Saturday, June 9, 2012

سورية وأزمة الضمير العالمي

الوطن أون لاين
يتألم الناس من موت الضمير العالمي أمام المجازر التي يرتكبها نظام بشار في سورية، وآخرها مجزرة القبير بريف حماة أول من أمس.. يتألم الرأي العام، خاصة في العالم العربي، من حمامات الدماء التي لا تتوقف، من تلك الوحشية العبثية في القتل والتدمير، والتي لا تفرق بين مدني وعسكري، بين طفل وامرأة وشيخ وشاب.. هذا الألم الشعبي هو ما يجب أن يكون ما دام الإنسان حيا.. ولكن الأمر على المستوى السياسي مختلف.. فالسياسة على مر التاريخ هي لغة الواقع والقوة والمصلحة والحسابات المعقدة للنتائج المستقبلية على كافة المستويات.. هي فن الممكن، وفن إدارة الأزمات، وهي لعبة التوقعات أيضا بين الخصوم المتوازيين، السياسة تتضمن في طبيعتها أيضا فن المناورة وعدم المغامرة، والخوف من الخسارة، فالأزمات التاريخية تمثل أحيانا منعطفات حادة لصعود قوى سياسية وأفول أخرى.
لا يمكن للسياسة أن تتحرك من دوافع أخلاقية وقيمية على الإطلاق، ولو حاولت فعل ذلك لكان الفشل حتما مصيرها. من هنا فإن من يعول على أي تدخل على الأرض لإنهاء الأزمة السورية قد يكون مخطئا، فهذا التدخل لن يكون إلا بشبه إجماع دولي، وعندما نقول دولي فإن القوى الكبرى في العالم هي التي تتصدر المشهد، وهو الأمر شبه المستحيل فيما يتعلق بالوضع السوري الراهن، وذلك من خلال قراءة المواقف والمعطيات.
المشهد الداخلي في سورية وصل حد المفاصلة ونقطة اللاعودة بين النظام والشعب؛ وأي تسوية لهذه الأزمة تستوجب إنهاء النظام هناك، وهنا بيت القصيد، أولا: في الآلية أو الكيفية التي يتم عن طريقها القضاء على هذا النظام الوحشي، وفي الجهة الدولية المخولة بالتدخل العسكري، ثانيا: في الحسابات والنتائج المتعلقة بالمصالح الدولية مع هذا النظام، وهي الإشكالية الحقيقية التي تستدعي القوى العظمى والدول الإقليمية للتوصل إلى اتفاق بشأنها.. ولو استثنينا إيران فكيف يمكن لروسيا خاصة؛ والصين وأميركا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي؛ بالإضافة إلى تركيا والدول العربية الفاعلة التوصل إلى صيغة يقبلها الجميع ولو على مضض لإنهاء الأزمة السورية التي لن تنتهي إلا باقتلاع النظام من جذوره؟ وفي حال أقدم المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا على خطوة استثنائية بالتدخل العسكري في سورية فما هي التداعيات وردود الأفعال من المعسكر الآخر روسيا والصين وبعض القوى الإقليمية في المنطقة كإيران؟
نظن أن الأزمة السورية لم تكشف عن أزمة مقابلةٍ لها في الضمير العالمي وحسب؛ وإنما عن انسداد سياسي خطير لا يعلم عواقبه إلا الله.