Wednesday, June 6, 2012

البحــــريــــن وفشل أحلام الربيع العربي

يوسف البنخليل
القاهرة تمثل أفضل مثال يمكن الحديث فيه عن فشل أحلام الربيع العربي لسببين؛ الأول يتعلق بثقلها في النظام الإقليمي العربي، والثاني يتعلق بما تمثله من قوة ملهمة للتغيير السياسي في الشرق الأوسط. مع ذلك، قد يكون الوقت مبكراً للغاية الحديث عن فشل أحلام الربيع العربي، ولكن بعد نحو ستة شهور من الآن سيمر علينا عامان كاملان على اندلاع أحداث ما يسمى بـ (الربيع) الذي يبدو أنه لم ينته حتى الآن، أو في طريقه للتحول إلى ربيع من نوع آخر. في البداية كان الجدل سائداً في القاهرة حول ما إذا كانت الثورة قد غيّرت النظام السياسي المصري أم غيّرت النخبة الحاكمة، ومازال هذا الجدل قائماً بسبب المعطيات السياسية غير المحسومة. بعدها جاءت الانتخابات التشريعية وتحفظ عليها من تحفظ واعتبرت في ذلك الوقت بمثابة (خطف للثورة)، أعقب ذلك الإعلان عن نتائج الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التي أثارت أيضاً جدلاً واسعاً حتى اعتبرت بمثابة (خطف للثورة)، وأخيراً تم شجب واستنكار حكم القضاء في قضية الرئيس المصري السابق واعتبرت قرارات المحكمة مسيّسة وتأتي في إطار (خطف الثورة) لتظهر الدعوات نحو اندلاع الثورة الثانية! هذه محطات بسيطة لما شهدته الدولة المصرية على مدى عام ونصف العام تقريباً، وهي جزء من محطات أكبر ومهمة أيضاً. السؤال الذي يطرح بعد استعراض مثل هذه المحطات؛ هل فشلت أحلام الربيع العربي في القاهرة مثلاً وغيرها من العواصم العربية التي عاشت نشوة الربيع فلم تجده ربيعاً لاحقاً؟ عندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية فيما يسمى بـ (الربيع العربي) كانت رغبة جامحة في التغيير وتطلعات نحو الأفضل المتوقع بعد انتهاء الاحتجاجات. ولكن يبدو أن الطريق طويلة جداً للوصول إلى التطلعات التي لن تنتهي بسهولة، وستدفع ثمنها الشعوب بسبب الرغبة المفرطة في التغيير الراديكالي باهظ الثمن والتكاليف. اللافت كذلك أن الجماهير العربية تخجل وترفض الاعتراف بأن تطلعاتها وأحلامها من خلال (الربيع العربي) باءت بالفشل، فما زالت مصرة على إمكانية إحداث التغيير بطرق راديكالية سواءً كانت قائماً على حرب اللاعنف أم على حرب العنف والإرهاب. وقد تكون وجهة نظرها مبررة للغاية لأنها انتظرت عقوداً طويلة لترى التغيير دون جدوى، وبالتالي فإنها تحاول الاستمتاع بشهوة الانتصار والتغيير، وهي شهوة بلا شك مؤقتة كبقية الشهوات. نتحدث الآن عن البحرين التي شهدت ظروفاً مشابهة إلى حد ما لما شهدته بلدان الربيع العربي، مع فارق الاختلاف في الدوافع والمبررات الطائفية بالدرجة الأولى. الوضع في المنامة لا يختلف كثيراً، فما زالت هناك مجموعة راديكالية تقود شريحة واسعة من المواطنين وتقدم لهم الأحلام والوعود بشكل مستمر من خلال آليات واضحة ومعروفة للتجنيد والتعبئة السياسية كما يحدث كل يوم جمعة، ولا يخرج منها الجمهور سوى بطاقة كبيرة ورغبة شديدة في التغيير بأي طريقة كانت دون أن يدرك عواقب المظلومية التي يتم تعبئته عليها باستمرار. في الحالتين المصرية والبحرينية من النادر أن نجد من يقارن حجم الخسائر والتكاليف التي تكبدها المجتمع ـ وليست مؤسسات الدولة والنخبة الحاكمة فيها ـ في سبيل التغيير الذي يبدو أن طريقه بات مستحيلاً أو صعباً للغاية إن لم يكن طويلاً من الناحية الزمنية سيجد حالة من عدم الاكتراث واللامبالاة من أجل تحقيق مطالب سياسية لمجموعات معينة سواءً كانت في الداخل أو الخارج. الجميع يراهن على نجاح الربيع العربي، ولكن الجميع لا يراهن على إمكانية استمرار الفوضى الخلاقة لعقود طويلة في الشرق الأوسط. ^ المعادلة.. التطرف في التغيير السياسي + التشدد في المواقف السياسية = خسائر وفشل سياسي.