Monday, May 14, 2012

لا حول ولا قوة

أحمد جمعة
قال لي محدثي، لا حول ولا قوة ولم يكمل العبارة فقد غص بالكلمات الأخيرة وبلع بقية الكلمات، أدركت من ملامح وجهه ان الكلام الذي كان سيقوله كبيراً وكان يظن أنه لن يحلم بيوم سيأتي وسيقول فيه هذه الكلمات، كان محور الحديث هو الأوضاع الأمنية التي وصلت حد التفجير عن بعد وهو منتهى ذروة الإرهاب، ورغم ذلك فما زال المسؤولون يتحدثون عن ضبط النفس والقانون، وهكذا غص بالكلمات الأخيرة التي طرقت لسانه وقال بعضها وهي كلمات لا استطيع نشرها ولكن كل ما أخذت منها هي عبارة لا حول ولا قوة. ان ما يجري على الساحة اليوم من اعتداءات وتفجيرات وأعمال ارهاب وما يرافقها من مجريات مختلفة وما آلت اليه الكثير من المواقف والامور المبهمة التي تحتاج من الأجهزة الرسمية وخاصة الأمنية والاعلامية تفسيرا واضحا لما يطرح من أسئلة واستفسارات وعلامات تعجب من قبل المواطنين البحرينيين وخاصة أولئك الشرفاء والمخلصين ممن حموا البحرين بولائهم ومواقفهم الشريفة والصلبة والتي اسهمت بتفويت الفرصة على المؤامرة ان تمر وأحسوا بأن جهودهم ونضالهم ذهب سدى حينما تجاهلتهم الدولة وابتعدت عنهم وتركت العنف يستشري والقانون غاب والعدالة مثلما ظهرت في أحكام الخمس سنوات في قضية «السردي». ان لهؤلاء الشرفاء والمخلصين من جماهير شعب البحرين التي وقفت وقفتها الصلبة في الرد المباشر والفوري الذي اعاد للبلاد استقرارها وامنها، هؤلاء اليوم مصدومون في موقف الدولة وهم بحاجة لإجابات لأسئلتهم الكثيرة، ومن حق هؤلاء المواطنين ان يحظوا بالكثير من الاجوبة على التساؤلات والاستفسارات وعلامات الدهشة مما يجري من حراك سياسي يتعلق بمصيرهم ولا يجدون الجواب عليه. ان البحرين اليوم هي أقوى بكثير من ألامس وهذا بفضل شعبها وبفضل الوقفة الشجاعة من رجالها ونسائها وشبابها الذين بادروا لحظة استشعار الخطر الى الفزعة الشعبية الواحدة التي اطاحت بالمؤامرة وفوتت الفرصة على المتربصين، ولسنا هنا في صدد الاسترسال في الحديث عن هذه المواقف ولا في التذكير بها فهي مواقف تاريخية شجاعة لا تنسى، وهي ليست بحاجة للتذكير ولا للتنبيه حولها بالرغم من كثير من الاجهزة الرسمية التي لا تأخذ ذلك حتى الآن بعين الاعتبار، ولكننا نلفت إلى ضرورة العودة للوراء وقراءة المواقف وتذكر الاحداث وربطها بما بجري اليوم على الساحة وكأننا ما زلنا في اليوم الاول للأحداث حيث الاستفزاز اليومي المبرمج مستمر وحيث الكثير ممن خذلوا الوطن مازالوا ينعمون بالجوائز ويحتلون المواقع، وحيث ان الكثيرين ممن اسهموا في خلق الفتن يمارسون دورهم بفعالية من خلال المنابر الدينية والخطب المشحونة بالطائفية بالإضافة الى التهديدات والاعتداءات المستمرة على المواطنين وممتلكاتهم، وكل ذلك وما له من تأثير مباشر على الاقتصاد والاستثمار، ففي الوقت الذي تنظم فيه فعاليات لدعم وتشجيع الاستثمارات نرى الطرف الآخر غارقا في غيه المستفز لمشاعر الشعب بالأعمال التخريبية مستخدماً الشوارع العامة والطرقات وسيلة لشل الحركة المرورية اليومية المعتادة ومنع المواطنين من ارتياد الأماكن العامة والمجمعات والحياة بشكل طبيعي وهو ما يتناقض كلية مع ما افترضناه من واقع فرضته حالة السلامة الوطنية التي فرضت الأمن والاستقرار الذي نأمل ونرجو ان يعودا حتى لا يتعرض اقتصاد البلد وأمنه واستقرار شعبنا للتوتر والقلق اليومي المزمن، اننا نخشى من أن يصبح هذا التوتر وهذا القلق مزمناً ونتنفسه يومياً كأنه الهواء وهنا تكون قد تحققت نصف اهداف الطرف الآخر، وهذا ما لم يسمح به شعب البحرين الأبي الذي ما فتىء يضبط النفس ويقبض على الجمر ولكن الى متى؟ عندما يصبح العنف وعدم الاستقرار والتخبط سياسة يومية هناك تخرج الكلمات من أفواه المواطنين من غير حساب ولا تلوموهم فالبعض في الطرف الآخر قال كل شيء من دون حساب. ولا حول ولا قوة.