Monday, May 14, 2012

على شعبنا أن يقول كلمته بوضوح

فوزية رشيد
لم يعد الأمر في البحرين يحتمل أي مهادنة، أو تراخ، أو استرضاء، الإرهاب في البحرين يتصاعد كل يوم ويحاول الإرهابيون الذين لم يعودوا مجرد صبية أو مراهقين وإنما مليشيات مسلحة ومدربة، تطوير إرهابهم نوعيا بما يهدد كامل الحياة البحرينية التي لم تعتد طوال تاريخها، ظهور مثل هذه الجماعات الإرهابية ولا نوع عملها، ولا أدائها لنسف كل المنجزات الحضارية والمدنية التي تم العمل عليها طوال عقود لنصل إلى مرحلة الإصلاح والديمقراطية، فإذا بها هي المرحلة التي تستعر فيها نيران المحرضين على العنف والتخريب، ثم على الإرهاب، عبر مليشيات مسلحة ومدربة تريد استنساخ الفوضى والحالة العراقية بالتدريج في البحرين، مما يوضح أن كل منجزاتنا المدنية والإصلاحية وحياتنا الطبيعية ـ وليس فقط النظام السياسي ـ هي في قلب الاستهداف.
اليوم لم تعد المسألة مسألة جمعيات سياسية متطرفة أو لا وطنية أو طائفية أو تأزيمية أو تستغل الديمقراطية والإصلاح لمآرب لا صلة لها بشعبنا، فهذه الجمعيات أصبح وضع حد قانوني لها من المسلمات ولن يقبل شعبنا بعد اليوم ان تتم مخاطبتها باعتبارها معارضة صحيحة، فقد خلعت هذا الدور منذ عقد من الزمن أو منذ بداية تشكلها علنيا.
المسألة هي اليوم بالنسبة إلى هذه الجمعيات أنها تدعم الإرهاب في البحرين وتدافع عنه وعن المتورطين فيه، وفي هذا يجب ان يقف شعبنا وقفة لا حياد فيها سواء ضد الإرهاب، أو ضد هذه الجمعيات التي تعتقد أنه بإمكانها ببضع كلمات وبضعة شعارات وبضعة مصطلحات وبضعة مفاهيم أن تستمر في الضحك على الذقون، وان تواصل دورها في إشعال المزيد من الفتن في البحرين تحت شعاراتها الزائفة حول الإصلاح والسلمية، ولا تهمنا أزمة هذه الجمعيات الداخلية ولن نبرر لأي منها، أو نستثني أحدا منها (من الجريمة في حق البحرين وشعبها)، ومن دواعي تحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن ذلك.
كذلك فان المسألة ليست مسألة نشطاء حقوقيين حقيقيين، وإنما نشطاء حقوقيون مزيفون يلعبون دورا مخزيا في (حرب الوكالات على البحرين) وهي حرب الطوائف، وحرب المنظمات الدولية التخريبية لأمن مجتمعنا واستقراره، فهؤلاء الشق الحقوقي من المليشيات العسكرية المدربة تدربوا بدورهم على المساهمة الحقوقية الزائفة لتجميل الإرهاب والدفاع عنه واغتصاب حقوق وحريات كل المكونات الشعبية في الطريق، فأي جريمة أكبر من هذا؟
ومثلهم تلك الأبواق السياسية، التي تمثل بدورها الشق السياسي للإرهاب ونشر الفوضى وبضاعتهم التلاعب بالحقائق السياسية على ارض الواقع وتصوير الحياة السياسية كأنها صحراء من دون زاد أو ماء، واعتبار الإرهاب والمليشيات العسكرية المدربة التي تريد حرق البحرين بكاملها باعتبارهم أناسا مسالمين ينشدون الحقوق والمطالب. لهؤلاء وهؤلاء يجب أن يقول شعبنا كلمته الواضحة والا يكتفي بعد اليوم بالإدانة اللفظية من بعض فاعليات أو جمعيات سياسية وطنية هنا أو هناك، بل ان يتخذ الجميع موقفا شعبيا حازما مما يحدث سواء بالخروج في مسيرات تعلن الموقف أو رفع قضايا أمام القضاء أو أخذ أي موقف عملي آخر وما أكثرها ان تم التفكير الجدي فيها!
