Monday, May 14, 2012

أهليكم يستصرخون..عودوا الله يهديكم

صلاح الجودر
الاحتقان السياسي الذي بلغ أعلى مستوياته بسبب تداعيات المؤامرة الكبرى (فبراير2011م) على البحرين أيقظت الخلايا النائمة، وشكلت جماعات التخريب والتدمير، وأظهرت مليشيات الشوارع (إرهابية وإجرامية) مدعومة من قوى الشر في المنطقة، فالاحتقان السياسي كان سبباً لخروج الكم الهائل من الشباب والناشئة لممارسة العنف ضد مجتمعهم، فأبناء هذا الوطن، سنة وشيعة، يرون الأعمال التدميرية والإرهابية التي تتعرض لها بعض القرى، من إغلاق منافذها، ومحاولة السيطرة عليها، وأحكام قبضة الإرهاب عليها، وتركيع أهلها بقوة القنابل الحارقة (المالوتوف) وحرق الإطارات، فقرية صغيرة لا يتعدى أبناؤها الخمسة آلاف، وفي بلد لا يتجاوز المليون نسمة يتم ممارسة الإرهاب والاجرام والعنف ضدهم تحت شعار السلمية. الغريب أن بعض القوى السياسية (الليبرالية) حين تتحدث عن الحوار والمصالحة تنسى وتتناسى ما هو أهم من ذلك، فهناك اليوم الإرهاب الإقليمي المدعوم من إيران وقناتها الموبوءة (قناة العالم الإيرانية)، فتبتعد عن الحديث أو الإشارة إلى الإرهاب والإرهابيين، وتركز على (أضحوكة العصر) الحوار والمصالحة، فالشارع قد انتهى من الحوار والمصالحة حينما تم تدشين حوار التوافق الوطني الذي جمع كل فعاليات المجتمع البحريني في قاعة مركز الشيخ عيسى الثقافية، فالإشكالية اليوم هي إشكالية قوى إرهابية وإجرامية التي لا تعترف بقانون ولا بأحكام، فتحاول أن تفرض ظاهرة الإسلاموفوبيا على المجتمع البحريني، وهي بعيدة كل البعد عن الإسلام ورسالته السمحة. من يبحث عن مخرج للأزمة البحرينية عليه أولاً أن يبتعد عن تعكير الأجواء بين أبناء الوطن الواحد، وأن يهجر الازدراء والتسفيه والإقصاء للجماعات والأفراد والأفكار، وإلا فلا معنى لأي مصالحة أو حوار أو تواصل، إذ لا يختلف اثنان على أن من خلال الحوار تعالج القضايا، ومن خلال الحوار تصفوا النفوس، ولكن كيف بحوار دون مصالحة، وكيف بمصالحة ودعاة الفتنة والمحنة يمارسون أعمالها الإرهابية والإجرامية في الشوارع والطرقات, لذا فإن الأعمال بأولوياتها، فإيقاف العنف والإرهاب مقدم على الدعوة للمصالحة ثم الحوار، فجلالة الملك قدم الكثير من المبادرات، والحكومة تبنت كل التوصيات وهي تسعى لتفعيلها من خلال اللجان الوطنية، وتبقى القوى والجمعيات السياسية على مسئولية تقديم المبادرات الإنسانية دون خوف من قوى دينية أو اقتصادية أو اجتماعية، عليها أن تعلن موقفها الرافض للعنف والإرهاب، وأن يكون ذلك الإعلان منصوبا في الشوارع ليراه دعاة الإرهاب والإجرام والعنف ليعلموا رفضكم لممارساتهم، أما السكوت والصمت فإن الشارع يراه دعماً ومساندة لتلك الجماعات!. الأمر الآخر على القوى السياسية التي تبحث عن الحوار والمصالحة عليها أولاً أن تعزز المشتركات، وتشير للمكاسب والانجازات، وهذا لا يعني البعد عن المختلف عليه، لا، ولكن المختلف عليه لابد من وضع السياج الأخلاقي له تفادياً لأي صدام أو احتكاك، فالتركيز على المشتركات هو الأرضية الصلبة التي يمكن التحرك من خلالها لمناقشة المختلف عليه. الحوار الوطني أو المصالحة الوطنية لا يمكن لها أن تتحقق وقوى التطرف والتشدد والإرهاب تجوب الشوارع ليلاً لتعكر الأمن والاستقرار، لا بد أن يسبق أي حوار تغير في نفسية وذهنية دعاة الإرهاب، وتغير نمطية التفكير لديهم بعد تبنيهم لثقافة (حتمية المصير) التي اكتسبوها من حواراتهم في دوار مجلس التعاون العام الماضي، إنه تحد كبير للقوى السياسية التي تبحث عن مخرج لحالة الاحتقان التي خلفتها الأحداث حينما رفعت شعارات (التسقيط والموت والترحيل). المشروع الذي تتبناه قوى الإرهاب والاجرام والعنف أصبح واضح المعالم، ولا يكابر أحد عليه، فقناة العالم الإيرانية تطرحه كل مساء من خلال استقبال بعض المحللين الذين يبحثون عن البطولات الزائفة، وعنتريات الورق، فمشروعهم يهدف إلى تغير هوية أبناء هذا الوطن، لذا من الضروري احتواء الاحتقان السياسي الحاصل في الشارع من خلال إيقاف آلة العنف الليلي. من هنا فإن الأهالي في تلك المناطق يستصرخون أبناءهم بأن: عودوا الله يهديكم!، فهذا المسلك ليس من ثقافة البحرين وأهلها الذين عاشوا سنين في حب ووئام، فأبناء الوطن قد عادوا إلى مواقعهم من العمل والبناء.