Tuesday, May 8, 2012

علينا عدم تكرار الخطأ

أحمد سند البنعلي
في ظل ما كنا عليه قبل الهبة الجماهيرية العربية وربما حتى الآن نجد أن أسلوب الحكم في وطننا العربي يقوم على نظام فردي بعيد عن الشعب العربي، وفي ظل ذلك تتكرر الأخطاء وتبتعد عن الرؤى الشعبية التي هي حتما في صالح الأمة والإنسان العربي، فالفرد مهما كان منصبه ومهما كانت قدراته وعلمه فإن له رؤى محدودة ومفاهيم ضيقة للكثير مما يدور حوله ولا يستطيع القيام بكل شيء بمعزل عن القرار الشعبي النابع من الشعب صاحب المصلحة الحقيقية وصاحب القرار حسب الدساتير العربية التي ظلت طوال تلك السنوات مجرد حبر على ورق.
لذلك وجدنا أمتنا خلال العقود الأربعة الماضية ومازالت تنحدر من سيء إلى أسوأ وتتخبط في قراراتها غير النابعة من شعوبها بل وفي الكثير من الأحيان تتخذ قرارات في صالح أعدائها وخدمة لأولئك الأعداء وكأن من يطلق عليهم زعماء الأمة هم في الحقيقة مجرد موظفين لدى غيرهم من القوى الكبرى في تناقض بغيض بين الزعامة والفعل في الواقع، فالزعامة تعني أنها نابعة من الجماهير تتناغم معها في كل ما تقرر وتفعل، أما في الساحة العربية فإننا نعيش عكس ذلك ونرى الزعامات في تضاد مع الجماهير وكأنها في حالة عداء معها.
البعد عن الإنسان العربي وهو المكون لجماهير الأمة أدى إلى حدوث كوارث أصابت الأمة ولا نقول أخطاء فالخطأ يمكن تداركه بسرعة أما الكارثة فإن لها توابع وبحاجة إلى سنوات طويلة لمعالجة تلك الآثار.
لو رصدنا وبعجالة ما مرت به أمتنا طوال العقود الأربعة الماضية على الأقل لرأينا ما آلت إليه حرب أكتوبر التي كان من المفترض أن تحرر الإرادة العربية فكان القرار الفردي تقييدا أكثر لذلك القرار وتبعية أكثر للغرب تمثلت في اتفاقية الصلح بين مصر والعدو الصهيوني، ولو كان هناك قرار شعبي لما حدث الغزو العراقي للكويت والذي أدى إلى شق الصف العربي وفتح باب الوطن العربي على مصراعيه للغرب ليفعل به ما يشاء، ولو كان هناك قرار شعبي لما تم تدمير العراق بعد ذلك ولما تم غزوه بدعم عربي وهو الغزو الذي ما كان لينجح لولا ذلك الدعم والمشاركة فيه، ولو كان هناك قرار شعبي لما حدثت الفوضى التي نعيشها الآن في الساحة العربية والناتجة عن الهبة العربية بسبب غياب المشاركة الشعبية في القرار والحكم ولما نما الإرهاب الذي يهدد دولا عربية كثيرة.
نتساءل كيف سيكتب التاريخ العربي بعد خمسين أو مئة عام وكيف سيصف أمتنا العربية الحالية وما الذي ستقوله الأجيال القادمة عن الإنسان العربي الذي عاش هذه الفترة وما هي المبررات والأعذار التي يمكن أن تساق تبريرا لكل ما حدث، هل يحق لنا أن نلوم غيرنا على ما فعلناه بأنفسنا؟ بل هل هناك تبرير لكل ذلك... لا يوجد غير أمر واحد لا ثاني له وهو غياب الشعب العربي أو تغييبه عنوة عن صياغة مستقبل أمته وطغيان الهوى الشخصي عند الزعماء العرب الذين يعتقدون في ذواتهم ما ليس فيهم ومن اجل الكراسي هم على استعداد للتضحية ليس بشعوبهم فقط بل حتى في أقرب الأقربين لهم.
التغيير في صورة وخارطة الوطن العربي السياسية أمر محتم وضروري.. ومن هنا كان التأييد الشعبي للحركة الشعبية الجماهيرية العربية التي اجتاحت وطننا العربي ومن هنا يأتي الخوف على هذه الحركة من أبنائها قبل أعدائها، فأعداؤها معروفون ومشكوك في كل ما يفعلون، أما أبناؤها فالخوف كل الخوف من أن يقتدوا بما كان عليه زعماؤهم... والله من وراء القصد.