلى أن التجار الحلبيين والدمشقيين قد انضموا إلى قطار الثورة وبدأوا يدعمون الثوار بالموقف والمال، ليقضوا بذلك مضجع النظام الخائف من ضيق الدائرة، وليلقموا من تحدثوا عن عدم دخول دمشق وحلب في الثورة حجراً، وعلى رأسهم حسنين هيكل الذي ناصر نظام الأسد بطريقة التنظير المعتادة التي يقول فيها أنا أعرف وهو لا يعرف.
سحب الدول الغربية سفراءها من دمشق، وطرد سفراء نظام الأسد، وانضمام تركيا فعلياٌّ الى هذا الحراك الذي زاد عزلة النظام عن باقي دول العالم، هو أيضاً من أسباب قيام نظام الأسد بمحاولة فتح جبهة في لبنان، لإحداث قلق وتشتيت الجهود الدولية المنصبة على الوضع في سوريا.
كوفي عنان، المبعوث العربي الدولي لسوريا من أجل تنفيذ المبادرة العربية، قال مؤخراً إن المعارضة السورية تخطت حاجز الخوف، ومن المستحيل أن تتوقف من دون إيجاد حل. أما الجيش الحر، فإنه بات يحقق انتصارات ميدانية فعلية، لا يصلنا منها سوى الشيء القليل.
إلقاء الجيش الحر القبض على عدد من منتسبي «حزب الله» في سوريا، وهم من دون شك ذهبوا لنصرة الأسد ضد شعبه، استمراراً لأجندة الحزب الداعمة لقتل السوريين، من بينهم ضباط مخابرات وعمليات، وحالة الهوس التي أصابت «نصر الله» بعد ذلك، ودفعته إلى التهديد والوعيد تارة، وإلى السلم و«الحب» تارة أخرى، هي أيضاً من أسباب صب جام الغضب والانتقام على اللبنانيين في طرابلس.
جميع هذه العوامل وغيرها الكثير، جعلت الأسد أقرب ما يكون إلى شبيح في مهب الريح، يريد أن ينتصر على شعبه بفوهات المدافع، ويريد نقل أزمته إلى الدول المجاورة، وكلما حاول فعل ذلك عصفت به الريح أكثر.