Monday, June 4, 2012

الطريق إلى الثورة الجديدة

عبدالله الكعبي
يقال إن المصريين في طريقهم إلى إعلان ثورة جديدة إما لتعديل مسار ثورتهم الأخيرة أو لنسف ما جاءت به الثورة من مبادئ ثبت فشلها بعد عام واحد فقط من الإطاحة بنظام حسني مبارك.
المصريون ومنذ يومهم الأول بعد الإطاحة بحسني مبارك لم يستقروا على رأي يمكن أن يعطي انطباعاً حقيقياً على صدق توجهاتهم التي كان من المفترض أن ترسم لهم طريق الحياة الجديدة التي تلي عصر مبارك ونظامه. فالاحتجاجات التي تفهمها الجميع في بادئ الأمر لم تعد اليوم مستساغة خصوصاً بعد أن أصبحت العنوان الأبرز لهذه الثورة التي بالرغم من نجاحها وفي زمن قياسي إلا أنها لم تؤطر بسياسات ولا بأهداف يمكن العمل على تحقيقها في ظل الدولة الجديدة في مصر والتي كان من المفترض أن يكون عمادها العمل والبناء بجانب العدل والمساواة اللذان فقدا في عصر الدولة القديمة.
التذمر والاحتجاج الذي يتلوه اعتصام ومواجهات وسقوط قتلى وجرحى وضياع الأمن والكساد الكبير الذي أصاب الاقتصاد المصري هو أبرز ما جناه المصريون من ثورتهم التي لم تستطع حتى اللحظة أن تعوضهم عن الحرمان الذي عاشوه طوال السنوات الماضية التي استحوذت فيها ثلة من الناس على مقدرات الأمة بكاملها وحرمتها الثروات والخيرات.
المناداة بثورة جديدة يثبت للعالم أن المصريين لم يكونوا على علم بثورتهم الأولى لذا فإنهم سيخرجون من جديد للانقلاب على ما تم حتى الآن وسيكونون في طريقهم إلى إعلان ثورة ثالثة ورابعة إذا لم يعجبهم ما تم في ثوراتهم السابقة وهم بذلك يتشبهون بالعسكر الأفارقة الذين لا يلبث أحدهم في الحكم بضع شهور حتى يتفاجأ بانقلاب جديد يطيح به وهكذا دواليك حتى أصبح الناس تحت رحمة الانقلابات العسكرية التي أدخلت هذه الدول في نفق الحروب التي حصدت الأرواح بجانب الفقر الذي تسببت فيه عجلة التنمية المعطوبة.
الحكم الذي يراه المصريون غير مقبول والصادر بحق مبارك ونجليه بجانب عدم قبولهم بمرشحي جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، هي مؤشرات مبدئية على الضياع الذي تعيشه الأمة المصرية التي أضاعت خط سيرها ولم تعد قادرة على تعديل مسارها سواءً قامت بثورة جديدة أم صبرت على ما جاءها من وراء ثورة يناير 2011.
الأيادي التي تلعب بالشارع المصري كثيرة جداً وهي ذات قدرة عجيبة على تغيير مسار الأحداث بحيث تبدو الأمور طبيعية وغير مشكوك فيها. كما أن إسهام المصريين في ما وصلت إليه الأمور في بلدهم لا يمكن إنكاره أو تجاهله. فمرسي وشفيق اللذان سيخوضان جولة الإعادة وصلوا إلى هذه الجولة بأصوات المصريين أنفسهم، وفشل مرشح الثورة في تخطي الجولة الأولى كان نتيجة فشل الثورة في إقناع الجميع بهذا المرشح أو بالبرنامج الذي وضعه أو بعموم الأهداف التي جاءت بها والتي لم تتحول بالرغم من مضي أكثر من عام إلى برامج عمل تعطي المصريين أملاً في حياة مختلفة عن حياة النظام السابق. لذا فإن تحرك الأمور إلى الأسوأ أصبح أمراً مرجحاً إن لم توضع خطط عملية لوقف هذا الانهيار الذي أصبح ينذر بنتائج أسوأ بكثير من نتائج بقاء حسني مبارك في السلطة.
اعتقد أن الثورة الحقيقية التي يجب أن يقوم بها المصريون الآن هي الثورة على أوضاعهم الحالية التي باتت مطية في يد غيرهم للوصول إلى الأهداف التي لا تخدم المصريين وإنما تزيدهم تأخراً وتخلفاً وعزلة وتذهب بكل الجهود التي بذلت أدراج الرياح.
سواءً اتفقنا مع ثورة يناير أو اختلفنا معها، فإن المنطق يحتم على الجميع العمل للحفاظ على ما تحقق واعتبار أن مشوار التغيير والتعديل طويل وليس كما ظنه البعض في بادئ الأمر أنه مجرد الانتقال من نظام حكم إلى آخر من دون أن يكون هناك تبعات لهذا الانتقال.
الحفاظ على مصر وتاريخها الطويل واستعادة دورها الريادي هو ما يجب أن يوضع في الاعتبار لتفويت كل الفرص على المتربصين بهذا الكيان العملاق وكل من يعمل الآن على هدمه وتفتيته.