Monday, June 4, 2012

اللعبة الأمريكية.. تمكين الوفاق مجددا

فوزية رشيد
بعد أن سقطت «الوفاق» تماما على المستوى الشعبي، بل على مستوى جزء كبير من الطائفة التي تنتمي إليها، وبعد ان انكشفت ألاعيبها وخفاياها وأجندتها كافة للدول العربية بل للعالم، وبعد ان أصبح هناك اتجاه شعبي غالب لإلغاء مسئوليها وقادتها، الذين اسهموا في صناعة الأزمة من الحياة السياسية البحرينية، ومطالبة الشيعة «باستبدال تلك الوجوه بوجوه شيعية أخرى وطنية» مع مراجعة الدولة أيضا لأسس تشكيل كل الاحزاب السياسية في البحرين، وتطبيق قانون الجمعيات على من خالفه، بل تشريع قوانين تمنع مستقبلا أي جمعية من القيام بما قامت به «الوفاق» والمعارضة الراديكالية بشكل عام من خروق كبيرة أضرت بأمن الوطن ومصالحه العليا وثوابته الوطنية وباقتصاده وتنميته، بعد كل هذا وغيره كثير مما بات راسخا في الوعي الشعبي البحريني ولدى المكونات كافة، من رفض للوفاق وتنصلها من مسئوليتها وعدم القيام بأي واجب والتزام تجاه الوطن، وانكشاف ارتباطها بالخارج سواء كان ايرانيا أو أمريكيا أو غيرهما، وتبني الانقلاب على الدستور وعلى الميثاق عبر العنف والارهاب، بعد كل ذلك تأتي «الوفاق» اليوم وبدفع أمريكي لتسوق نفسها من دون حياء بأنها وحدها المعارضة وباعتبارها المتحدث باسم الشعب لتطلب حوارا مع الدولة وتريده أن يكون ثنائيا ان أمكن كما في السابق، وفي هذا يدفع الجانب الأمريكي الوسيط لتمكين الوفاق مجددا، وتنشيط خلاياها في مرافق الدولة كلها وفي مؤسساتها الدستورية والمدنية، لكأن الادارة الأمريكية تحولت فجأة إلى شيخ قبيلة أو كبير قوم يريد أن يجمع بين رأسين بالحلال «ويا دار ما دخلك شر»، والخشية أن تقبل الدولة باللعبة الأمريكية الجديدة.
ولكن الدار دخلها شر كبير، وأكبر الشرور هو خيانة أصحاب الدار، و«الوفاق» تعرف جيدا أن (دورها الوظيفي في البحرين) ومهما طال الزمن هو إدارة الانقلاب على الدولة وعلى الدستور وعلى الميثاق وعلى المواطنين ككل بوجهين يكمل أحدهما الآخر: الأول: (الادارة السياسية)، والثاني: استغلال الشيعة أنفسهم كحطب لإشعال نار (إدارة الارهاب في البحرين)، ويعتقد السيد (أوباما) وهو في ذروة انشغاله بالانتخابات الرئاسية القادمة ان تهدئة النيران مؤقتا، وتلميع «الوفاق» للدولة مجددا، كفيلان اليوم بأداء المطلوب استعدادا للجولة القادمة ودائما تحت مسمى الديمقراطية والاصلاح.
من أجل هذا غير مستغرب أن يسيل اليوم مجددا اللعاب الأمريكي بمعسول الكلام مرة، وبالتهديد المبطن مرة أخرى، في اسلوب التعامل مع الدولة البحرينية وقادتها، فأمريكا قد قامت بالدور الأول «معسول الكلام» وإطراء الديمقراطية والاصلاح في البحرين قبل عشر سنوات حتى تنفتح الأبواب أمام المعارضة الراديكالية لممارسة فحوى (الديمقراطية الفوضوية) وصولا إلى الدوار، وسحب الاسطول الأمريكي من مكانه في الخليج لاعطاء الفرصة للحليف الجديد «الايراني» فرصة الانقضاض على البحرين حتى كشف الله السر والستر والخبايا وبانت العورات، وفشل مخطط الانقلاب، واليوم لا بأس مجددا بلبس القناع القديم ولعب دور الحليف الصديق والصدوق، والنصح مرة والضغط عبر المنظمات دائما (من أجل إعادة تسويق المعارضة الراديكالية المرفوضة شعبيا) إلى ساحة الحوار المنفرد مع الدولة مع الابقاء على ذات الوجوه الوفاقية اللاعبة والمرفوضة جملة وتفصيلا من مكونات الشعب، فبعد فشل الانقلاب يصبح هذا هو الحل الأمريكي ـ الوفاقي الذي يضمن تقوية الوفاق مجددا والرهان عليها ايضا مرة اخرى كحصان أمريكي ـ ايراني مزدوج أو كعميل مزدوج حسب رواية أخرى رغم أن المطلوب شعبيا وبشكل لا ممالأة فيه، هو «حل جمعية الوفاق» أو تجميدها بعد كل ما ارتكبته في حق الوطن وكغطاء شرعي للانقلابيين، وحصار قادتها ونيلهم العقاب كما يستحقون.
