Tuesday, May 8, 2012

استذكارات لم يستذكروها

سعيد الحمد
تمنيت من كل قلبي وأنا اقرأ بيانات جمعيات المعارضة البحرينية «المدنية» التقدمي ووعد والقومي التي يهنئون فيها الطبقة العمالية البحرينية بالأول من مايو بوصفه عيداً للعمال تمنيت عليهم ان يستذكروا ويتذكروا موقف مرجعية الوفاق واعني به عيسى قاسم تحديداً من مناسبة الأول من مايو التي وقف ضدها على رؤوس الاشهاد في برلمان 73 وصوت وكتلته «الدينية» مع المرحوم عبدالأمير الجمري لإسقاط اقتراح كتلة الشعب الذي طالب بجعل الأول من مايو عطلة رسمية للاحتفال بيوم العمال العالمي. وتمنيت عليهم العودة إلى مضابط جلسات ذلك البرلمان ليقرؤوا بعقول مفتوحة وببصيرة نافذة حيثيات رفض عيسى قاسم وتبريراته لاسقاط ذلك الاقتراح الشعبي الذي تبنته الحكومة بعد سنوات واعلنت الأول من مايو عطلة رسمية خرجت فيها ومازالت المسيرات العمالية المختلفة احتفالاً بيوم العمال العالمي وشاركت الوفاق في الاحتفال علماً ان مرجعيتها لها موقف مخالف ولكنها النفعية الفجة التي تمارسها الوفاق وأشباهها من الاحزاب الولائية التي ترفض اصلاً فكرة الاحتفاء بيوم العمال العالمي كونه كما قال قاسم «يوماً شيوعياً وفكرة شيوعية علمانية بالأصل يرفضها». فهل تغير عيسى قاسم أم تغير يوم العمال العالمي؟؟ لا هذا ولا ذاك.. ولكنها اللحظة البحرينية الفارقة بكل مفارقاتها اللامعقولة والتي «لمت» وجمعت الشامي على المغربي أو بالأدق التي «لمت» اليسار والقوميين على الولائيين فتحول الرمز العمالي الخالد من المطرقة والمنجل إلى العمامة وفقد نشيد انشاد العمال في يومهم وعيدهم المجيد رمزيته ودلالته «وسيظل طيفك يا رفيق» في مدرج التاريخ يومئ للسائرين». فأين الرفيق وهو نداء لم تنطقوه في الدوار وتلك آية الخذلان والاختباء تحت العمامة.. وهي ذات العمامة التي مازالت ترفض لا عيد العمال فحسب بل ترفض ربما ما هو اهم واكبر ترفض قانون الأحوال الشخصية وتعبئ ضده وتحشد اضخم التظاهرات النسائية مستندة في ذلك إلى فتوى دينية ترهب بها البسطاء والبسيطات لتستخدمهن ضد حقوقهن في المواطنة كما رفض عيسى قاسم ذات يوم وفي برلمان 73 تحديد وصف «مواطنون» ليشمل المرأة واقتصره في تفسيره وتفسير كتلته على الذكور فقط.. وهو موقف كما تلاحظون متأصل ومتجذر في فكر ايديولوجي راسخ في عقلية وذهنية الرجل هيهات ان يتغير ويتبدل مهما توهم الواهمون في اليسار وفي «القومجيين» الذين استبدلوا الذي هو احسن بالذي هو أردأ فأضاعوا البوصلة المدنية ولا يمكن لهم ان يراهنوا على جمعية تأتمر بأوامر هكذا مرجعية وهكذا تاريخ مواقفها من المرأة ومن عيد العمال ومن مفهوم المواطنة والمواطنين. وهذه الاستذكارات لا نقدمها من اجل ازجاء الوقت والتسالي بالذكريات بقدر ما نسوقها كأدلة من واقع ممارسات المرجعية والتي تعكس فكرها وايديولوجيتها التي ابعد ما تكون عن الفكرة والثقافة والمفهوم المدني وتكذب ترويجات علي سلمان عن الدولة المدنية التي يريد ان يمرر مشروع الدولة الولائية خلف يافطتها كونه يعلم علم اليقين التاريخ المدني المديد للبحرين من جهة وليخاطب الغرب ويكسب تعاطفه من جهة أخرى في سلوك نفعي سطحي لا يمكن له ان يمر أو يفوت على من يعرف ايديولوجية وذهنية الطالعين من احشاء حزب الدعوة. واتمنى على المدنيين المخدوعين بشعارات الوفاق او الذين يحاولون ايهام انفسهم بصدق شعاراتها عن الدولة المدنية ان يعودوا إلى مضابط جلسات برلمان 73 وإلى مجلة المواقف وإلى الاعداد الصادرة في تلك الحقبة ليتعرفوا عن كثب وعن قرب على افكار تيار لم تتغير افكاره بل ازدادت غلواً وايغالاً في تشددها متكئة على اسناد نظام آخر تعرفونه جيداً.. فهل من مراجعة وهل من استذكار يعلم الشطار؟