Tuesday, May 8, 2012

اجتهاد الحيران في معاداة إسرائيل والتصالح مع إيران

إدريس الدريس
إسرائيل أكثر صراحة وهي تعلن عداوتها لنا في رابعة النهار، أما إيران التي تجمعنا بها مشتركات عديدة؛ فهي التي تمارس "التقية السياسية" وتمارس شق الصف العربي من خلال خلق جبهات عربية متضادة ومتنافرة
ما زال الخطاب السياسي تجاه القضايا العربية ينطلق من نفس مفردات الستينيات وما بعدها، رغم تعدد القضايا التي لم تعد تقتصر على قضية فلسطين، ورغم تعدد الأعداء وزيادتهم بحيث لم تعد إسرائيل هي العدو الأوحد، بل إنني سأتجاوز متمادياً وأقول إن إسرائيل لم تعد العدو الأول فقد تكاثرت - ما شاء الله - قضايانا، وعلى نفس السـياق فقد ازداد ولله الحمد أعداؤنا وتفاقم الطمع الدولي في تقسيمنا.
إن اختلافنا العربي وترددنا في الوصول إلى حل مشترك للقضية الأولى أسهم في تمدد وتوسع رقعة الاحتلال، كما أن ذلك شجع الآخرين في استسهال العرب بحسب ردات أفعالهم، وهكذا ظهر لنا في الأفق من كنا نحسبه جاراً وصديقاً ليشكل بتطلعاته وهاجس تصدير أجندته عدواً آخر، وأعني إيران، التي هي - في ظني - صارت بتحولاتها وتدخلاتها الظاهرة والباطنة عدو العرب الأول.
ولولا أنني أخشى أن يأثم بعض من يقرؤني فيختلف معي فيتولى شتمي لقلت بالكلام الدارج "الله يحلل إسرائيل عند إيران".
تقولون كيف؟!
إسرائيل أكثر صراحة وهي تعلن عداوتها لنا في رابعة النهار، أما إيران التي تجمعنا بها مشتركات عديدة! فهي التي تمارس "التقية السياسية" وتمارس شق الصف العربي من خلال خلق جبهات عربية متضادة ومتنافرة، كما عمدت مع بعض عمالها ـ ولم أقل عملائها العرب ـ إلى خلق حالة من الانقسام الفلسطيني، وهي إلى جانب ذلك كله تخلق جيوبا صغيرة في الدول العربية تمدهم بالمال والعتاد وتستأجر ولاءهم كما في لبنان والعراق واليمن والبحرين، وقبل ذلك فهي تنتشي بضعف الذاكرة العربية التي نسيت قضية الأهواز، وعليه فقد تمادت ثم سعت لتكريس احتلالها لجزر الإمارات العربية المتحدة وجعل الأمر واقعاً من خلال الزيارات الرئاسية ورسم خطط المشاريع السياحية المزمع إنشاؤها في جزيرة أبوموسى كمثال.
وإيران التي طالت يدها هي التي أقلقت وفجرت وأذهبت سكون وخشوع الحجاج في أكثر من موسم، وهي التي كانت وراء تفجيرات الخبر، وهي التي سعت لقلب نظام الحكم في البحرين، وهي التي كانت وراء محاولة اغتيال السفير السعودي في أميركا، وهي التي ظهر لنا قبل أيام أنها كانت تخطط لاغتيال السفير السعودي في مصر، وهي التي واللتيا، ولن أعدد لأنني لن أستطيع الحصر، ولكنني أمثل وأستشهد حتى يجوز أن يقال في مثل هذه الحالة وبتصرف:
كفى بالعدو جرماً أن تعد مصائبه!
إسرائيل هي عدونا الصريح والواضح الذي لا يهادن ولا يتلون ولا يمارس التقية ولا يدخل منطقة الجدال، فليس لنا معه تمثيل أو مشاركة، وهو العدو المحتل الذي نتطلع بشتى الطرق والوسائل إلى تحرير أراضينا منه.
لكن إسرائيل مرة أخرى ليست عدونا الأوحد وليست عدونا الأخير، وإيران هي جارتنا القلقة المقلقة التي مارست دور الشرطي أيام الشاه وتمارس دور الوصي الإسلامي منذ ابتكار ولاية الفقيه. ولو أردنا اعتماد المنطق العقلي والاستناد إلى القياس لقلت إننا نقاطع إسرائيل، فالأحرى بالعرب منطقياً على نفس السياق مقاطعة إيران، أو حتى أبعد من ذلك وهو التطبيع مع إسرائيل كما نطبع مع إيران.
الأكيد أنني لا أهدف حقاً للتطبيع مع إسرائيل لكنني أردت تجسيم المقارنة وتقريب المفارقة بين الضررين (إيران وإسرائيل) كما تعمدت التأكيد على أن احتلال الأرض جريمة يتساوى فيها العدو، فليس هناك عدو سيئ وعدو جيد، لكن تعامل العرب مع عدوين محتلين يوحي بهذا التصنيف، إسرائيل وإيران، أو إيران وإسرائيل كلاهما عدوان سيئان.
إن حسـابات الربح والخسارة في علاقاتنا مع إسرائيـل وإيران تقول إن "شـهاب الديـن أضرب من أخيه".