Tuesday, May 15, 2012

الاتحاد الخليجي قريب فليفرح الجميع

أحمد مبارك سالم
منذ نعومة أظفارنا ونحن نتسامر حول قصة يعلمها الجميع، وهي باختصار أن أباً حكيماً يعطي لأولاده عيداناً من الخشب ويطلب منهم كسرها فيكسرونها بكل سهولة، ثم يعطيهم مجموعة من العيدان الخشبية ويطلب منهم مرة ثانية كسرها فلا يتمكنون؛ ليقرر لهم بعد ذلك أن الاتحاد قوة، وأن التشرذم ضعف.
ونحمد الرحمن أن دول مجلس التعاون لم تكن في ضعف نتيجة التشرذم وهي تفكر الآن في القوة من خلال الاتحاد، بل هي تلبية لتحديات العصر ومقتضياته، فإنها تسعى إلى الاتحاد بصورة أو بأخرى، وها هي القمة التشاورية التي ستعقد تحدد ملامح ذلك الاتحاد الذي نطمح أن تكون ضمن أفضل الصيغ عليه.
ومن أجل ذلك فليفرح الجميع شكراً لربهم على هذه النعمة التي سيجني الجميع خيراتها، سواء ممن كان يمثل تيار الموالاة أو تيار المعارضة في البحرين... نعم نقولها للوفاقيين افرحوا واتركوا الماضي خلف ظهوركم، فإن شعب البحرين خاصة، وشعوب الخليج عامة سيجنون من هذا الاتحاد تغيرات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية يمكن أن تكون نموذجاً للاتحادات الأخرى القائمة بحوله وقوته.
نعلم نقولها وبكل صراحة إن إيران يزعجها هذا الاتحاد، وهي تعلم أن هذا الاتحاد سببه رعونة النظام الإيراني صاحب الأطماع التي لا تنتهي، والتي تعتبر امتداداً لأطماع الفرس عندما هزمهم الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في موقعة القادسية، حيث لم تكن تلك المعركة بين العرب والفرس، بل كانت بين مسلمين وغير مسلمين بقصد نشر الدين في ربوع الأرض، ولكن هذه النعرة مازالت حاضرة في صراع إيران مع الدول المجاورة لها والصديقة، وأعني بذلك إيران بنظامها الدكتاتوري المستبد وليس الشعب الإيراني الذي يمثل في غالبيته ومختلف تمثيلاته شعباً ناقما من هذا النظام.
نعم لم نعد نعيش حلماً فنحن نلمسه واقعاً... إنه ذلك الاتحاد الذي سيرسم صورة أخرى للتعاون بين دول مجلس التعاون ومن انضم إليها، وهو سيبدأ وستتسع دائرته، وسيثبت جدارته في مواجهة الظروف والتحديات العاصفة بالمنطقة؛ ليبقى التساؤل الذي يفرض نفسه متمثلاً بالأسباب التي تقف وراء رفض البعض ممن يمثلون قلة هذا الاتحاد بين دول مجلس التعاون، وهم ممن يرفضون اتهامهم بالعمالة لإيران، وهم ممن يرفضون اتهامهم بانتهاك عروبة البحرين.
إن الخلايا النائمة ليست في البحرين بل في مختلف دول مجلس التعاون ستبقى تناكف من أجل إجهاض إقبال مختلف دول المجلس على الاتحاد باعتباره يمثل الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأجهضت الكثير من المخططات للسيطرة على المنطقة وعلى مقدراتها لمصلحة الخارج، حيث أنها أرادت أن تستحوذ على الخيرات شيئاً فشيئاً حتى تحقق مبتغاها بتحقيق أغراض المستعمر الإيراني.
ومما يسترعي الانتباه واليقظة ونحن مقبلون على الاتحاد أن نتنبّه إلى ضرورة أن تكون صيغة هذا الاتحاد مجدية ونافعة لمواجهة التحديات، وقبل ذلك صدق النيات من قبل مختلف الأطراف الخليجية حتى يحقق الاتحاد أغراضه وأهدافه التي ستعود بالنفع على جميع شعوب المنطقة، وأن تكون المساعي حثيثة بعد هذا الاتحاد لتجاوز الكثير من المنقّصات التي أرهقت العلاقات بين دول المجلس وجعلتها في جانب منها مهترئة ومهزوزة.
زبدة القول
إن ما ينتظر دول مجلس التعاون ليس هو الاتحاد فحسب، بل ينتظرها أن تجعل هذا الاتحاد في صيغة نموذجية مؤهلة لأن تجعل دول مجلس التعاون قادرة على مواجهة التحديات القادمة، وأن يترتب على ذلك التغيير في سياستها حتى تكون قادرة على إثبات الذات المؤثرة كعنصر بارز في المجتمع الدولي، وحقيقة الأمر فإن دور دول المجلس في اليمن من خلال المبادرة الخليجية، وموقفها من النظام السوري البائس بسحب السفراء يمكن أن يمثل إرهاصات تعبر عن مصداقية متماسكة في التوجه نحو الاتحاد بصيغة بناءة ومجدية وقادرة على الوصول إلى مستوى النموذجية من خلال مقارنته بالاتحادات القائمة في العالم، ولا شيء غير ذلك.