Tuesday, June 19, 2012

سوريا إلى أين

أحمد سند البنعلي
أورد هنا البيان الذي أصدره قبل ثلاثة أيام المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا.. وأورد فقرات منه كما هي على أن يكون التعليق في مقالات قادمة نظرا لطول البيان:
يتحمل النظام المسؤولية عن هذا المسار الدموي الخطير الذي تدفع البلاد إليه دفعا فهو قرر سياساته الإجرامية لمواجهة الثورة الشعبية منذ يومها الأول، هذه السياسات القائمة على العنف الدموي والقمع والقتل والإنكار التام لحق الشعب في تحقيق ما يريده من أهداف مشروعة، وعلى الاعتماد على أجهزة المخابرات والميلشيات الإجرامية المعروفة بالشبيحة لمواجهة المتظاهرين العزل، وعلى بث الفرقة الطائفية وتخويف أطياف من الشعب من المستقبل ومن أي تغيير يمس نظام الحكم، بزعم انه لا بديل لهذا النظام سوى حكم الجماعات المتطرفة، والفوضى والصراعات الأهلية والطائفية المدمرة، ومع استمرار الثورة وإصرار الشعب على نيل حقه في الخلاص من الاستبداد والفساد، لم يوفر النظام وسيلة خبيثة إلا استخدمها لدفع الأمور في هذا الاتجاه التدميري للشعب والبلاد، ومازال اليوم بعد خمسة عشر شهرا يوغل في تعنته وعناده المجرم، بعد أن وصل إلى حد زج الجيش في مواجهة واسعة مع الشعب وأعطاه الأوامر بقصف البيوت والأحياء والمدن الآمنة بالمدافع والراجمات وغيرها من الأسلحة الثقيلة، وهو ما تسبب حتى اليوم بتدمير أجزاء واسعة من مدينة حمص والرستن واحياء وبلدات وقرى كثيرة في حوران وحماة وحلب ودير الزور وإدلب وريف دمشق وغيرها، وقاد إلى هجرة وتهجير أكثر من مليون مواطن داخل البلاد، واستشهاد أكثر من خمسة عشر ألفا، واعتقال عشرات الآلاف واختفاء الآلاف منهم بلا اثر، ولجوء عشرات الآلاف أيضا إلى البلدان المجاورة بحثا عن الأمان وصون حياة عائلاتهم.
وها هي سياسات النظام الإجرامية التي عملت على ضياع حق السوريين في تقرير مستقبل بلادهم ونظام حكمهم، ووضعته بين أيدي الدول المختلفة خارجهم، هاهي توصل البلاد إلى حافة الهاوية، وتوصل الدولة وأجهزتها بما فيها الجيش إلى حدود الانهيار والتفكك، وتهدد بانزلاق المجتمع كله إلى التمزق والفوضى الشاملة، لا لشيء سوى إصرار حفنة من القابضين على السلطة بالاستمرار في احتكارهم لها، وفي قهر الشعب ونهب ثرواته، ورفضهم الاعتراف بحقه في إقامة النظام الديمقراطي الذي ينشد، وإصرارهم على الحل العسكري الأمني المجرم الذي ثبت فشله الذريع وأوصل الأمور إلى ما وصلت إليه من وضع كارثي.
من جهة أخرى فان قوى ومجموعات مسلحة ذات أجندات خارجية أو ذات مشاريع سياسية غير ديمقراطية تعمل وتدعو للعسكرة واستخدام العنف من اجل تحقيق أهدافها ومشاريعها بعيداً عن الإجماع الشعبي تلعب ادوارا مكملة لادوار النظام في تمزيق البلاد والمجتمع، ومما يزيد الطين بلة أن هذه الجماعات تحصل على الدعم بالمال والسلاح من دول عدة في الإقليم والجوار وتسخر لها وسائل إعلامية تمارس عبرها الشحن الطائفي والمذهبي وتحرض السوريين بعضهم ضد بعض آخر، وتدعو إلى العنف والكراهية لتكون النموذج المعادي للنظام ولكن من طبيعته ذاتها ولتقف معه في المحصلة العملية ضد ثورة الشعب وأهدافه في بناء دولة ديمقراطية مدنية دولة المواطنة والمساواة التامة بين المواطنين أمام القانون دون تمييز بسبب الدين او المذهب أو المعتقد أو الجنس أو غير ذك.
وفي الوقت الذي يجب فيه إدانة هذه الجماعات وعنفها ومشاريعها السياسية غير الديمقراطية، فلا بد من التمييز تماما بينها وبين النسبة الكبرى من المواطنين الذين حملوا السلاح للدفاع عن أرواحهم وعائلاتهم وبيوتهم ضد الانتهاكات والاعتداءات الوحشية التي تمارسها أجهزة النظام وشبيحته المجرمين، وكذلك بين هذه المجموعات وبين الجيش السوري الحر الذي يتألف من أبناء الشعب العسكريين الشرفاء الذين رفضوا أوامر إطلاق النار على أبناء شعبهم العزل، الذين يلتزمون بالروح والقيم الوطنية الرفيعة في مسؤوليتهم تجاه شعبهم وبلادهم وأرواح مواطنيهم، ويتمسكون بالدفاع عن سلمية الثورة، فهؤلاء يستحقون كل الإكبار والتقدير الواجب.
إن إيقاف العنف اليوم وحقن دماء السوريين واستعادة مناخات الحل السياسي بات يتطلب تعاونا دولياً وإقليميا بدل التدخل الدولي الراهن الذي يحقن ويدعم العنف والتطرف ويمد أطرافه بالسلاح والمال وبالدعم السياسي لحسابات ومصالح آنية واستراتيجية لهذا الفريق الدولي أو ذاك. لان استقرار المنطقة وبناء الدول الديمقراطية في سورية سيكون عاملاً مساعداً لبناء علاقات دولية وإقليمية مع سورية وفي المنطقة على أساس المصالح المشتركة، وبما يخدم مبادئ الحق والعدل الإنساني، ولعل هذا ما يدفعنا لدعم أية مبادرة تحظى بإجماع دولي ولتأييد أي مؤتمر أو تفاهم في هذا الاتجاه.
إنكم مدعوون اليوم وقبل فوات الأوان للالتفاف حول الثورة السلمية ومبادئها في التغيير الديمقراطي الشامل. وحول الوحدة الوطنية وكل ما يجمع الصفوف في مواجهة الاستبداد والتطرف ومدعوون بالأساس لاستمرار النضال السلمي وتصعيده حتى تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة كاملة.