Tuesday, May 15, 2012

التشيع المختطف

مشعل النامي
لا يفرق كثير من الناس خصوصا في الخليج بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي وذلك لشدة طغيان الصفوية على المشهد السياسي في المنطقة وذلك بسبب تبني إيران للصفوية ورعايتها لها بصورة رسمية.
التشيع الصفوي هو ايديولوجيا تستخدمها إيران لتحقق من خلالها أهدافا سياسية بحتة تدور معظمها حول محور “مشروع التوسع” الذي اصطلح على تسميته “مشروع تصدير الثورة”، وتستغل إيران ونظامها الحاكم الحسينيات في العالم بأسره وتحتضنها وترعاها لخدمة المشروع التوسعي، حيث تعتبر الحسينيات “مفرخة” لأتباع تلك الأيديولوجيا الذين يمثلون الوقود الذي لا يمكن للمشروع التوسعي أن يسير من دونه.
ففي جمهوريات آسيا الوسطى - على سبيل المثال - يستخدم مبنى السفارة الإيرانية كحسينية يقوم عليها السفير الذي يتم اختياره من المعممين، فتكون الحسينية برعاية رسمية من الحكومة الإيرانية ويكون الجزء الأكبر من مبنى السفارة مجلسا حسينيا، وهذا دليل على سعي الحكومة الإيرانية الصفوية وحرصها على التوسع من خلال نشر التشيع الصفوي.
إن التشيع الصفوي ايدولوجيا وليس مذهبا دينيا، فالمذهب الديني هو التشيع العلوي ونحن نختلف معه كثيرا ولكن التشيع الصفوي فإننا نرفضه تماما، لأنه قام لخدمة مشاريع سياسية استخدم من خلالها الدين لتحقيق هذه الأهداف التي يطغى عليها الجانب الشعوبي العنصري، فكم عانى ويعاني إلى اليوم الشيعة غير الفرس وغير الموالين للتشيع الصفوي من النظام الصفوي وأتباعه في العالم، ذلك النظام الذي لم يتوان عن قتال الشيعة في الأحواز المحتلة وفي أذربيجان المحتلة وفي غيرها من الأقطار التي تحتلها إيران وكذلك في شتى بقاع العالم.
تنسب الصفوية إلى “إسماعيل الصفوي” مؤسس هذه الزندقة الذي قتل والدته لأنها رفضت الانصياع له وتبديل دينها الإسلامي إلى زندقته، وهو الذي بدأ بإقامة الاحتفالات السنوية بذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه، حيث لم تكن معروفة قبل ذلك، وجعل مظهر الدماء واللطم يطغى عليها لاستدرار العطف والتحريض على بقية المسلمين بتهمة مقتل الحسين!
وهو ابتدع ظاهرة اللطم وإشاعة مواكب التطبير بالسيوف والقامات وقرقعات الطبول وخشخشة السلاسل، وتلك عادات موروثة من المسيحية، كما يقول علي شريعتي.
وتقوم هذه الأيديولوجيا على أساس “إن لم تكن معي فأنت ضدي” وتصنف الناس بين صنفين فقط هما “الموالي لآل البيت” والصنف الآخر “غير الموالي” ولا ينظر بتاتا لرأيه، ولا يوجد مسلم اليوم لا يوالي آل البيت ولكنهم يقصدون أنه إما أن يقبل بمنهجهم كاملا أو أن يقصى بالكلية كما يفعلون اليوم مع الكثير من مراجع الشيعة الذين بلغوا درجة الاجتهاد التي لم يضع لها الصفويون أي اعتبار وهذا دليل واضح أنها ليست مذهبا دينيا إنما هي توجه سياسي يستخدم التشيع كوسيلة لتحشيد وتجنيد الأتباع وجعلهم ينصاعون ويطيعون طاعة عمياء دون أي نقاش.
إن الصفوية منهج متجرد تماما من الأخلاق كما هي التوجهات السياسية، وهذا دليل آخر على أن الدين بريء من الصفوية براءة الذئب من دم يوسف.
ويعترض الدكتور علي الوردي عالم الاجتماع العراقي المعروف على تبني إيران الصفوية للتشيع حيث يقول “الصفوية أدخلت في التشيع أمورا أضرت به وشوهت سمعته، أضف إلى ذلك أنها جعلت التشيع مذهبا حكوميا وبذا أضعفت فيه نزعته الشعبية القديمة”.
ويسوق الباحث الشيعي “باقر الصراف” في كتابه (الرؤية السياسية الإيرانية في ظل حكم الملالي) العديد من صور إضرار الصفوية بالتشيع ومحاربتها له ولرجاله في حال الخروج خارج مظلة الصفوية وأهدافها.
ويأتي تمدد الصفوية في دول المنطقة في ظل فقدان دولنا للهوية وعدم تبنيها لأي مناهج فكرية وإن كانت مناهج مضادة فقط لمثل هذه التوجهات التي تغلغلت في دولنا وبتنا نعاني من تبعاتها، وينبع ذلك من خوف أنظمتنا من فكرة تبني منهج فكري معين ذلك الخوف الذي زرعه من في قلوبهم مرض ومن يملكون أجندات مضادة يخشون أن تصبح هباء منثورا في حال كان لدولنا هوية واضحة تتبنى منهجا واضحا، ولا أوضح من منهج الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم خصوصا أن أرضنا هي مهد رسالته التي نحن امتداد لها ومكلفون بتبنيها والاستمرار بها.