Tuesday, June 19, 2012

الجماعة لا يؤمنون بالديمقراطية

حمد الهرمي
أول من يكفر بالديمقراطية واستحقاقاتها هم المعارضة الذين ملأوا الدنيا بالشعارات المطالبة بها، كما هو الحال حينما خرج البعض الى الشوارع وكتب على حيطان الدولة كلها شعار (البرلمان هو الحل) ومع اول امتحان لهذا الشعار قاطعت وعد والوفاق الانتخابات فقط لأنها تريدها على هواها ضاربين عرض الحائط الاجراءات الديمقراطية، ربما في هذا المقال لست بصدد البحرين بتلك الشعارات التي استبسل لترويجها جماعة الاخوان المسلمين في مصر، وعند اول امتحان وهي الانتخابات الرئاسية بدأوا يمارسون اشد انواع السلوك والتصرفات المستبدة والارهابية.
لست شخصيا مع المرشح شفيق لكنني لا اقبل اي شكل من الاشكال لو كنت مصريا بان يكون رئيس مصر هو مرسي الذي عبر عن نزعات دكتاتورية في سلوكه، الذي انكشف بوضوح وهو يحاول اقصاء شفيق وحرمانه من حقه كمواطن مصري في الترشح للانتخابات الرئاسية وللأسف فإن كثيرا من الشباب الذين تسيطر عليهم فكرة اعادة انتاج نظام مبارك التي ابتكرها مفكرو الاخوان، وتجعلهم في فوبيا من كل ما له علاقة بالنظام السابق، يصطفون مع مرسي اصطفاف القطيع المدفوع الى مساره بفعل الخوف لا العقل والتفكير.
انا شخصيا متأكد من ان الاخوان المسلمين سيدخلون مصر في نفق التخلف الذي لن ينجيهم منه شيء فجماعة الاخوان المسلمين حينما كانوا بلا قوة ولا تأثير سياسي استطاعوا التغلغل واشاعة الارهاب بين الاوساط الثقافية والفنية وغيرها، فكيف وهم يطبقون بأيديهم على كل متنفسات الحياة في مصر وبيدهم السلطة التي تمكنهم من القرار ليس في الشأن السياسي فحسب بل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي ايضا.. اعتقد ان مصر مع الاخوان ستكون مقبلة على كارثة حضارية.
ان الاشارات الصريحة التي صدرت عن مرسي وعن مدى فهمه لمعنى ان يكون رئيسا للجمهورية تؤكد انه ليس فقط سيعيد انتاج النظام السابق بمعناه المتسلط والباطش بل انه سيزيد عليه انه سيحول الابتسامة المصرية الشهيرة الى عبوس ووجوه غاضبة بسبب التعصب والتطرف، سيفعل الاخوان كما يفعل حزب النهضة في تونس سيطلقون يد السلف في الشارع ليبدوا للناظر دائما ان تيار الاخوان المسلمين هو الجزء المنفتح والوسطي من الاسلام السياسي، فيقبل الفرقاء بهم دائما.
الى متى ستنطلي لعبة تبادل الادوار التي يمارسها الاخوان بينهم كمنفتحين واصلاحيين وبين متشدديهم السلف في مختلف اصقاع العالم العربي والاسلامي، الى متى ستنطلي على جموع الجماهير العربية، انا شخصيا اعتقد ان الشباب خصوصا في مصر سيتجرعون الصفعات من الاخوان بعد ان يحققوا كل اهدافهم على حساب هؤلاء الشباب الذين اتابعهم على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي وأرى بوضوح ما هم ذاهبون اليه من عشر الى عشرين سنة مظلمة حتى يستطيعوا اعادة موازين القوى في مصر.
لن تحمي الشباب المصري المتحمس اليوم للوقوف ضد شفيق نواياه الحسنة، فالمرحلة مرحلة عمل سياسي وليس ثوري، وفي العمل السياسي يكون التحرك مختلفا تماما عن التحرك الثوري او الانفعالي الذي كانت تعيشه مصر خلال مرحلة الثورة، واذا استمروا في الاستسلام للتنويم المغناطيسي الذي يخضعهم له تيار الاخوان المسلمين فإنهم سيفيقون متأخرين وقد يفيقون ويجدوا انفسهم في المعتقلات والسجون والبعض سيتم اغواؤه بالمناصب والمراكز غير المؤثرة في القرار.
فلينظر الشباب الى موقف الاخوان المسلمين من قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، الا يعبر عن عدم ايمان بالديمقراطية ودولة القانون؟ الا يعبر ذلك عن رغبة في الاستحواذ على القرار حتى ان كان مبنيا على باطل كما هو الحال مع مجلس الشعب وانتخاباته التي لم تكن دستورية بحكم المحكمة الدستورية المصرية العريقة؟
ما يروج له الاخوان هو ان هذا القرار يقف وراءه المجلس العسكري في طعن صريح في نزاهة المحكمة الدستورية المصرية دون ان تطرف لهم عين، وهذا يعني انهم بمجرد ان يمسكوا بزمام الامور فإنهم سيعيدون تشكيل المحكمة الدستورية لتكون تحت امرهم تفصل لهم ما يريدونه وهو ما سيجعل عمرهم على سدة القرار أبديا، ماذا يختلفون في هذا عن حسني مبارك، انا رأيي ان الاخوان المسلمين سينجزون تجربة فادحة السوء في مصر ونتائجها لن يكون لمصر طاقة لترميم شروخها لاحقا.
مع احترامي للشباب المصري الا ان حواراتهم التي تكثر عبر وسائل الاعلام المرئي والمسموع تعبر عن هشاشة سياسية لا يمكن لها ان تؤسس لدولة عصرية قادرة على معالجة ما احدثته السنة الاخيرة من خلل سياسي واعطاب اقتصادية كثيرة ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التي شوهت كثيرا نسيج المجتمع المصري سواء على الصعيد الطائفي او العرقي.
على كل حال الانتخابات المصرية بكل معنى الكلمة مصيرية وخطيرة وسيكون لها تأثير مباشر على الدول العربية كلها، فاذا كان الاخوان من انتصر فسنرى في البحرين رؤوسا ستبرز بقوة وستتحدث بنفس المنتصر الذي سيعتقد ان على الدولة ان تزيد من احترامه والا فإنه سيجعل مصر تغضب علينا باعتبار ان تواصله مباشر مع الجماعة بوصفه جزء من الجماعة.. الله المستعان.