Saturday, June 9, 2012

أكاذيب وأوهام إيرانية بين الواقع والخيال

احمد المرشد
احيانا تمر الايام على الكاتب ولا يجد ما يكتبه لقرائه في مقاله الاسبوعي، واحيانا اخرى تتكاثف الافكار في ذهن الكاتب في لحظة واحدة ويصبح حائرا من كثرة الافكار التي تتطلب البحث والتدقيق والتحليل.. وخلال الايام الماضية كنت من اصحاب المجموعة الثانية، فالأفكار والاحداث غزيرة بلا شك، مذابح في سوريا وتعامي المجتمع الدولي عما يجري هناك وبشار الاسد يستأسد على شعبه المسكين، وتطورات لبنان لم تكن باقل سخونة من سوريا، والعراق لم يكن بعيدا عن المشهد المأساوي بقتلاه واشلائهم في مقر الوقف الشيعي والخلافات المستمرة بين اقطاب الحكم الذين لا هم لهم سوى بيع العراق لجيرانه وليس مهما مصلحة الشعب ومستقبله، اما مصر فلم تكن باقل سخونة بعد اصدار الحكم على الرئيس السابق حسني مبارك والذي جاء على غير هوى البعض لنرى من جديد المليونيات في القاهرة وكأن هذا المشهد لا يستطيع ان يختفي من مصر ما بعد الثورة. اعتقد ان كل هذه العناوين رغم اهميتها لم تستوقفني كثيرا ومررت عليها بسرعة، بعدما وجدت بالصدفة وانا ابحث في العالم الافتراضي – الانترنت – عن اخبار ايران واحداثها. والصدفة وحدها هى التى قادتني الى ما سأتحدث عنه، ويتعلق بأكاذيب واوهام صرح بها مسؤولون ايرانيون لوفد من صحفيي مصر كان يزور ايران خلال الفترة الماضية. وقد اهتمت كل الصحف والمواقع المصرية بنقل تلك التصريحات تقريبا، خاصة وان صحفيي الوفد قابلوا اكثر من مسئول ايراني ما بين ديني وسياسي، ويبدو جليا ان طهران استفادت جيدا من المهمة الصحفية وملأت ادمغة الصحفيين بما تريده من معلومات، وتحدث مسئوليها معهم وكأن ايران دولة محايدة ولا تتدخل في شؤون الدول المجاورة وغير المجاورة. فالمسؤولون الايرانيون تمادوا في رسم صورة وهمية وكاذبة عن بلادهم امام الوفد المصري ، وكان الغرب حاضرا بالطبع في ذهن الايرانيين وهم يتحدثون للصحفيين المصريين، فهو يسعي دائما للتفريق بين العرب وايران، ويبث التفرقة والفتنة بين الطرفين لتبدأ الصراعات ثم يعلن عن استعداده للتدخل تحت مظلة عملية التسوية وحل المشكلة في حين ان غرضه هو تقسيم دولها والسيطرة على شعوبها. هذا ما قاله الايرانيون، ولكنهم ربما نسوا ان الجانب العربي او الخليجي لم يخلق المشاكل، وانما ايران هى المحرضة دوما على الكراهية، فهي التى تستغل قدراتها للنيل من وحدة منطقة الخليج وتهديدها دائما بإحراقها مع اشعال مضيق هرمز لوقف صادرات النفط الخليجية الى الخارج. ربما التزم الاعلاميون المصريون بنقل احاديث المسؤولين الايرانيين بحذافيرها التزاما منهم بالمعايير الصحفية وعدم التدخل فى التصريحات بالتحليل، وانما من واجبنا نحن اصحاب منطقة الخليج تحليل تلك التصريحات الفارغة من منطلق اننا سكان تلك المنطقة التى تريد ايران اشعالها وبث الفرقة بين مواطنيها. فمثلا عندما يدعي الرئيس الايراني احمدي نجاد ان الشعب الايراني لا يريد ان يفرض نفسه على احد وان بلاده لا تتدخل في شؤون اية دولة بالمنطقة، فهنا يجب ان نتوقف لحظة ونقول له او نسأله بمعني ادق:» من المسؤول عن مشكلات الخليج، في البحرين والسعودية والكويت.. واخيرا ما يجري في اليمن؟».. ألم تكن ايران هى صاحبة الايدي الخفية في القلاقل التى نشهدها هنا وهناك، ام ان ايادي اخرى تلعب في الخفاء؟ . ولذلك لن نصدق ادعاءات نجاد الذي يكذب ويقول ان دول المنطقة تتصارع فيما بينها علي واحد من الف من تعاليم الدين الاسلامي واوامر الرسول عليه الصلاة والسلام، وبالتالي لابد من من ان نقف متحدين! اي اتحاد يتحدث عنه نجاد والايرانيون، وهم يسعون الى احتلال مناطق الغير ويدعون زورا وبهتانا بان منطقة الخليج هي ملك لهم وان التاريخ والخرائط يؤكدان هذا. ثم اي اتحاد يتحدث عن المدعو نجاد وبلاده لا تتركنا في حالنا، ثم يدعي ان بين ايران والعرب صداقة تجمع دول المنطقة وان ايران تمد يدها لكافة الاخوة وعلى اتم الاستعداد لاجراء حوار مع اي دولة اذا طلب منها ذلك. ربما كنا صدقنا نجاد اذا تحدث عن كيفية الاستفادة من ثروات وخيرات المنطقة ووضع استراتيجية محددة لخدمة اهداف ومستقبل شعوبها، ولكنه لم ولن يفعل، لان فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المثل الشائع. ونترك نجاد الى اكاذيب من نوع اخر صاحبها هذه المرة هو المدعو علي اكبر ولاياتي وزير خارجية ايران الاسبق، فهو يكرر نفس ادعاءات رئيسه مع اضافة الحبكة الدرامية عليها، معتبرا الشعوب الخليجية لا تقرأ ولا ترى، فهو عندما يتحدث ببراءة عن امكانية ازالة اسباب التوتر بين ايران والاقطار العربية، يعتقد أن هناك من سيصدق كلامه. وعندما يدعي ايضا ان بلاده ترتبط بعلاقات حميمة مع بعض الدول العربية وان طهران غير مسؤولة عن اثارة التوتر او النزاعات او الخلافات فيما بين الدول العربية او داخل حدود الدولة الواحدة، يعتقد ايضا اننا سنصدقه. ثم يعود الى النغمة المستفزة عندما يتهم الغرب بالسعى دائما الى بث الفتنة والفرقة بين ايران والعرب!!. وإذا ما حللنا أكاذيب ايران بشأن الثورات العربية والتي تعتبرها ربيعا بحق، فأي حق اعتبرته حق فيما يجري في سوريا بانه مجرد مؤامرة ضد طفلها بشار الا سد الذي دخل مرحلة حرق سوريا من اجل مصلحته فقط. المثير للدهشة ان الايرانيين يدعون وقوفهم مع الشعوب العربية، ثم فجأة ينسون هذا الكلام اذا جاء الحديث عن سوريا، فتنقلب تصريحاتهم فجأة، ويعتبرون ما يجري هناك بان مجرد اقلية تحاول الجور على حقوق الاغلبية. وأنا وغيري من الغيورين نوجه سؤالاً للنظام الايراني الذي لا يكف عن ترديد الاكاذيب: «كيف تدعون وقوفكم مع رغبة الشعوب لتحقيق الحرية والعدالة، وبعد ذلك تتجاوزون عن ما يجري في سوريا عندما يريد الشعب نيل الحرية والعدالة؟».. مجرد تساؤل لن يجيب عليه النظام الايراني المراوغ، فالإيرانيون منشغلون فقط بتحقيق مصالحه اولا واخيرا فيما بينهم واصلاح نظامهم المتهاوي من الداخل وحل الصراعات والفساد داخل ايران .. وسؤال ربما يكون قبل الاخير:» لماذا يرفض الايرانيون التحكيم الدولي للفصل في ملكية الجزر الاماراتية المحتلة؟».. ونصل الى السؤال الاهم:» لماذا يواصل الايرانيون بث الفتن والتحريض داخل البحرين للتفريق بين شعبها الذي لا يريد سوى سلاما واستقرارا؟». اعتقد ان الايرانيين امامهم ردحا من الزمن لكي يردوا على هذه الأسئلة.