Wednesday, May 2, 2012

زنجيّ البيت وزنجيّ الحقل.. إنّه الفرق بين الأحرار والعبيد

مالكوم إكس أو الحاج مالك شباز، المسلم الذي يعدّ من أشهر المناضلين ذوي البشرة السوداء بأمريكا في منتصف القرن الماضي، يقول لأتباعه في أحد خطاباته المسجّلة والموجودة على «اليوتيوب»: عليكم أن تقرأوا تاريخ العبودية لتفهموا هذا. كان هناك نوعان من الزنوج (ويقصد بهم العبيد المضطهدين في أمريكا ذاك الوقت من ذوي البشرة السوداء).
يقول: كان هناك زنجي البيت وزنجي الحقل. زنجي الحقل يعتني بسيده، فإذا خرج زنوج الحقل عن الطابور كان زنجي البيت يمسكهم، ويسيطر عليهم ويعيدهم إلى المزرعة، وكان يستطيع ذلك لأنّه كان يعيش أحسن حالاً من زنوج الحقل، كان يأكل أحسن منهم، ويلبس أحسن منهم ويسكن في بيت أحسن!
كان يسكن فَوق بجوار السيد في الدور العلوي، أو السفلي. كان يأكل نفس الطعام الذي يأكله السيد، ويلبس نفس اللباس، وكان قادراً على التكلم مثل سيده بأسلوب وبيان جيد. وكان حبه لسيده أكثر من حب السيد لنفسه. ولذا لا يحب لسيده الضّرر، وإذا مرض السيد قال له: ما المشكلة سيدي؟ (أمريض نحن)؟!
وإذا اشتعل حريق في بيت السيد، حاول أن يطفئه لأنه لا يريد أن يحترق بيت سيده، لا يريد أبداً أن تتعرض ممتلكات سيده للتهديد، وكان يدافع عنها أكثر من مالكها. هكذا كان زنجي البيت.
ولكن زنوج الحقل الذين كانوا يعيشون في الأكواخ، لم يكن لديهم ما يخشون فقدانه، فكانوا يلبسون أردأ اللباس ويأكلون أسوأ الطعام ويذوقون الويلات ويُضربون بالسوط، وكانوا يكرهون سيدهم بشدّة، فإذا مرض السيد يدعون الله أن يموت، وإذا اشتعل حريق في بيت السيد، كانوا يدعون الله أن يرسل ريحاً قويّة! كان هذا هو الفرق بين الصنفين، واليوم مازال هناك زنوج البيت وزنوج الحقل، وأنا من زنوج الحقل. (انتهى)
مالكوم إكس، كان يشرح لأتباعه في ذلك الخطاب، الفرق بين الأحرار والعبيد، حيث هناك من العبيد والزنوج من هم أحرار أكثر من الأحرار أنفسهم.
ذلك المثال ينعكس بسهولة على مجتمعاتنا، حيث تجد الأحرار كما تجد العبيد!
هناك الموظّف الذي يركب أفخم السيارات، ويلبس أفخم الثياب، ويمتلك أجمل القصور، ورصيده في البنوك يقول: «يا أرض اتهدّي ما عليكِ أدّي»!! ولكنّه في الأخير يبقى عبدا، يعيش حياة العبيد، لأنّه لا يملك حتى قرار نفسه، لذلك تجده يعيش منبوذاً مكروهاً بين الناس، بالرّغم من أنّه يستطيع فعل ما يشاء، لأنّه عبد السيّد «وخادم السيّد سيّد» كما يقولون! ذلك العبد قد تجده رئيساً أو وزيراً أو حتى أكبر من ذلك!!
في الوجه المقابل، هناك الموظّف البسيط، الذي يركب سيارة عاديّة، وملبسه ومأكله ومسكنه تغوص في التواضع، ومع ذلك؛ تجده حرّ نفسه، يخشاه ويوقّره الغنيّ والمتكبِّر والسيّد، لأنّه يمتلك نفساً عزيزة وأبيّة، لا تُشترى بثمن، ولا يسمح لأيٍ كان أن ينال منها، عظيم الشّأن بين النّاس، برغم فقره وتواضع حاله.
برودكاست: ما أجمل أن يعيش الإنسان حرّاً كالطير، يقول ويفعل ما يؤمن به، ولا يبتغي بذلك سوى رضا ربّ الأرباب جلّ شأنه، لأنّه يعلم أنّه وحدهُ مصدر القوّة والعزّة والمَنعة.