Wednesday, May 23, 2012

بيع الدول.. البحرين نمـوذجاً

يوسف البنخليل
بيع الدول هل بالفعل موجودة كظاهرة في العالم؟ نعم هي موجودة بالفعل، ويمكن تقسيمها إلى نوعين: النوع الأول: نموذج شراء الأراضي: هو النموذج الذي يقوم على شراء إحدى الدول أقاليم جغرافية محددة - سواءً كانت صغيرة أو كبيرة المساحةـ من دولة أخرى. ويمكن القول إن أفضل النماذج التي تستحق الدراسة هنا حالة تأسيس الدولة الأمريكية الذي تم كنتيجة حروب أهلية، وفي نفس الوقت على صفقات تجارية بين عدة دول لشراء مناطق جغرافية واسعة. من العوامل التي ساعدت على تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية بالشكل الحالي عمليات البيع والشراء التي تمت في الأراضي الأمريكية، إذ دفعت الخزانة هناك نحو 15 مليون دولار إلى فرنسا لشراء مناطق في أمريكا تقدر مساحتها بـ 2.1 مليون كيلومتر مربع من الأراضي الفرنسية شمال أمريكا، وهي مساحة تفوق مساحة فرنسا بأربعة أضعاف. أيضاً اشترت أمريكا من إسبانيا ولاية كاليفورنيا بنحو 12 مليون دولار، واشترت منها أيضاً ولاية فلوريدا بنحو 5 ملايين دولار. في الوقت نفسه اشترت ولاية آلاسكا من روسيا بأكثر من سبعة ملايين دولار. النوع الثاني: نموذج الشراء الأيديولوجي: الشراء الأيديولوجي يقصد به قيام إحدى المؤسسات الدينية بشراء إقليم جغرافي معين من دولة أخرى أو فرض ضرائب عليها باسم الأيديولوجيا ومثالها الدين. من الأمثلة على هذا النوع من الشراء هو لجوء الفاتيكان الذي يمثل الكنيسة الكاثوليكية بامتلاك أراضي القارة الأوروبية كافة في القرون الوسطى. وحتى العام 1800م كانت الكنيسة البرتغالية تملك ثلثي أراضي البرتغال. ورغم استقلال البرازيل عن البرتغال في العام 1822م إلا أن هيمنة الكنيسة البرتغالية استمرت، وظلت البرازيل تدفع ضريبة سنوية مرتفعة لهذه الكنيسة حتى العقد الثاني من القرن العشرين. يوجد كثير من النماذج والقصص التاريخية القديمة والمعاصرة بشأن شراء الدول، ولكن المهم أن هذين النوعين هما الأكثر شيوعاً بين مختلف الحالات. وفي ضوء هذه الحقيقة فإن تبني إيران مبدأ تصدير الثورة يهدف إلى تحقيق النوع الثاني من نماذج شراء الدول، وهو الشراء الأيديولوجي، فطهران لا تطلب احتلال إحدى الدول أو شراءها بالمال أو الماديات، وإنما الشراء يتم من خلال نشر أيديولوجيا ولاية الفقيه. بالمقابل إذا كانت بعض القوى السياسية تعتبر المساعي التي تبذلها الدولة البحرينية والمدعومة شعبياً نحو الاتحاد الخليجي شكلاً من أشكال (بيع الدولة)، فإن المسألة تختلف تماماً لأنها ليست ضمن نماذج شراء الدول. بل يمكن اعتبار أنشطة المعارضة الراديكالية في البحرين، شكلاً من أشكال الدعم لشراء الدولة البحرينية أيديولوجياً من قبل طهران. والمحاولات التي قامت بها المعارضة الراديكالية خلال فبراير ومارس 2011 تعتبر محاولات لشراء الدولة البحرينية بأسلوبين أحدهما الأيديولوجيا والآخر القوة.