Monday, May 14, 2012

الخليج من التعاون إلى الاتحاد

عبدالله الكعبي
الضجة المثارة حول الاتحاد الخليجي الذي من المتوقع الإعلان عنه في القمة التشاورية الاثنين بالرياض أو تأجيل الإعلان عنه إلى القمة الخليجية في ديسمبر القادم ، ليست ذات معنى وأن من يحاول أن يدفع بها إلى الواجهة لا يهدف إلى خدمة تلك الوحدة وإنما يرمي من وراء ما يقوم به عرقلة الوحدة ووضع العصا في العجلة من أجل خدمة مصالح من تضر الوحدة بمصالحهم وتعطل خططهم التي يعتقدون أن أوان جني ثمارها قد حان .
شعار من التعاون إلى الاتحاد يجب أن يركز عليه القادة ويحسمون أمره بشكل عاجل . فالوحدة المنشودة هي التي تتحقق على كل الأصعدة وليس على صعيد أو اثنين كعلاج مؤقت لعلاج ما تعاني منه المنطقة التي تتهددها الأخطار من كل جانب . فالعزوف المتوقع من قبل بعض الدول الخليجية عن ذلك الاتحاد أو تأجيل النظر فيه لمزيد من التفكير والدراسة يجب أن يؤخذ في الاعتبار ولكن لا يجب أن يكون معوقاً أمام ولادة الاتحاد الذي إن لم يكن بشكل كامل بين كل الدول فإنه سيكون خطوة كبيرة إلى الأمام إن تم بين اثنتين أو ثلاث منهم .
اعتقد أن الزمان الذي أظلنا الآن هو زمن الوحدة وليس سواها وذلك من أجل ترتيب الأوراق التي تبعثرت طوال السنوات الماضية بفعل المخططات التي رسمتها دول الجوار المعادية التي عملت بكل طاقاتها للوصول إلى أهدافها التي كان من بينها ضرب هذه الوحدة والقضاء على ذلك الحلم والذي لازال وللأسف الشديد يعشش في مخيلة البعض الذي بادر وسبق إعلان الاتحاد ببيانه الرافض والمشكك في النوايا على اعتبار أن مثل هذه الخطوة يجب أن يستشار فيها شعب البحرين بالرغم من أنه وقبل عام من الآن كان على وشك الإعلان عن نوع آخر من الوحدة بعد تحويل البحرين إلى جمهورية إسلامية كان من المفترض أن  تتكامل في كل شيء مع الجمهورية الأم في إيران والتي لم تكن من وجهة نظره تحتاج إلى استفتاء ولا إلى مشورة .
تجاربنا مع الأحداث التي مرت بها المنطقة في الثلاثين سنة الماضية علمتنا أن دولنا الخليجية هي الأقدر على البقاء والاستمرار من غيرها الذي كان يأخذ دوره ومن ثم يمضي إلى غير رجعة وهو الأمر الذي يجب أن يحفزنا على تطوير هذه المنظومة وبلورتها بشكل يكون قادراً على مواجهة التحديات القادمة من دون الالتفات إلى الفقاعات التي لن تلبث أن تتلاشى وتذهب مثل ما ذهب غيرها .
فالحلم الإيراني بتغيير ديموغرافية المنطقة واستبدال الأنظمة الحالية بنظام مشابه للموجود في طهران لن يكتب له النجاح وهو الآن في نهايته . فإيران التي تلعب بأوراقها الأخيرة الآن تعي أكثر منا خطورة الموقف والأزمة التي ستعصف بها عما قريب . فلو كانت الخطط الإيرانية التي استنفذت كل أوراقها ناجحة ومفيدة لكانت حققت النجاح في سوريا التي تركت لثلاثين سنة كاملة تحت المخلب الإيراني الذي عمل بها كل ما يستطيع وضخ فيها المليارات التي ذهبت هباءً منثوراً بعد أن اثبت الشعب السوري أنه أقوى من كل المخططات التي كانت أشبه بالوهم ولم تكن حقيقية كما يصورها البعض وهو الأمر الذي سنراه يتكرر في العراق في القريب العاجل وفي لبنان وغيرها من الدول التي تنتظر لحظة الصفر للإعلان عن رفضها لذلك التمدد الذي سينتهى إلى لا شيء .
اعتقد أن العالم بأسره سيحترم خطوة الاتحاد الخليجي وأتمنى أن يعي الجميع معنى هذا الاحترام . فالدول الخليجية التي راقبت ما يجري في البحرين منذ يومه الأول ووقفت مع جهود الشعب السوري ضد نظامه الإرهابي وسجلت مواقف كثيرة لصالح الشعوب العربية الطامحة للتحرر تستطيع أن تنتقل إلى هذا الاتحاد بشكل حضاري وواعي . فالدول التي لم تتلطخ يدها بدماء شعوبها من مثل ما يفعل النظام الأسدي الإرهابي في سوريا ، بالرغم من كل الاستفزازات والتدخلات التي حاولت النيل منها ، هي دول قادرة على الانتقال من التعاون إلى الاتحاد بشكل يكون في صالح الشعوب وليس الأنظمة كما يظن البعض ، ومن ثم فإن خليجنا العربي مقبل على مستقبل أكثر إشراقاً بعد زوال ليل المخططات الغبية التي لم يكن حظها أفضل من سابقاتها التي تحطمت على صخور التاريخ والجغرافيا التي لا تعترف بالأحلام والأوهام وإنما هي صنيعة الواقع الذي لم يكن له أن يقف في يوم من الأيام مع الشر مهما عظم وكبر وأصبح غولاً في أعين الناس.