Wednesday, May 23, 2012

رايات دشتي السوداء والنظام السوري

داود البصري
موضة رفع الرايات السوداء التي ميزت الصراع السياسي الداخلي الراهن في الكويت، يبدو أن لها تداعيات وإرهاصات ولربما جذور فكرية وسياسية تتجاوز بكثير كل محاور أزمة الحياة السياسية الداخلية الكويتية لتمتد طوليا وعرضيا في محيط وبحار الأزمات الإقليمية الساخنة التي يتخبط في لجتها أكثر من طرف في الشرق القديم الذي يغلي هذه الأيام بنيران الثورات والانتفاضات التغييرية في العالم العربي وهو يودع العقد الأول من الألفية الثالثة بمظاهر تغيير وتحول تاريخية غير مسبوقة. ويبدو أن النائب الكويتي عبدالحميد عباس دشتي الذي حمل على كتفيه كما يقول صولجان حقوق الإنسان في كل مكان وزمان ويحرص على السفر لجنيف من أجل متابعة نشاطات حقوق الإنسان الدولية قد قرر رفع الراية السوداء وبشكل استعراضي من أجل الدفاع عن واحد من أسوأ وأحقر الأنظمة الفاشية في العالم وهو نظام القتل الوراثي البعثي السوري الذي يعتبر النائب دشتي واحدا من كبار المدافعين عنه والمبشرين بنقائه وطهارته وبثوريته وصموده وتصديه وحتى بدستوره المهزلة المسلوق في مطاعم المخابرات السورية والذي يخول للسيد الرئيس ولاية وراثية تستمر حتى عودة «غودو»!.. المهم أن السيد دشتي وهو يرفع راياته السوداء تحت سقف قبة عبدالله السالم الكويتية العريقة لم يكن يحتج فقط على طريقة التعامل مع ازمة اقتحام مجلس الأمة فقط بل كان يلوح بالرايات السوداء القادمة من المشرق والتي قد تستطيع انتشال نظام صديقه الرفيق المناضل قاتل الأطفال بشار من مصيره المعلوم والذي سبقه إليه كل من الرفاق صدام حسين ومعمر بومنيار وزين العابدين بن علي وغيرهم الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، مباشرة بعد حفلة رفع الرايات السوداء أعلن السيد دشتي عن خبر زيارته لجنيف لمتابعة نشاطات لجنة حقوق الإنسان الدولية هناك وهي اللجنة التي ادانت ممارسات النظام السوري وأفعاله الإجرامية وصنفته بكونه نظاما متوحشا يمارس الإبادة البشرية وبالتالي فهو مرشح قوي للمتابعة الجنائية الدولية بعد فتح ملفاته الإرهابية في الشرق الأوسط؟ ترى هل سيحمل السيد دشتي راياته السوداء معه ليوزعها على المنتدى الدولي؟ وهل سيلطم هناك لطمة الدفاع عن نظام فاشي مجرم لا يجرؤ حتى أهله للدفاع عنه؟ وهل سيحاول دشتي ثني الإرادة القانونية الدولية عن قراراتها الساخنة القادمة التي ستحول النظام السوري لمنبوذ وملاحق وإرهابي دولي؟ ماذا سيقول وهو القانوني والحقوقي عن ملفات الإرهاب والقتل الشامل المرعبة التي يديرها النظام السوري ويعرف حقائقها حتى الأطفال الذين لم تسلم أجسادهم الغضة الطرية؟ هل سيقول إن من يقتل الأحرار في دمشق ليس النظام وعناصره بل إنهم عناصر من «الجن» ولربما من غزاة الفضاء القادمين من عوالم كونية مجهولة لإدارة المؤامرة الكونية ضد نعاج الشام المستنسخين؟ وهل سيتهم دشتي قوات حفظ النظام البحرينية بقتل المتظاهرين في بابا عمرو ودرعا وحماة وأدلب؟ وهل سيبلغ دشتي لجان حقوق الإنسان الدولية بضرورة تبني الدستور السوري المستنعج الجديد الذي بشر به في مجلس الأمة قبل حفلة رفع الرايات السوداء؟ هل سيستطيع السيد دشتي إحداث انقلاب حقيقي في فكر ورؤية منظمات حقوق الإنسان الدولية من النظام السوري ليرفع قضية جنائية ضدها هناك مطالبا بالتعويض المادي السريع للعطل والضرر الذي أصاب السمعة الإنسانية لجهاز المخابرات السورية ولفروع القوة الجوية و279 و255 و235 وفروع فلسطين والعراق والصومال في تلكم المخابرات؟ وهل سيطالب دشتي المجتمع الدولي برد الاعتبار لعناصر الشبيحة وحزب خدا وجيش المهدي وفيلق القدس الحرسي وهم يؤمنون السلام الأهلي في سوريا ويخططون للقفز السريع على الجولان وتحريرها بعد توفر المازوت للدبابات السورية؟... ما نراه من تحركات مثيرة للسخرية للدفاع عن نظام بشار لا يثير الوجع في التفس البشرية بل يؤشر على أن حقبة سوداء وأشد سوادا من قطع الليل المظلم ومن قماش دشتي الأسود ستسود المنطقة... والله حالة.. إنها الفوضى السوداء غير الخلاقة والفتنة العمياء المخطط لها جيدا وهي تظــل بقرونها.. وعطلة سعيدة في جنـيف...؟