Tuesday, June 19, 2012

حان الوقت لسياسة خليجية جديدة - 2

محمد مبارك جمعة
استكمالاً لحديث يوم أمس، بشأن ضرورة انتهاج دول مجلس التعاون سياسة خارجية مختلفة، في التعامل مع التصريحات الإيرانية المتزايدة باتجاه دول الخليج منذ العام الماضي، نتحدث اليوم عن التدخلات الغربية في الشئون الداخلية لدول الخليج، وفي البحرين على وجه الخصوص.
هناك توجس كبير من الأدوار التي تمارسها بعض الشخصيات الغربية التي تدخل إلى البحرين وتجتمع بمن أرادت عدة أيام، والواضح أن هذه الاجتماعات تتعلق بشكل مباشر بالدولة ووضعها الداخلي. ولا أعتقد أن أحداً يشكك في ذلك، بمعنى أننا نتحدث عن مسئولين، يأتون من الخارج، حاملين في حقائبهم أجندات معينة، ويدخلون إلى البحرين، ليلتقوا أفراداً وجماعات، ويتحدثوا معهم في أمور تخص البحرين وتتعلق بشئونها الداخلية، وقد تكون في كثير من الأحيان، تهدف إلى تغليب كفة طرف على الطرف الآخر، أو توريط البلاد في المزيد من الاحتقان.
مثل هذا الأمر خطير جداًّ، ويحدث أمام مرأى ومسمع الجميع، في ظل غياب تفاصيل كاملة حول طبيعة ما يقال وما تتم مناقشته وما يتم الاتفاق عليه، رغم أن الدولة تعلم والمراقبين يعلمون، أنه لن يكون نقاشاً فيه خير للبحرين بقدر ما يحمل من نوايا خفية.
الدولة تستقبل أي دبلوماسي أو مسئول غربي يأتي إليها، مهما كان الهدف، وليس من البروتوكول الدبلوماسي أصلاً أن يتم رفض زيارة مسئول غربي مهما كانت الدولة تعلم عن أهدافه، تماماً مثلما سمحت للسفير الدنماركي بزيارة المواطن حامل الجنسية الدنماركية «عبدالهادي الخواجة» من أجل الاطمئنان على وضعه بعد سيل الشائعات التي انتشرت حول احتمال موته، وبالطبع هذا أمر مفهوم ومفروغ منه، بل إن القيام بعكسه هو ما سوف يتسبب للبحرين بحرج أكبر. لكننا سمعنا مؤخراً الكثير من الأقاويل حول «حوار» مزمع تشترك فيه مختلف الأطراف لصياغة مخرج من الأزمة التي تعيشها البحرين، وتم في الوقت نفسه إعلان إنشاء مؤسسة لـ «المصالحة». وبغض النظر عن الكيفية التي اكتسبت من خلالها هذه المؤسسة شرعية لدى شعب البحرين، وقبولاً بأن تكون هي من يمثله في «مصالحة» تعقب أزمة عاصفة، فإن السؤال الأهم هو توقيت زيارات المسئولين الغربيين بشكل يتزامن مع دعوات «الحوار» و«المصالحة»، إذ هل من المتوقع أن تؤدي هذه الزيارات إلى ما فيه مصلحة البحرين وخيرها واستقرارها؟ ما أراه من تصريحات بعض السادة النواب، الذين يبدو أنهم لا يمثلون أنفسهم فحسب، بل يمتلكون معلومات مقلقة من مصادر موثوقة، أن دور هؤلاء سوف يكون هداماً وليس في صالح استقرار البلد، وعليه فإن أبسط ما يمكن أن تفعله الدولة هو أن تتمهل في منح الضوء الأخضر للمسئولين الغربيين للقدوم إلى هنا، وخصوصاً في مثل هذه الأوضاع المحتقنة ومحاولات صنع الانفراج.
لا نقول ارفضوا طلباتهم بالمجيء، لكن نقول تريثوا قليلاً واطلبوا منهم الانتظار حتى الوقت المناسب.