Monday, May 14, 2012

أعيت من يداويها

إبراهيم الشيخ
عندما تجد من حارب الوطن طوال تاريخه السياسي يصاب بالهذيان وبفقدان التوازن عندما يأتي خبر الاتحاد الخليجي، بل يهاجمه باستماتة، فاعلم أنّ على دول الخليج أن تسرّع في تنفيذ ذلك الاتحاد، لأنّه من مصلحتها الاستراتيجية.
مع خروج رسائل أكثر من إيجابية، حول قرب انطلاق الاتحاد الخليجي بصورته المصغّرة خلال هذا الأسبوع، بدأت نوبات الصّرع تجتاح البعض، وخاصّة ممّن تورّط في فضائح الارتباط غير الشرعي بالسفارات الغربية، كما تورّط بارتمائه في أحضان أجندات خارجية مفضوحة.
الاتحاد الخليجي ليس ترفاً يا سادة، وإنّما هو مصدر قوّة ستحفظ سيادة الدول الأعضاء، لمواجهة التحديات التي تواجه دول المنطقة، كما صرّح بذلك وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قبل شهر تقريبا.
الاتحاد الخليجي سيكون مصدر قوّة اقتصادية وعسكرية ستفرض واقعاً جديداً في موازين القوى الإقليمية، وسيقف بلا شك في وجه من يريد الاستفراد بأي دولة من دولنا لتنفيذ أجندته المذهبية، كما سيكون سداً منيعاً في مواجهة المشروع الأمريكي الذي اجترّ العراق وأفغانستان بدعم إيراني يفوق كلّ التصورات، ولكنّ الله أفشل مسعاه في البحرين.
إن كان من غرابة في الموضوع، فهو رفض بعض دول مجلس التعاون الانخراط في ذلك الاتحاد على الرغم ممّا يمثله لها من قوّة، والأدهى من ذلك أن تتبنّى بعض القنوات الإخبارية الخليجية التي دأبت على مهاجمة البحرين وتشويه صورتها، خطاب الطوابير الخامسة في رفض الاتحاد، بل و«تتبلّى» على الشعب البحريني، بأن تنصّب بعض رؤوس التحريض التي لا تستطيع نطق لفظ «الخليج العربي» لأنّه يصيبها بإسهال مزمن -أجلّكم الله- لتبرزه على أنّه ناطق باسم شعب البحرين.
البحرينيون هم أكثر الشعوب الخليجية حرصاً على الاتحاد، لأنّ فداحة ما أصابهم؛ جعلهم أكثر استشعاراً لخطورة استمرار أنظمتنا الخليجية، بعقليات حريصة على مصالحها الشخصية أكثر من حرصها على حماية كيانها من أي تعدٍّ أو تدخّل في شئونها، أو من أي ابتزاز أو مساومة أو مقايضة أو بيع (بالجملة أو بالتقسيط)، دأبت أمريكا على ممارسته دائماً مع أصدقائها.
برودكاست: متى تستوعب دولنا أنّها بسبب فرقتها وتنازعها لأتفه الأسباب، تعطي الفرصة لكلّ من هبّ ودبّ أن يعبث بها؟
نفهم ونستوعب أن إيران وطوابيرها المفضوحة في الخليج هم أشدّ أعداء هذا الاتحاد لأنّه سيضع حبل المشنقة على تمدّدهم المذهبي الطائفي، لكن أن تجد دولة جارة شقيقة مستمرة في طعنك، ومجتهدة في ضرب ذلك الاتحاد عبر تسويق مناوئيه من تلك الطوابير البائسة، فتلك مصيبة أعيت من يداويها.