× هذا التنسيق الغريب بين المليشيات العسكرية المدربة التي تمارس الإرهاب وتعمل على تصعيده نوعيا كل يوم وبين الشق السياسي والشق الحقوقي والشق الإعلامي والشق المنبري الديني، جميعها يمثل وجها واحدا لما يدور في مجتمعنا من إرهاب وبدعم إقليمي طائفي، وآخر من المنظمات الدولية والإدارة الأمريكية الداعمة، ولا يهمنا في ذلك تلون الخطاب الأمريكي فهذا الخطاب يقوى أو يضعف أو يتلون كالحرباء مع الدولة في البحرين حسب معطيات وقوة وضعف أدواتهم في الداخل.
لذلك فان الحرب على الإرهاب في البحرين ليست مجرد مواجهة مع المليشيات العسكرية الإرهابية وجنودها وإنما مع كل وجوهها الأخرى الداعمة والمحرضة والمنشطة لها سواء في الداخل (جمعيات وحقوقيين مزيفين وتجار سياسة وإعلام ودين)، أو في الخارج، وفي هذا فان الشرفاء من كل المكونات مدعوون اليوم إلى اخذ موقف شعبي حازم من كل تلك الجهات لكي يوصلوا إلى القائمين على الإرهاب في الداخل وفي الخارج أن لشعب البحرين كلمة وموقفا ضدهم، ولكي يوصلوا إلى الدولة انهم معها في مواجهتهم.
قلنا ونكرر ان لم يتحرك النواب اليوم وهم لديهم أهم سلطة هي السلطة التشريعية ضد ما يحدث في البحرين، واكتفى بعضهم بإطلاق التصريحات الصحفية، فان مجلس النواب يسهم عمليا في استشراء ظاهرة الإرهاب لتحرق الأخضر واليابس بعد قليل، وليتحملوا مسؤوليتهم الكاملة في ذلك أمام الشعب الذي انتخبهم.
وقلنا ونكرر ان لم تتحرك الجمعيات السياسية الوطنية لإعلان موقف عملي محدد، والاكتفاء عوضا عن ذلك ببعض البيانات الإنشائية فان تلك الجمعيات بدورها تسهم عمليا في استشراء الإرهاب في بلدنا، وكفانا تملصا من الدور الشعبي المنوط بها.
قلنا ونكرر ان لم تتحرك المؤسسات المدنية والأهلية الوطنية ويتحرك كل الشرفاء فيها كالمحامين والقانونيين والأطباء والمعلمين وغيرهم من العاملين في المؤسسات والمهن فإنهم أيضا يسهمون في استشراء هذه الظاهرة الخطرة، وعليهم مسؤولية وطنية في ذلك.
وفي هذا لن نقول ما على الدولة عمله فهي تعرف جيدا ان المهادنة وعدم الحسم وعدم تطبيق القانون سريعا على هؤلاء هي من عوامل تقوية كل تلك الجهات التي تسعى إرهابا وفتنة وفوضى في بلادنا، وكفانا مهادنة ومماطلة.
اليوم شعبنا مطالب بأخذ «مواقف عملية» قانونية وقضائية ومسيرات من ظاهرة تصاعد وتيرة الإرهاب ومن الجمعيات ومن النشطاء المزيفين الداعمين له، حقوقيا وسياسيا وإعلاميا ودينيا، والدولة مطالبة بتثبيت حقها وسلطتها في مواجهة هذه الظاهرة مستندة إلى الرفض الشعبي العام لها، الذي يمدها بالقوة في إنهاء هذه الظاهرة من جذورها، ومعاقبة كل المحرضين عليها، فالأمر لم يعد يحتمل المماطلة أو التأخير فالمرض السرطاني في مرحلة الانتشار فهل من مستمع ومن مستجيب.