Saturday, June 9, 2012

حسن نصر الله والثورة السورية.. صلافة بلا حدود

داود البصري
يبدو أن البعض وبواقع الإفراط في حسن النية يحاول المراهنة على الوهم وانتظار حصول معجزة ما قد تقلب مواقف حزب الله المؤيدة تأييدا مطلقا ومبرما للنظام السوري، وهو تأييد لن يتغير او تتزعزع ثوابته مهما كانت الظروف والأحوال، ومهما بلغت حجم الضغوط على ذلك الحزب الطائفي الصفوي الذي هو نتاج العقلية والسياسة الإيرانية في العالم العربي وهو بالتالي فخر الصناعة الآيديولوجية الإيرانية وامتداداتها في الشرق القديم. ففي الذكرى السنوية الثالثة والعشرين لوفاة الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني والذي رحل عن دنيانا في 5 يونيو 1989 جاءت كلمة أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله والتي كان ينتظرها مناضلو الشعب السوري بأحر من الجمر لكونها ستتضمن الرد والجواب على المطالبة السورية الشعبية بموقف إدانة صريح من حزب الله لمجازر النظام السوري البشعة والتي كانت جريمة (الحولة) في ريف حمص واحدة من أشدها وقعا على النفس البشرية، لتكون ليست مخيبة للآمال فقط، بل كانت تلك الكلمة الوقحة بمثابة إصرار فج وأهوج على المضي بعيدا في تأييد سفاح الشام ومباركة جرائمه البشعة بل والاصطفاف المصيري معه لدرجة إعلان الحرب دفاعا عنه وهو يخوض (معركة المصير الواحد) الحاسمة. فقد جاءت كلمة نصر الله لتكون متهكمة وتحمل جرعات هائلة من الحقد الموجه وبابشع صيغه الطائفية ليكشف عن الروح الصفوية الحقيقية العدوانية التي لم تستطع التخفي طويلا تحت قناع ما يسمى بالمقاومة والممانعة، فالسيد يهدد المعارضة السورية بالحرب وهو تهديد تم تنفيذ جوانب عديدة منه ميدانيا، فميليشيات شبيحة النظام السوري تضم أعدادا لايستهان بها من مقاتلي الحزب وبدعم وتمويل ورعاية وتنسيق مع قيادة الحرس الثوري الإيراني التي تعتبر المعركة في الشام مسألة مصيرية وحاسمة للنفوذ والتمدد الإيراني في الشرق القديم، فالهزيمة في دمشق تعني أساسا نقل المعركة للعمق الإيراني وحيث سيستكمل الشعب الإيراني تشكيل التحالف الشعبي الثوري وسيعيد صياغة ربيعه الثوري بدافع معنوي قوي لن يعرف التراجع والنكوص، فهزيمة الطغاة هي حالة تراكمية مستمرة وهي عدوى ثورية لا تعرف التراجع أبدا. موقف حسن نصر الله العدواني من الثورة السورية هو حالة مبداية واستراتيجية ليست خاضعة لأي مساومة أو تغيير فمصير نظام بشار الأسد مرتبط أساسا بمستقبل ومصير حزب الله ومجمل المنظومة الإيرانية الطائفية في الشرق الأوسط، وهو بالتالي ليس على استعداد لتغيير موقفه ولو ببوصلة واحدة، فالقرار الإيراني الاستراتيجي لا يسمح أبدا بمثل ذلك التحول، وبرغم إرهاصات نصر الثورة السورية والتي أضحت حالة مستقبلية واضحة لا تقبل التأويل. فإن عدوانية حزب نصر الله لن تتراجع أبدا و لن يقر الحزب بخطأ خياراته لأنها خيارات ذات اتجاه واحد فقط لاغير وهو الاتجاه الهادف لقمع واستئصال الثورة السورية ومحاولة احتواء المطالبة الشعبية السورية بالتغيير لصالح مشروع التطبيع مع النظام واستمراريته وبتقديم تنازلات صورية لن تنفع أبدا في حلحلة الأزمة الشعبية، حزب الله مستعد للذهاب لأبعد المديات في محاربة التغيير في سوريا بل إنه في حالة اندلاع الحرب الأهلية الكريهة والمرفوضة شعبيا لا سمح الله وفقا لتخطيط النظام السوري سيلعب دورا محوريا ومركزيا ومباشرا في تلك الحرب القذرة بل إنه سيعمل على توسيع رقعة الفوضى الإقليمية ونقل ساحة المعركة للساحة اللبنانية ذاتها ولو عبر إعادة صفحات الحرب الأهلية الكريهة البشعة. لقد كانت كلمة نصر الله تحمل أبعادا هائلة من الحقد والكراهية والسخرية والتهكم واللؤم وهو ما يميز أخلاقيات من يتضامن مع النظام السوري المجرم ويرى رؤيته القاتلة، حزب الله لن يتراجع عن غيه أبدا لأنه أساسا لا يمتلك سوى خيار الوقوف حتى النهاية مع قتلة الشام، فرحيلهم يعني انكفاءه ورحيله وانحساره عن مسرح الأحداث وخروجا قاتلا من التاريخ، من يتصور بإمكانية انقلاب حزب الله على إلهه الإيراني أو معلمه السوري إنما يراهن على الوهم المطلق.. لقد حسم حزب خدا مصيره وخياره النهائي وهو الحرب على قوى الحرية السورية مهما كانت النتائج.. وقد أعلنها بصفة خبيثة ولئيمة الرفيق حسن نصر الله!! وهو خيار ستكون له نتائجه الاستراتيجية الكبيرة والمؤثرة...