Sunday, June 3, 2012

الأسد والقذافي.. زنقة زنقة

صلاح الجودر
لا تقل مجزرة الحولة التي ارتكبها النظام السوري قبل أيام عن المجازر التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني واللبناني، دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشتيلا وقنا وخان يونس والمسجد الأقصى وجنين وغيرها كثير، مجازر ارتكبت في حق الإنسانية، واليوم يتحدى النظام السوري الربيع العربي الذي أطاح بأربعة رؤساء عرب في عام واحد (تونس ومصر وليبيا واليمن) ليرفع من عدد المجازر والمذابح. مجزرة أو مذبحة الحولة كانت الأبشع من تلك المجازر الوحشية، وسبب بشاعتها وقسوتها أنها تأتي من نظام عربي لم يتعظ لما جرى حوله في الدول العربية التي هبت عليها رياح التغير، ولربما أكبر شاهد على ذلك هو مصير الرئيس الليبي معمر القذافي حينما اختار الاختباء في أنبوبة تصريف المجاري مع أنه كان يتوعد الشعب الليبي بالإبادة الجماعية حينما قال مقولته المشهور: دار دار، وزنقة زنقة!!. 108 اشخاص هم ضحايا مجزرة الحولة السورية، بالإضافة إلى الآلاف من البشر الذين يعانون من الإصابة والتهجير والمطاردة، المجزرة التي أبكت العالم بأسره ولم تدع مجالا للأمم المتحدة ولا منظمات حقوق الإنسان من تبريرها كما كانت تفعل في السابق، فصور الأطفال والنساء والرجال أكبر من أي محاولة لتبرئة ساحة بشار الأسد. النظام السوري إلى الآن لم يطبق النقاط الست في مبادرة الأمين العام السابق للأمم والمتحدة كوفي عنان والرامي لوقف سفك الدماء بسوريا، فعام كامل والشعب السوري يعاني من النظام السوري الجاثم على صدره رغم المبادرات الكثيرة، فلا حرية ولا ديمقراطية ولا مشاركة شعبية، وإنما القوة والبطش وإسالة الدماء، فعام كامل دون أن يتحرك المجتمع الدولي للتخفيف عن الشعب السوري، ومع ذلك نجد الشعب السوري صابرا ومصمما على التغيير بأي ثمن، فالنظام السوري في نظره قد انتهى ويجب عليه الرحيل، وليس هناك من مخرج سوى بمواصلة النضال لتقرير المصير. الأنظمة القمعية هي التي لا تستجيب للنداءات الدولية ولا المنظمات الإنسانية، بل تتمسك بخيار القوة والقمع، وما مجزرة الحولة إلا صورة أخرى لغطرسة النظام السورية، فرغم المبادرات التي قدمت للنظام السوري إلا أنه ينشد الحلول القمعية، فما يقوم به النظام السوري إنما هو في طريق تمزيق الوحدة الوطنية السورية، وتحشيد المجتمع ضد بعضه البعض من إيصالهم إلى الصراع الطائفي والمذهبي البغيض، فالنظام السوري بدأ يتخبط في العلاجات، ويترنح في الخروج من الأزمة، حتى أصبح معزولاً عن حلفائه في المنطقة ما عدى إيران وبعض الأحزاب العراقية واللبنانية التي تصفق له في مآتم العزاء على شهداء الحولة. ما جرى في المنطقة العربية من تغيير عبر الربيع العربي كان ظاهرة صحية لبعض الأنظمة القمعية لما تتعرض له تلك الشعوب من اضطهاد، فشرارة تلك الثورات رافقها عناد وإصرار من الأنظمة الاستبدادية على القتل والتصفيات الجسدية، فما يجري في سوريا هو أحد الفصول التي تزيد الخناق على النظام وتلف الحبل حول عنقه!. نظام بشار الأسد ليس جديداً في عملية التصفية والإبادة الجماعية، فهو نهج متوارث، فقد ارتكب والده الرئيس السابق حافظ الأسد الكثير من المجازر، فأحداث مجزرة حماة في عام 1982م حينما اقتحم الجيش السوري المدينة وأباد أهلها لأكبر دليل على وحشية هذا النظام، فقد كان عدد ضحايا حماة عشرات الآلاف، وقد فرض النظام حينها تعتيماً إعلاميا على المدنية من أجل طمس الحقيقة التي تتحدث عن أرقام خيالية في الإجرامية. ما يتعرض له الشعب السوري من تصفيات وإبادات جماعية جعلت النظام السوري في قفص الاتهام، فقد كانت مجزرة الحولة هي القشة التي قصفت ظهر الأسد!، فما تعرض له أبناء الحولة من تصفيات وإبادات جماعية كشف عن عقلية قمعية، فهو مازال يفكر بنفس العقلية البالية، فهذه المجزرة كشفت عن الحقيقة التي عليها النظام السوري والذي ليس له شبيه بالمنطقة سوى النظام الإيراني الرازح على صدور الإيرانيين. عدد الضحايا في سوريا قبل مجزرة الحولة بلغ خمسة عشر ألفا بالإضافة إلى المصابين والمهجرين والمبعدين، فالنظام السوري يرفض أن يستمع إلى صوت العقل في الداخل والخارج، وسعى من أجل تعزيز أركان النظام بنشر شبيحته في كل مكان، فمجزرة الحولة عجلت برحيل الرئيس الأسد ولم يتبق له سوى بعض الصور في الشوارع الداخلية لدمشق، وبعض المليشيات من حزب الله وجيش القدس الإيراني ومليشيات القتل العراقية والشبيحة السوريين الذين يهتفون باسمه: للأبد أحنا شبيحتك يا أسد!!.