Wednesday, May 2, 2012

خليفة بن سلمان يلقن الغرب درسا

حرصت على أن أقرا بإمعان النص الكامل للحديث الذي أدلى به سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الى مجلة «دير شبيجل» الالمانية ونشرته قبل يومين.
ما ان انتهيت من قراءة نص الحديث حتى كتبت فورا على الهامش «خليفة بن سلمان يلقن الغرب درسا».
وهذا هو بالفعل جوهر ومغزى الحديث . سمو رئيس الوزراء، وهو يخاطب الرأي العام الغربي عبر هذه المجلة الشهيرة، لقن الغرب درسا حول أمرين كبيرين: الأول، يتعلق بفهم حقيقة ما يجري في البحرين، وكيف يجب تقييم الأوضاع في البلاد بشكل منصف. والثاني، يتعلق بالمواقف المعلنة التي تتخذها جهات شتى في الغرب مما يجري في البحرين، وكيف نقيم هذه المواقف.
اما عن حقيقة ما يجري في البحرين والأوضاع فيها، فان الرؤية التي طرحها سمو رئيس الوزراء في الحديث تتلخص في الجوانب التالية:
أولا: ان هذه الجماعات التي تسمي نفسها جماعات معارضة ويتعاطف معها الغرب، هي في حقيقة الأمر جماعات عنف وارهاب مدعومة من إيران.
قال سموه موضحا: «أتحدث هنا عن الذين يمارسون العنف والتدمير.. الذين يحرقون الاطارات، ويلقون قنابل المولوتوف على رجال الأمن، ويروعون المواطنين والمقيمين».
ثانيا: ان ممارسات هذه القوى على هذا النحو، لا يمكن ان تكون ممارسات قوى ديمقراطية او تسعى الى الديمقراطية كما تزعم.
واذا كان الأمر أمر حوار يزعمون انهم يطالبون به ويتحدث عنه الغرب، فقد فتحت القيادة أبواب الحوار بالفعل، لكن هم الذين قاطعوه وانسحبوا منه. وقد فعلوا ذلك انتظارا لتلقي الأوامر من ايران. وهم قبل ذلك انسحبوا من البرلمان، ثم لجأوا الى العنف والسعي لإثارة الفوضى في البلاد. يتساءل سمو رئيس الوزراء: هل هذه ديمقراطية؟!
ثالثا: ان هذه الجماعات ليست أبدا كما تروج عن نفسها في الغرب، أو كما يتصور الغرب، جماعات تنشد الديمقراطية والاصلاح في البحرين.
حقيقة الأمر ان الحديث عن «مزيد من الحقوق»، أو «مزيد من الديمقراطية والاصلاح» ما هو الا غطاء وذريعة لاخفاء الهدف الحقيقي الذي يسعون اليه. والهدف ببساطة هو «تحويل البحرين الى إيران ثانية».
رابعا: انه بشكل عام، لا أحد في الغرب او في أي مكان من العالم يستطيع ان يزايد على البحرين في مجالات الديمقراطية والاصلاح والتغيير. قال سموه: «البحرين بدأت مسيرة الديمقراطية والاصلاح منذ وقت طويل ، وقبل أي بلد عربي آخر. وجلالة الملك اوضح مرارا ان مسيرة الاصلاح مستمرة وان المجال مفتوح دوما امام مزيد من الاصلاح. ولدينا في البحرين دولة تقدم لمواطنيها التعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية والمساعدات الإسكانية وإعانات البطالة.. الخ». وليس صحيحا على الاطلاق القول بأن الشيعة في البحرين هم فقراء أو مظلومون.
هذه هي الصورة التي قدمها سمو رئيس الوزراء الى الرأي العام الغربي حول حقيقة الأوضاع في البحرين وحقيقة ما يجري.
أما عن موقف الجهات الغربية من الأوضاع في البحرين، ومن هذه الجماعات، فقد كان سموه حاسما وصريحا ووضع النقاط فوق الحروف.
