Wednesday, May 23, 2012

لا مناص من الاتحاد

نجاة المضحكي
لم يكن حلم التمدّد الصفوي خاطرةً طارئة أو فكرةً طازجة، بل هو تاريخ ممتد يسير عليه “بنو صفيون” منذ العهد السالف حتى اليوم، وما شهدته البحرين وتشهده دول الخليج من التحرّك الصفوي الذي يقوده أحفاد إسماعيل الصفوي هو جزء ممتد للتاريخ الذي أتشح فيه جدهم الأكبر بالسواد، وكتب على أعلامه السوداء كلمة “القصاص”، وذلك بعد هزيمته في معركة جالديران على يد السلطان العثماني “سليم الأول”. إن كلمة “القصاص” اليوم هي كما كانت من قبل، وإن تعدّدت ألفاظها وتطوّرت مصطلحاتها حسب ظرف الزمان والمكان، ومن مرادفاتها التي أطلقها اليوم أتباع إيران، وهي نفسها التي ترى الاتحاد الخليجي عودة للدولة العثمانية التي كانت تخوض سفنها حروباً ضارية في شمال أفريقيا ضد الحملات الصليبية، وكانت حينها الدولة الصفوية تُحارب دولة الخلافة العثمانية حامية حمى الحرمين الشريفين، مما دفع الدولة العثمانية للتصدي لهذا الغول الصفوي. ها نحن اليوم نعيش أحداثاً أشبه بما مرت على الدولة العثمانية، مع الاختلاف الكبير بين سلاطين الدولة العثمانية آنذاك وبين الأنظمة الخليجية التي لم تأخذ في حسابها قطع أيدي الغول الصفوي، بل تركته يتمدد، والفرق يكون واضحاً عندما نستلهم العزيمة المتحمسة التي تتحسس الخطر قبل وقوعه، وها هو خطاب السلطان العثماني إلى إسماعيل الصفوي دليل يثبت الفرق في التعامل في الفترات الحرجة التي تمر بها الأمة الإسلامية، حيث يقول “أنا زعيم وسلطان آل عثمان، أنا سيد فرسان هذا الزمان، أنا الجامع بين شجاعة وبأس أفريدون الحائز لعز الإسكندر، أنا كاسر الأصنام ومبيد أعداء الإسلام، أنا الملك الهمام السلطان سليم خان، أتنازل بتوجيه إليك أيها الأمير إسماعيل، يا زعيم الجنود الفارسية. ولما كنت مسلماً من خلصة المسلمين وسلطاناً لجماعة المؤمنين السنيين الموحدين وإذا أفتى العلماء والفقهاء الذي بين ظهرانينا بوجوب قتلك ومقاتلة قومك فقد حق علينا أن ننشط للحرب ونخلّص الناس من شرِّك”، حيث قرر سليمان القانوني التصدي لمؤامرة الدولة الصفوية بعد الفراغ من الإصلاح العسكري وتوطيد الأمور الداخلية، كي يحمي ظهره في الداخل، الذي دفع به لتتبّع وحصر أتباع الصفوية ومن شقوا عصا الطاعة وخرجوا على الدولة العثمانية وأيدوا الشاه إسماعيل الصفوي في الأناضول وغيرها من الولايات، ثم قام بفرض الرقابة عليهم بإعدام وسجن الكثيرين منهم واستعمل معهم سياسة صارمة، وذلك من أجل حفظ الدولة الإسلامية، والتي أثبتت سياسته هذه نتائجها الإيجابية في وقف التمدّد الصفوي الذي كان يخطط للسيطرة على الحرمين الشريفين. التاريخ اليوم هو نفسه ويتطلب اتخاذ القرار الحاسم بإعلان الاتحاد الخليجي، وعدم التساهل في العقوبة الرادعة مع أتباع الصفوية الذين يستغلون التردد في زيادة تمكينهم وتنفيذ مخططاتهم بكسب مزيد من الوقت حتى يتمكَّن حلفاؤهم من التدخل عسكرياً. إن حالة دول الخليج العربي تحتاج اليوم لمثل خطاب سليمان القانوني لتعرف الدولة الصفوية وأتباعها الصفويون حجمها -وخاصة في البحرين- الذين تقلّدوا السواد وكتبوا كلمة القصاص على رايتهم وجدرانهم ومواقعهم وفي خطاباتهم، والتي صرّح بها وليّهم الفقيه علانية وعلى مسمع العالم حين صرخ بـ«اسحقوهم”، فماذا بعد إذاً تنتظر دول الخليج العربي إلا أن تأتيها البوارج الإيرانية بعد أن تنسحب الأساطيل الأمريكية، وتُصبح الممرّات صعبة لدخول درع الجزيرة مرة ثانية البحرين