Sunday, June 3, 2012

مباركة دولية لذبح الشعب السوري

داود البصري
بعد أكثر من عام ونيف من عمر الثورة السورية، وبعد تكلفة دموية غالية وعالية لم يسجل ما يشابهها أو يقترب من حافاتها في تاريخ ثورات شعوب الشرق القديم، وبعد ضحايا تجاوزت الآلوف من الشهداء والمشردين والمعطوبين، وبعد سلسلة من الألاعيب الإقليمية والدولية التي مددت لجرائم النظام السوري وأعطتها فرصة رائعة لالتقاط الأنفاس ومواصلة تنفيذ مخطط الإبادة الشامل كموضوع المراقبين العرب الذي ولد ميتا رغم أنه استنزف وقتا ودماء ثم أتبعه ملف المراقبين الدوليين وقائدهم النرويجي الجنرال روبرت مود الذي تحول لشاهد عار على جرائم نظام يأبى أن يتراجع عن غيه، ويستغل كل الظروف والوقائع للانتقام من الشعب الثائر ولتنفيذ سيناريوهات الموت المعدة سلفا في خلية أزمات المخابرات السورية. حدثت الجريمة الجديدة في ريف حمص الثائرة وفي منطقة الحولة والتي قتل خلالها عشرات السوريين من الأطفال والنساء وأمام عيون المراقبين الدوليين الزرقاء والخضراء والسوداء، حتى تحول أولئك المراقبون لمجرد عدادات تحصي عدد الشهداء والضحايا وتوثق بالأرقام انتهاكات النظام السوري ولكن دون الجرأة ولا الضمير ولا الشجاعة على تحديد المسؤول الأوحد عن تلكم الجرائم والتي يمارسها شبيحة النظام وفرقه القذرة الطائفية الخاصة بأساليب هي مزيج من الخبث المتوارث ومن الروح الحاقدة التي تميز سياسة قادة النظام الاستخباري السوري في التعامل مع القضايا الساخنة، لم يعد مقبولا أبدا الإتكاء على رواية العصابات المسلحة الوهمية التي يختفي خلف ستائرها النظام المجرم والخبير في تقنية الموت وسياسات التمويه والخداع والالتفاف على كل القرارات الدولية المائعة التي ما عادت تفيد في شد أزر الشعب السوري الذي يواجه حرب إبادة منظمة من النظام المحمي جيدا من حلفائه في موسكو وطهران وكل طرف خبيث يتضامن مع ذلك النظام القاتل الذي شارفت ملفات جرائمه على الانطواء. لقد مارس النظام المجرم سياسة الانتقام تزامنا مع المحاولة الجريئة والشجاعة للقضاء على رموز الجريمة من عناصر وقيادات النظام الإرهابي وهي المحاولة التي هزت أركان النظام وأثبتت أن يد الشعب الضاربة لقادرة على الوصول لثعابين الإرهاب في أعمق أوكارها، لم يعد من المجدي أبدا التعامل السياسي مع النظام كما ان أي حوار قد تقترحه بعض الأطراف ليس سوى مضيعة للوقت والجهود وللدماء البريئة والعبيطة التي استنزفت، والحل الوحيد لأزمة النظام السوري ولوضع حد للمأساة الشعبية السورية هو تنادي المجتمع الدولي لحسم الموقف من خلال ضرب البنية العسكرية والإرهابية والاستخبارية للنظام السوري أسوة بما حصل في صربيا والعراق وليبيا والتخلي عن سياسة دفن الرؤوس في الرمال والتواطؤ المخجل في التآمر على الشعب السوري وفي إعطاء الفرص والوقت للنظام المجرم باقتراف جرائمه وتوسيع مداها وبطريقة تشكل عارا وشنارا على المجتمع الدولي الذي بات اليوم يقف ببلاهة أمام نظام رعديد سيتهاوى كقصر من الرمال إن لمس نوعا من الجدية الدولية في التعامل مع مأساة السوريين. لقد فشلت مبادرة كوفي عنان التي لا أتردد أبدا عن وصفها بمبادرة العار القاتلة فشلا ذريعا وبات لزاما على المجتمع الدولي وقوى الحرية العربية والدولية التنادي من اجل تشكيل حلف قوي وحقيقي يوجه الضربة القاصمة للنظام ويدعم قوى الشعب السوري الحرة في الجيش السوري الحر ويساهم في تقويض وإنهاء نظام القتلة بعيدا عن فذلكات المراقبين الدوليين ودموع التماسيح لقائدهم النرويجي الذي يعلم علم اليقين من المسؤول عن الجريمة ولكنه يناور ويراوغ وبما يصب في مصلحة النظام السوري الخبير في التعامل مع مثل تلكم القضايا، أي حل للقضية السورية لا يتضمن إسقاط النظام وتقديم رموزه للمحكمة الوطنية ولربما الدولية العادلة لا يسوى الورق الذي تكتب عليه مقرراته؟ وأي تلكؤ دولي في مواجهة فرق الموت السورية الشبيحة ليس سوى مشاركة فاعلة في جرائم النظام ودعما مؤسفا لجلاديه وتخليا مفضوحا عن الشعب السوري ونكوصا عن كل شعارات الحرية التي ترفعها دول الغرب الديمقراطية رياء ونفاقا، ليس من المعقول ولا المقبول ولا المنطقي استمرار مذابح الشعب السوري بهذه الدرجة من الوحشية والسادية، العالم اليوم أمام أزمة أخلاقية كبرى سيتحدد معها بكل تأكيد شكل وطبيعة (النفاق الدولي الجديد)..