Wednesday, May 23, 2012

رفض الإدانة من المعارضة في شيء

عبدالله الكعبي
مجموعة من المتابعين للشأن البحريني وأنا أحدهم، لم يعترفوا في يوم أن هناك معارضة حقيقية في البحرين وأن الجمعيات التي تطلق على نفسها هذا المسمى أو تحاول أن تصنف نفسها على أنها جمعيات معارضة ما هي إلا جمعيات تفتقر إلى الرؤية الواضحة والصورة الحقيقية التي يجب أن يكون عليها مجتمعنا بعد أن يستفيد من وجود المعارضة الحقيقية في حياته.
هذه الجمعيات على صنفين، فجمعيات الصنف الأول تفتقر إلى وجود الاعتراف الشعبي بوجودها مما يدفعها دفعاً لتبني أفكار الغير بغية الحصول على الجماهيرية نظير تلك الخدمات المجانية التي تقدمها للغير حتى يتفضل عليها بشيء يسير من المكاسب السياسية أو تحقيق الجماهيرية التي تتعطش لها بشدة.
أما جمعيات الصنف الثاني فهي الطرف الذي يحاول أن يستغل هذا المسمى الفضفاض لخدمة المصالح الخارجية على اعتبار أن العمل المعارض لسياسات الداخل هو مدخل طبيعي لتدخلات الخارج الذي بإمكانه أن يمول ويدعم ويوجد البديل المناسب في وقت الحاجة.
الأحداث الأخيرة في البحرين وتداعياتها أكدت حقيقة الجمعيات التي توصف تجاوزاً بالمعارضة، بل وفضحت حقيقتها بعد أن تبين أنها مجرد جمعيات عميلة تعمل وفق آليات معينة خدمةً لمصالح خارجية تحاول أن تنال من البحرين وشعبها وتعمل على تعجيم لسانها العربي انطلاقاً من القول الذي يروج له حالياً بأن الحل الأمثل للخروج من أزمة البحرين هو ربطها بالساحل الشرقي للخليج الذي تحتله إيران، وليس الغربي الذي يعيش عليه العرب منذ آلاف السنين.
الدعوة التي تبنتها مؤسسات السلطة الرسمية في البحرين والتي يؤيدها كل إنسان مخلص لن تجد لها صدى عند القائمين على تلك الجمعيات نظراً لتعارضها مع سلوكهم المبرمج على السمع والطاعة لأولياء أمورهم في الخارج والتي تشكل الإدانة لتصرفاتهم خروجا عن المألوف وانقلابا على الوضع القائم الذي لا يمكن أن يتنكروا له سواء تعلق الأمر بالوطن أو بالأخلاق أو بالأعراف التي ضربوا بها جميعاً عرض الحائط حينما وضعوا أيديهم في يد كل القوى التي تسعى اليوم لتجسيد واقع جديد كانوا حتى وقت قريب ينأون بأنفسهم عنه ربما حياءً أو خوفاً من ردة فعل غير متوقعة.
يكذب من يدعي أن في البحرين أحزابا أو جمعيات معارضة لأن المعارضة الحقيقية هي أداة بناء لا هدم وولاء وانتماء لا تتنكر للأرض والتاريخ وكل الماضي الجميل حيث تحاول ما تعرف بالمعارضة في البحرين هدمه والعبور على أنقاضه إلى المستقبل الذي بلا عنوان ولا حتى أفق يصلح أن يكون مشتركاً لجميع أهل البحرين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم.
الأوضاع الحالية في المنطقة وفي العالم بوجه عام تبشر بالكثير من الخير وهي بالمناسبة ليست في صالح تلك العنتريات التي دنى أجل زوالها، واعتقد أنه لا حاجة لأحد أن يعيد التذكير بما يجب أن يفعله عملاء الخارج، لأن هؤلاء اختاروا الدرب الأصعب لبلوغ أهدافهم وتجاهلوا كل النداءات السابقة بالرغم من صدقها وخوفها عليهم على اعتبار أن الوطن لا يمكن أن يعوض وأن جملة المتآمرين عبر التاريخ لم يكن لهم مكان في النهاية إلا ما تعارف عليه البشر بمزبلة التاريخ. فالأمثلة على تلك الأفعال كثيرة وأصحابها في النهاية ليسوا سوى جسر أو ممر يعبر عليه الغزاة والطغاة والمحتلون لتحقيق أهدافهم قبل أن يتخلصوا منهم ويختاروا غيرهم لإكمال المشوار.
الإدانة الحقيقية لأي عمل مشين لا تنتزع انتزاعاً ولا يجب إرغام أحد عليها لأنها تعبير صادق وحقيقي ينبع من القناعة وهي دليل صدق المشاعر والإيمان الكامل بحب الوطن والصدق معه. لذلك فإن الإدانات المزيفة ليست سوى تأييد مبطن لذلك العدوان وقد تكون إشارة مصدرها الخارج الذي يملي على جماعته التصريح بتلك الإدانات لامتصاص الغضب وتهدئة النفوس من أجل تجربة أدوات أخرى قد تكون أكثر قدرة على النجاح بعد أن أثبتت كل الأدوات السابقة فشلها.