وعلى وجه التحديد، طرح سموه في هذا الشأن الجوانب التالية:
أولا: ان الغرب يعلم ان قيادة البحرين كانت لديها من الشجاعة ومن الرغبة في الاصلاح ما جعلها تعترف بأخطائها. ولهذا قبلت القيادة وقبلت الحكومة الانتقادات الحادة التي وجهها تقرير لجنة بسيوني ، وشرعت في تنفيذ توصيات اللجنة. وهي بالاضافة الى ذلك تنفذ مزيدا من الاصلاحات الأخرى.
ويتحدى سمو رئيس الوزراء الغرب بهذا السؤال: هل بالمقابل، اهتم المجتمع الدولي بمحاسبة المعارضة على افعالها؟ هل اعتبر هؤلاء مسئولين عن أفعالهم؟
ثانيا: ان الحكومة اظهرت حتى الآن قدرا كبيرا من الصبر مع المعارضة. ورغم كل اعمال العنف والتخريب والترويع التي تشهدها البلاد ، فان الحكومة لم تفعل الا الالتزام بالقانون.
لكن الغرب يستكثر على البحرين وينتقدها كل يوم وكأنه لا يريدها ان تتعامل اطلاقا مع الذين يقومون بكل أعمال العنف والترويع هذه.
وهنا ايضا، يتحدى سمو رئيس الوزراء الغرب بهذه الأسئلة: كيف يتعامل رجال الأمن في الغرب مع اعمال العنف ومع الذين ينتهكون القانون؟.. هل هم في الغرب يسمحون ببساطة للمتظاهرين بالقاء الحجارة وقنابل المولوتوف باسم حقوق الانسان؟.. وماذا فعلت بريطانيا مثلا في العام الماضي عندما اندلعت أعمال عنف وسرقة وحرق وتخريب؟
ثالثا: اما عن الذين ينتقدون البحرين في الغرب لأنها طلبت مساعدة قوات درع الجزيرة او مساعدة من السعودية ، فقد ذكرهم سموه بالتالي. قال لهم : عندما ذهبت امريكا الى العراق وافغانستان طلبت مساعدة حلفائها . ووقتها لم ينطق احد بكلمة. لماذا اذن ينتقدون البحرين عندما تطلب معونة اشقائها في مجلس التعاون. هذا مع العلم ان البحرين لم تطلب مساعدة للاعتداء على احد وانما للدفاع عن امنها واستقرارها.
هكذا إذن تحدث خليفة بن سلمان.
وكما نرى ، فان رسالته الى الغرب واضحة وقاطعة.. انه وفقا لأي منطق معقول، ووفقا لأي معيار منصف، فان هذه المواقف الغربية من البحرين، هي مواقف ظالمة ومشبوهة ومرفوضة.
رسالة سموه الى الغرب: ان كنتم تريدون حقا ان تفهموا حقيقة ما يجري في البحرين، فهذه هي الحقيقة. وان كنتم تريدون ان تتخذوا موقفا عادلا ومنصفا، فهذا هو الموقف المنصف العادل الذي يجب ان يكون.
وغير هذا، كان سموه حريصا على ان تصل رسالة أخرى الى الغرب بشكل واضح.. انه حين يتعلق الأمر بالأمن الوطني للبلاد وبأمن واستقرار المجتمع، فان مسئولية الحكومة ان تتصدى للأخطار وان تحمي الدولة والمجتمع.
قال سموه: «يجب ان نطبق القانون على كل من ينتهكه ويتجاوزه. هؤلاء يدمرون الممتلكات العامة ويهاجمون رجال الأمن ويعتدون على المقيمين الآسيويين.. من واجبنا ان نحمي كل من على ارض البحرين».
بعبارة اخرى، وفقا لمنطق سموه على هذا النحو، فإن على الغرب ان يفهم ان البحرين ليست ملزمة بالرضوخ لمواقف غربية ظالمة ومشبوهة.
واذا كان هذا هو الدرس الذي لقنه سمو رئيس الوزراء للغرب، وهذه هي الرسالة التي وجهها اليه، يبقى ان لما قاله سموه معنى مهما آخر يجب الا يخفى عن بال احد.
بمثل هذا الحسم، وبمثل هذه المواقف الواضحة دفاعا عن الوطن وأمنه واستقراره ومكتسباته، فان خليفة بن سلمان هو حصن أمان للبحرين.