ومن ثم ان تقوم «الطائفة الشيعية» بابراز وجوه وطنية حقيقية، لا تضع الحزب فوق الوطن، ولا تضع المرجعية فوق كل شيء، ولا يكون ولاؤها لغير البحرين، ولا تمارس كل أنواع الكذب والتشويه والإساءة إلى بلدها، ولا تكون صدى للصوت الايراني المريض بالاحلام والاوهام، ولا تستقوي على بلدها بالدول الأجنبية، أي (معارضة شيعية وطنية صحيحة) تطالب بالمطالب كغيرها مقرونة بأدائها لواجبها الوطني ومسؤولياتها تجاه شعب متعدد الأطياف والمكونات، وتجاه نمو وتطوير الوطن.
البحرين ليست بحاجة إلى (الديمقراطية الفوضوية) تحديدا التي تريد الولايات المتحدة إلباس بلادنا بعباءتها، ولا تحتاج إلى فئة تدعي كونها معارضة، فيما هي تمارس الانقلاب على الدستور وعلى الدولة بإدارة العنف والارهاب.
وعلى السيد (أوباما) ان يدرك ان الحوار في أجواء الخيانة المستمرة وأجواء العنف والارهاب وبعلم أمريكا بذلك هو حوار غير مطلوب لأنه يمثل مكافأة للخونة، ولأن أوباما يدرك ذلك جيدا، فإن إدارته تضغط من أجله، فيما الشعب البحريني بغالبية مكوناته الذي أدى دورا بطوليا في إفشال المخطط الكارثي الذي اراد استنساخ النموذج العراقي الذي سيبقى وصمة عار في الجبين الأمريكي، هذا الشعب يريد «إسقاط الوفاق» كآلية عمل لا تنطبق عليها صفات العمل السياسي الحر والوطني، لأن عملها مرتبط بالمرجعية الديكتاتورية التي تريد فرض أجندتها العميلة لإيران على البحرين وشعبها.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية تريد الديمقراطية والاصلاح كما تدعي للبحرين، فعليها ان تكف عن دعم المعارضة الشيعية الراديكالية، وعن التدخل الضاغط على شؤون البحرين الداخلية، وان تدع المنجزات الاصلاحية تتنفس شيئا من الهواء النظيف، بعيدا عن استراتيجيتها ومخططاتها وتحالفاتها السرية مع «الوفاق» أو مع إيران ومن تحت الطاولة، كما في العراق، فالأمور باتت واضحة تماما، ولا نعتقد أن الولايات المتحدة بحجم ما تملكه من قنوات استخباراتية واستراتيجية تجهل ما يحدث في البحرين، فأنتم تعوقون ديمقراطيتنا وإصلاحنا ومنجزاتنا بدعمكم السخي لمثل هذه الجماعات الراديكالية، وشعبنا يعي ذلك جيدا، وخاصة أنكم تلعبون مرة على هذه الراديكالية الشيعية ومرة أخرى تعملون على «صناعة التذمر في البحرين» في الأوساط السنية، وبعدها تريدون تصديق أنكم دعاة ديمقراطية وإصلاح وان البحرين حليف أساس.. لماذا؟ هل لتسهيل مخططاتكم فيها، وتسهيل التلاعب بمصير شعبها من خلال حصانكم الطروادي «الوفاق»؟
والسؤال الأهم: ما موقف الدولة من كل ذلك.