Wednesday, May 23, 2012

مسكين الوطن

أحمد جمعة
اسمحوا لي بداية ان أقول لم اعد اثق بأحد ممن يراهن ويدعي بأن قلبه على الوطن ولا تراه يفعل شيئاً للوطن سوى الادعاء، واسمحوا لي بأن أحرر نفسي من المشاركة في الكثير من الفعاليات الصوتية التي ليست سوى صدى يردده الخلاء، ولم اعد اثق بالكثير من تصريحات المسؤولين عندما يرددون شعارات واحياناً يهددون ويحذرون ولا صدى لتصريحاتهم وبياناتهم التحذيرية حتى ان الطرف الآخر لا يجد فجاجة من السخرية من تلك البيانات واحياناً حتى القرارات. استغرب كيف نريد الخروج نهائياً من آثار وتداعيات الأزمة التي مررنا بها وفي نفس الوقت لا نبذل جهداً مضاعفاً يوازي النتائج التي نتجت عن المحنة القاسية التي مررنا بها، فالمسئولون لا يبذلون ما في وسعهم وحركتهم توازي حركة السلحفاة وهناك بعض الوزراء والوكلاء بالكاد سمعوا ان البحرين تحاول التعافي مما مرت به وبعض الوكلاء لم يسمعوا عن شيء اسمه التعافي أما بعض الشورى فإنهم خارج الحسابات الوطنية التي لها علاقة بالواقع. لن نذهب بعيداً ولن نسرح في الخيال ولن نقفز الى أوروبا وأمريكا لتصوير الأعمال الاجرامية التي تدار من ورائنا لتدمير سمعة للبحرين اعلامياً وسياسياً وحقوقياً، ما يجري الآن تحت اقدامنا وعند ابوابنا وعلى مرأى ومسمع منا أي هنا من داخل البحرين وفي دول مجلس التعاون، ففي الكويت ودولة الامارات وخاصة بدبي هناك طوابير تعمل ضدنا، وهناك طوابير تدق ليل نهار اوتاداً في تصوير البحرين كأنها دولة مارقة، دولة تأكل حقوق الانسان وتهين شعبها وتنتقم من ابنائها بينما الذي يجري في الحقيقة هو العكس.. وهو ان هناك فئة من أبناء البحرين فقدت البوصلة الوطنية وذاب الانتماء الوطني وضاع الشعور نحو الأرض والسماء والبحر وحل مكانه الالتحاق بالأجنبي وبيع النفس بأرخص الاثمان، لا بل ان هناك بعض القرارات تضاف الى كل ما ذكرت في ضرب البحرين ولا اعرف تفسيراً على الاطلاق لما يجري، فخذوا على سبيل المثال لا الحصر الترخيص لمسيرة البديع التي رفعت شعار التمسك بسيادة البحرين والتي كانت بكل وضوح ومن دون ستار ولا غموض تعترض على الاتحاد الخليجي بالتزامن مع المسيرة الايرانية التي سارت في طهران تندد بالاتحاد وكان التنسيق والهدف والشعار واحداً وقد تزامن ذلك أيضاً مع خطاب ودعوة عيسى قاسم الناطق الرسمي من بعيد عن التوجه الايراني كل هذا التنسيق جرى بموافقة السلطات الرسمية في دولة البحرين المستقلة وتقولون لي بعد ذلك لماذا لا نراك معنا في كذا وكذا. ونحن سائرون في الاتجاه الذي يخرج البحرين من اثار المحنة التي مررنا بها لابد من العودة الى الحديث عن المتغيرات وعن الديمقراطية وعن الاحزاب وعن التجارب المختلفة التي مرت بها البلاد سياسياً الى الحد الذي نرى فيه من يعمل وجها لوجه ضد مصلحة بلاده ونسهل له الوسيلة وآخرها الترخيص لمسيرة ضرب الاتحاد، أيعقل في البحرين التي ترفع شعار الاتحاد تجري فيه مسيرة واحدة في طهران وواحدة في البحرين في يوم واحد وفي ساعة واحدة وبنفس الشعارات وتقولون بعد ذلك هناك وطن ووطنية.. على من تضحكون؟ لابد ان نضع في الاعتبار موقع البحرين الاقليمي وهل ندرك حجم التحديات من حولنا وحجم التهديدات والاستهدافات التي تستهدف كياننا ووجودنا ومصير هذا البلد الذي برغم كل ما مرت به المنطقة في السابق حافظ على الاستقرار وواصل عملية البناء والتنمية التي مهما سابقتنا الدول الاخرى في المنطقة، الا ان هناك حسابات أكدت الازمة الاخيرة ان حسابات البحرين خلال الثلاثين سنة الماضية كانت صحيحة لكن المعالجة خاطئة، فبقدر الخسائر التي تبدو من فقداننا الموقع الاقتصادي بفضل التفريط في الاجراءات ومن تراجعنا الاعلامي وحشر البحرين في الخطابات السياسية الرنانة التي افقدتنا المبادرة على صعيد السياحة والاعلام، الا ان هناك حتى الآن من لم يفتح عينيه ليرى ما يجري لأنه مشغول بقرارات لا علاقة لها بما يجري في البحرين.