Saturday, June 9, 2012

بين الصدر والمالكي وطالباني

مصطفى زين
يخوض معارضو رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ومعهم أنظمة دول مجاورة، معركة صعبة لإقالته وتحويل التوجهات السياسية العراقية وإزاحة الحلقة التي تربط إيران وسورية. وتخفف تأثير طهران في محيطها الخليجي. يعرف الجميع أن دون هذا الهدف الإستراتيجي البعيد المدى عقبات كثيرة، أهمها التحالفات الداخلية بين المكونات الإجتماعية العراقية التي تحولت إلى كيانات سياسية تحكمها توازنات دقيقة. أي خلل فيها قد يؤدي إلى حرب أهلية.
يعتمد مناوئو المالكي على حليفه السابق مقتدى الصدر الذي يتنازع معه الزعامة، وقد أصبح خصمه، ويطالب مع الآخرين بإقالته، ويتهمه بالتفرد بالسلطة. وللخلاف بين الرجلين أسباب بعضها قديم، وبعضها استجد خلال فترة حكم المالكي الأولى، عندما شن حملة على أنصاره ومسلحيه في مدن الجنوب، وزج المئات منهم في السجون. وما زال يذكر بهذه الأحداث كل من يتهمه بالطائفية، خصوصاً الذين يأخذون عليه تحريك القضاء لإقصاء نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.
لكن على رغم موقفه المتصلب ضد المالكي، وعلى رغم تعهده لحلفائه الجدد الإستمرار معهم في سعيهم إلى إقالته، مخالفاً بذلك رأي مرجــــعه كاظم الحائري الذي أفتى بعدم جواز وصول علماني إلى رئاسة السلطة، يبقى الصدر في دائرة التحالف مع إيران، وتبقى خلافاته مع الآخرين في إطار السياسة الداخــــلية، وبعضهم يضعها في إطار الخلاف الشخصي مع المالكي، والمنافسة على زعامة «التحالف الوطني»، خصوصاً بعدما هَمش عمار الحكيم، وأعاد أحمد الجلبي إلى حجمه الطــــبيعي داخل هذا التحالف، وأظهر قوته الشعبية، معتقداً أنها تتيح له الحصول على حصة أكبر في السلطة.
وأمام مناهضي المالكي عقبة أخرى لإقالته والتحول بالسياسة الخارجية العراقية من التحالف المتين مع إيران إلى التحالف مع خصومها، او إلى الحياد في أقل تقدير. وتتمثل هذه العقبة بالرئيس جلال طالباني وحزبه. لطالباني حساباته الكردية الخاصة، منطقة نفوذه محاذية لإيران، وهو حريص جداً على عــــدم معاداتها.
ويعتقد بأن صداقته معها تتيح له مجـــال المناورة في صراعه مع الزعيم الكردي الآخر مسعود بارزاني المتحالف مع تركيـــا، والذي استطاع طوال سنوات الإحتلال الأميركي تثبيت زعامته والإمساك بزمام الأمور في كردستان، فيــــما شهد حـــزب طالـــباني انشقاقاً قاده الرجل الثاني نوشيروان مصطفى الذي يتزعم المعارضة الكردية الآن.
التحول بالسياسة العراقية من التحالف مع إيران إلى الخــــصومة معها، أو إلى الحياد، يحتاج إلى أكثر من استقطاب الــــصدر ضد المالكي، وأكـــــثر من إقناع طالبــــاني بالوقوف إلى جانب معارضيه، فحتى لو تم ذلك واستطاع مناوئو المالكي إقـــالته، ستبقى التحالفات والتوازنات الداخلية حائلاً دون انتهاج بغداد سياسة مستقلة عن المحيط.
مرحلة صدام حسين لن تتكرر في العراق.