Monday, June 4, 2012

يريدون تدمير سوريا

أحمد سند البنعلي
في أحد الجوامع وقف الخطيب يدعو “للشعب السوري” ويدعو على النظام هناك ثم ختم دعاءه أخيرا بدعوة المصلين للتبرع ليس من أجل المحتاجين في سوريا حاليا والذين هم كثر بل في الأساس لتزويد بعضهم بالسلاح والذخائر في مناقضة لما يدعو له الشعب السوري وجبهة التنسيق هناك بجعل الثورة السورية ثورة سليمة من جميع الجوانب.
إيران من جهتها ومعها النظام التابع لها في العراق ومن في معيته من ميلشيات طائفية وعلى الجانب الآخر هناك حزب الله في لبنان، جميعهم يقدموا ما لديهم لدعم النظام السوري ماليا ولوجستيا في وجه المواطن تحت حجة المقاومة التي لم نر حقيقتها حتى الآن من النظام السوري والتي أضحت بمثابة الشماعة التي يعلق عليها النظام في سوريا وغير سوريا أخطاءه وانتهاكه لحقوق المواطن لديه.
وروسيا ومعها الصين وكوبا بالأساس يقفون جميعا ضد أي قرار يتعلق بتضييق الخناق على النظام السوري بحجة وجود عصابات مسلحة يقاتلها ذلك النظام وهي السبب في المجازر التي تحدث بحق المواطن في سوريا متناسين الآلاف من الضحايا الذين سقطوا ومازالوا يسقطون على يد الجيش السوري.
الدول العربية أعلنت عجزها ولجأت إلى الأمم المتحدة بعد أن تخبطت جامعتها العربية في معالجة ما يحدث في سوريا منذ بدايته وتركت الأمر بيد أفراد منها يقررون ما لا يمكن أن يكون حلا للقضية بل يفرشون الأرض لتمهيدها للتدخل الأجنبي كما فعلوا مع ليبيا قبل ذلك ولم تحاول الجامعة استخدام الزخم الشعبي الذي ساد الأرض العربية للضغط على النظام العربي من اجل الشعب السوري بل سارت كعادتها في كنف ذلك النظام دون أي تغيير في مسارها الطويل منذ إنشائها قبل أكثر من ستة عقود من الزمن.
لقد سرقوا جميعهم الثورة وحولوها من ثورة شعبية إلى فتنة طائفية تماما كما يريد لها النظام في سوريا، فإيران والعراق ومن معهم وقفوا دون كلل مع النظام السوري ليس من منطلق المقاومة وتعزيزها كما يدعون ولكن من أجل الطائفة ومنع وصول طائفة الأغلبية السنية إلى سدة الحكم على حساب الطائفة العلوية التي هيمنت عليه طويلا وكتمت أنفاس الشعب هناك، وبعض الدول العربية وقفت مع الثورة ليس حبا في الثورة والشعب السوري المنهك بل ضد الهلال الشيعي الذي رسمته إيران وخططت له منذ نجاح ثورتها عام 1979، ودخلت منظمات المجتمع المدني وبالذات في دول الخليج العربي على الخط وغذت الفتنة بتحويلها علنا إلى صراع طائفي معطية الحجة للنظام السوري في دعواه محاربة الطائفية والخوف من تحول سوريا إلى حرب شعبية قائمة على الفرقة الطائفية أو تحويلها إلى محطة للإرهاب كما يدعي.
الخاسر الأكبر من كل ذلك هو الشعب السوري الذي بدأ ثورة شعبية سلمية حقيقية من أجل الكرامة والحرية وقدم الآلاف من الشهداء حتى الآن وواجه المجازر الواحدة تلو الأخرى من حي بابا عمرو وحتى الحولة مؤخرا وصبر في مواجهة القوة العسكرية للنظام السوري التي تحولت من مواجهة العدو الصهيوني إلى قتل المواطن السوري وأخيرا تأتي قوى طائفية لتسرق ماهية الثورة وتتحول بها من عمل ثوري شعبي من أجل الإنسان إلى فتنة طائفية مقيتة تقتل الإنسان وتشوه صورته وهو بالضبط ما يريده النظام هناك ليطول بقاءه.
ارفعوا أيديكم عن سوريا والشعب السوري وإن أردتم مساعدتهم فقدموا لهم الدعم الذي يساعدهم على مواصلة الصمود ويقوي من عزيمتهم في محاربة الظلم الواقع عليهم فالشعوب لا تنتصر بالسلاح فإرادتها اقوى من كل سلاح ووحدتها أهم من الذخائر والرصاص الذي يقدم لها ولكنه يخترق أجسام مواطنيها.
القائمون على قيادة العمل الجبهوي في سوريا لم يطلبوا السلاح حين شاءت الصدف أن نتحدث مع بعضهم بل كان طلبهم الأساسي هو الدعم الذي يعينهم على تيسير حياة المواطن السوري وجعله قادرا على مواصلة الصمود، هذا ما يريدون وليس الرصاص.