Wednesday, June 6, 2012

إطلاق سراح الشيعة

سوسن الشاعر
يزيد من طين الوفاق بللاً عدم وجود حضن وطني يقبل بعودة الراغبين في العودة منهم إلى المسار العام للدولة بعد أن قطعت الوفاق حبل الود بينهم وبين شركائهم في الوطن.
فالجماعات الأخرى في هذا الوطن، وعلى رأسهم جماعات السنة، يرفضون رفضاً قاطعاً التعامل بأي شكل من الأشكال مع أي شخصية وفاقية بعد الذي أحدثته من جراح أثخنت به ظهر الوطن المطعون بسلوكها.
هناك خطاب طارد وقطيعة جازمة صعبة المراس عند الجماعات السنية اليوم ترفض السماح بفتح الباب للراغبين في العودة من شخصيات وفاقية، دون اعتبار لتفاوت واختلاف التيارات الوفاقية بل -وتلك مشكلة أكبر- دون التفرقة بين الوفاق وغير الوفاق من الشيعة، فكل الشيعة عند السنة “وفاق” إلا بضعة أسماء تجرأت وأعلنت رفضها بشكل قاطع وحازم وواضح وصريح منذ بداية الأزمة لسلك الوفاق ونهجها، أما البقية سواء منها النشط أو تلك الفئة الصامتة، كلهم عند السنة وفاق مرفوض، ولا فرق بين وفاقي معتدل ووفاقي متشدد، لا فرق بين مرجعية نجفية أو مرجعية كربلائية أو مرجعية قمية، لا فرق بين أفندية أو معممين كلهم في سلة واحدة الآن وذلك غلق للباب يأخذ الكل بجريرة البعض.
ولا يلام السنة؛ فقد تسبب تيار الأفندية باختلاط الأمور لدى السنة، فلم تعد الحوزات وحدها هي التيار المتشدد بل حتى من لبس البدلة منهم مارس التشدد بأبشع صوره وكان إقصائياً أكثر من المعممين منهم.
لقد أضرت الوفاق بجماعة الشيعة أيما ضرر وتركتهم في عزلة لم يعهدوها في هذا التاريخ المعاصر أبداً، فلا أعتقد أن أجيال الشيعة الحاضرة حتى من يبلغ الستين منهم عاصر عزلة وإقصاء مجتمعياً لا من السلطة بل من الجماعات الأخرى كالذي يعيشه الآن.  ويحتاج اليوم أي طرف يحاول أن يعيد الأمور لنصابها ويصلح ذات البين إلى جهود جبارة.
السؤال هنا؛ كيف يمكن إقصاء الراديكاليين المتشددين وعزلهم وفتح المجال والباب للمعتدلين؟ ثم كيف للمعتدلين أن يعودوا للحضن الوطني الشامل؟
وأكاد أسمع من كلا الطرفين من يسأل؛ وهل بقي اعتدال؟ هل هناك من يرغب من الشيعة أن يعود للجماعة؟ للوطن؟ وعلى الطرف الآخر يطرح ذات السؤال؛ وهل أبقيتم لنا مجالاً أو فسحة؟
هل ستعتق الوفاق الشيعة وتتركهم أحراراً يقررون مصيرهم؟ هل يمكن أن يطلق عيسى قاسم سراحهم باعتزاله؟
هل ممكن أن (يتنازل) الصف الأول من الوفاق ولا تأخذه العزة بالإثم ويفسح المجال لوجوه لم تحترق بإمكانها أن تقود المرحلة القادمة؟
هل ستترك إيران وجماعة لبنان ولندن أهل البحرين في حالهم يدبرون أمورهم وفق احتياجاتهم وواقعهم؟
هل يتمكن صف معتدل من الشيعة الوفاقية أن يملك جرأة المبادرة والتقدم بصوت مرتفع أمام الصف الأول ويطرح البدائل؟ لا لإصلاح ذات البين بينه وبين السلطة بل بين الشيعة وبين الجماعات الأخرى. هل بإمكان السنة أن يفتحوا الباب ويقبلوا مد اليد ويفسحوا مجالاً لأي صف جديد؟
هل يتمكن السنة من فرز الفروقات ويمتلكون رؤية وخطاباً جديداً، فيملكون زمام المبادرة وينتشلون الوطن بمحمل يشمل الجميع؟
حقيقة لا أملك أجوبة عن تلك الأسئلة؛ لكن المؤكد أن المسألة تحتاج إلى شجاعة من كل الأطراف.