Tuesday, June 19, 2012

أمريكا وبريطانيا وإيران ارفعوا أيديكم عن البحرين

فوزية رشيد
التدخلات الأمريكية والبريطانية والإيرانية في الشؤون الداخلية في البحرين، لا تحتاج اليوم إلى تحليل أو استقراء أو الإبحار في الفكر بعيدا، فهي واضحة وضوح الشمس في يوم صيفي ساخن، وهي التدخلات التي تشابكت في (الأداء والهدف) للوصول إلى نتيجة مؤداها في النهاية محاولة استنساخ النموذج العراقي في البحرين والخليج، كما يعرف الجميع، وهو النموذج الذي كان ثمرة «زواج المتعة» بين أمريكا وإيران، الذي أثمر تدمير هذا البلد العربي العريق الكبير، وفي كل النواحي باسم مناصرة الحقوق والديمقراطية على اللسان الأمريكي طبعا، وباسم مناصرة المستضعفين والمظلومين على اللسان الإيراني، والنتيجة لا حقوق ولا ديمقراطية، والنتيجة زيادة الظلم والعنصرية الطائفية بعد التوغل الإيراني، وتغيير وجهه الحضاري إلى الوجه الكارثي الذي نراه اليوم وتحقيق الأجندة الاستعمارية.
ذات «الحلف الغادر على العرب الذي بدأ بتدمير العراق» بين إيران التي أفشت معتقدها الخميني الصفوي الفاسد، وبين أمريكا التي تريد تصدير نموذجها العراقي في الديمقراطية والحريات والحقوق، هو الذي أصحابه يتحالفون به اليوم على البحرين كبداية، وعلى السعودية والكويت وبقية الخليج العربي، ويريد طرفاه أو أطرافه كتابة (عقد زواج متعة تعددي جديد) في بلادنا، بالاستخدام المستفيض لأبناء الغدر والخيانة، الذين ينتقلون من حضن الأم الإيراني إلى حضن العم سام أو الأخ الأكبر الأمريكي، إلى حضن الأب الروحي البريطاني، فالأم ترضعهم بمعتقداتها الولائية الصفوية الفاسدة، والأخ الأكبر يدربهم في منظماته ويمولهم ويرعاهم، فيما الأب الروحي يستخدم أخبث ما لديه مما هو معروف به استعماريا، لفرضهم باعتبارهم أدوات التغيير السياسي المطلوب، وبين أذرعهم التي لا تتلقف إلا أبناء الغدر والخيانة الوطنية يُراد اليوم «بالحيلة والفتيلة» رسم المستقبل المظلم للبحرين، وتغيير مسارها الصحيح، وزرع الفتنة والفوضى فيها، وتضييع مصير شعبها ووضعه على حافة الهاوية والجحيم.
لذلك ليس غريبا «التزامن المريب» مجددا بين الضغوط الأمريكية ـ البريطانية، وبين التهديدات الإيرانية باحتلال البحرين خلال ساعات، وتهديدات «حصان طروادة الوفاقي» بمواجهة المؤسسة العسكرية وبالفتوى التي من كلمتين لتحريك كل من بداخل ذلك الحصان الخشبي من قطيع الانقلاب والعنف والإرهاب، فيما الدولة تترك علامات الاستفهام القاتلة تسمم عقول أبنائها المخلصين والوطنيين، وهم يرون هدوءها وسكونها، فيما السفينة البحرينية تبحر بين المحيط الهادئ وبحر المانش ومياه الخليج، وسط العواصف والأنواء ولربما تقبل بصفقة يمليها هؤلاء، وحيث الأم الإيرانية لأبناء الغدر والخيانة، تزبد وترعد طوال الوقت كأنها (رداحة الهوشات) في أحد الأحياء المكتظة، فيما الأخ الأكبر والأب الروحي يضغطان ويأمران، كأن البحرين بلد غير مستقل وبلا سيادة ومتروك وحده، فينتقلان من جلسة مغلقة مع ذات الوجوه الغادرة ببلدها والخائنة له، إلى جلسة مغلقة أخرى، ويعملان على القضاء على دولة القانون والمؤسسات وتقويضها وتقويض الإصلاح والديمقراطية، وإبراز ذات الوجوه «الانقلابية» التي ارتكبت كل الخطايا في حق الوطن والشعب باعتبارهم وباعتبار مشاركتهم السياسية (العالية وذات المغزى) هي الطريق الوحيد للإصلاح وللديمقراطية، فيما الإصلاح البحريني والحريات والحقوق والديمقراطية قطعت معا أشواطا لا يحلم بها أي مواطن عربي أو إيراني، بل إنها ومقارنة بالديمقراطية الأمريكية والبريطانية، أعطت من الحريات والحقوق ومناخات الانفتاح السياسي ما أضر بها كدولة أصلا حيث جعل الجمعيات السياسية تسيء استخدامها، إلى حد الانتقال إلى ما نعتبره (الديمقراطية الفوضوية) ورغم ذلك فان العم سام أو الأخ الأكبر الأمريكي والأب الروحي البريطاني الخبيث، يعبران عن خذلانهما لأنهما يريدان سريعا: النموذج العراقي والحرب الطائفية والمزيد من الفوضى والإرهاب، متحققة معا من خلال هذه الجمعيات الانقلابية والإرهابية، التي يتم تبرير جرائمها السياسية والجنائية، ليس باعتبارها جرائم وخيانة للوطن كما هي في حقيقة أمرها ومحاكمة الأطباء نموذجا، وإنما باعتبارها «حرية رأي وتعبير» بما لا تسمح به في أمريكا أو في بريطانيا ولا حتى واحد في الألف منه، لأنهما في بلديهما يتعاملان بالقوة المفرطة مع أي خروج عن النص، ان أصاب شعرة من جسد الأمن القومي الأمريكي أو البريطاني، وفي مثل هذه المسرحية الأمريكية والبريطانية المثيرة للغثيان، بسبب حجم التلاعب بالمفردات والمصلحة الوطنية والقومية البحرينية أو الخليجية، تقف (الرداحة الإيرانية) «متلمظة» ومنتظرة نهاية المسرحية، التي ستؤول نتائجها إليها أيضا، وبالتالي لا تكف عن تهديداتها المقززة للبحرين كأنها تذكر اللاعبين الكبار، بأنها تلعب معهم لعبة الفتنة واستلاب العقول الطائفية التابعة لها، لتفعل ما تفعله في العراق اليوم في البحرين والخليج وبسرعة.
إن أخبث المخططات يعمل البريطانيون والأمريكيون والإيرانيون بالتحالف الغادر معا، على تمريرها على هذا البلد الصغير، الذي صمد في وجوههم جميعا إلى الآن، باتكال شعبه على (الله) في حفظه وأكثر ما نخشاه هو أن يستسلم القائمون على هذا البلد لفحوى المخططات الخبيثة عبر الصفقات المريبة باسم التحالف والشراكة والصداقة، وهي التي تعمل على تقويض الدولة وان ببطء، فمتى ما فقدت مؤسسات الدولة حقوقها في المواجهة القانونية والقضائية والسياسية والإعلامية، وتركت الحبل على الغارب للأقزام وللخونة للتطاول المستمر على كل مؤسساتها السيادية والوطنية وعلى رموز الدولة وقيادتها ومؤسستها العسكرية فان الدولة والوطن سيكونان في مهب الريح، فيما العنف والإرهاب لن يتوقفا مهما تنازلت الدولة، وأوهمها الحلفاء بالصفقات المريبة لوضع الأساس لإصلاح ومصالحة طويلة الأمد، فيما الحقيقة تمكين الانقلابيين والخونة، من العمل مجددا لاختطاف البحرين، حتى تتنفذ مطالب «الثورة المهدوية العالمية» و«مطالب الفوضى الخلاقة»، «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى» لذلك فليس أمام الدولة وشعب البحرين إلا مواجهة التحديات بشرف واقتدار، وخلع رداء الاستكانة، والاتكال على الله وحده، والأخذ بالأسباب (وما أكثرها!)، ونوجه صرخة الشعب البحريني الوطني والمخلص لوطنه في وجه أمريكا وبريطانيا وإيران: (ارفعوا أيديكم عن بلدنا، فنحن بأتم نعمة من دونكم، ولهذا البلد رب يحميه لأن عيونكم في النهاية على مكة والسعودية، وأنتم معا في الحقيقة تحاربون الله وشرائعه وتعبثون بالبشرية كلها، وليس بهذا البلد أو ذاك فقط.