Monday, May 14, 2012

لا أهلاً بماركس

محمود المبارك
في مقال لأحد الكتاب مؤخراً في صحافتنا المحلية، كان يتفاخر بجمعية من الجمعيات السياسية ذات التوجه اللا ديني. رغم أن هذه الجمعيات التي تحمل الفكر الشيوعي لم تكن في السنوات الأخيرة تحب الكلام ظاهرياً عن موقفها من الدين و من العقيدة. هذا التوجه من هذه الجمعيات كان محاولة للتخلص من الغربة التي يعيشها مثل هذا التيار في مجتمع متدين كمجتمع البحرين و مجتمعات الخليج بصورة عامة.
عندنا ولله الحمد باتت أي جمعية سياسية لا دينية صار يشار إلى أعضائها بالوطنيين، و كأن الوطنية صارت مقابلاً للدين فيصير اللا ديني وطنياً!! على أي حال، يقول كاتب المقال في مدح هذه الجمعية و قد عنون مقاله بعنوان “عود المنبر التقدمي”، يقول فيه: “عقدوا عقوداً، و وعدوا وعوداً، و دفعوا نقوداً، على أن يكسروا عود المنبر و يثنوه عن الطريق الذي اختاره و اختارته له جبهة التحرير، طريق الماركسية اللينينية”.
  هنا، حين أتوقف عند هذه الكلمة فأنا لا أوجه أي سؤال للكاتب أو لرواد هذا الإتجاه أو أعضاء جمعياته السياسية، و إنما أوجه سؤالي للجمعيات الإسلامية المتحالفة مع هذه الجمعيات و التي صنعت بتحالفها معهم مكانة لهم في قلوب الشباب  و الذين لا يدرون عن واقع هذه الجمعيات و عما تحمله من فكر و ما هو موقفها من الدين. و بالطبع، فإن الملاحظ أن قيادات هذه الجمعيات صاروا يحملون شيئاً من الرمزية عند أعضاء الجمعيات المتحالفة معهم.
لم يأنف الإسلاميون كما يبدو أو يستنكفوا من التحالف مع الماركسي، إلا ان هذا الماركسي صاحب المقال لم يتحمل أن يتحالف مع الإسلاميين. و هنا نقطة تستدعي التوضيح، حين يتكلم أحد عن ماركس فلا يمكن أن يغفل كلمته الشهيرة “الدين أفيون الشعوب” و حين يتكلم عن لينين فلا تغافل عن كلمته “ الدين خرافة و جهل”.
  نعم، لم يعد الماركسيون أو بقاياهم يجاهرون بالكلام عن موقفهم من العقيدة و من الدين، إلا لماماً، و إلا فلغة السبعينات و الستينات تغيرت ما لم تتكلم مع أحد كبار السن منهم، فهؤلاء أو بعضهم لا يتحملون حقيقة أنهم صاروا يعيشون في مجتمع لفظ التوجهات الإلحادية كما تلفظ اللقمة الفاسدة من الفم، فتراهم يزبدون و يرعدون، أما الأعم الأغلب فلا نرى كتاباتهم حول الدين أو آرائهم عن العقيدة، و لكن قد يأتي وقت غير بعيد يعودون فيه لطرح هذه البضاعة الكاسدة من الأفكار الإلحادية.
يكمل صاحب المقال الذي تكلمنا عنه، فيخرج بقائمة من الألفاظ المغبرة و التي لم نعد نسمعها حتى من الجمعيات التي يتفاخر بها كونها ذات توجه شيوعي، فتتناثر كلمات مثل: الرجعية، الظلامية ، التنويريين. و هذه بلا شك هي نظرة عموم الشيوعيين إلى ذوات الدينيين الظلامية مقابل ذواتهم هم التنويرية، إلا أنه في مجتمعنا كان هؤلاء قد عرفوا حدودهم مع الدين على المستوى الظاهري، و اليوم قد فتح المجال لهم بالتنسيق و التمكين و التخندق ثم التحالف من قبل الناس، و  بهامش الحرية من قبل الدولة، فهل سنسمع قريباً كلامهم القديم في مهاجمة الدين؟! أم أن من يحالفهم سياسياً مستعدٌ لمواجهتهم عقيدياً؟! و الله من وراء القصد...