Wednesday, May 23, 2012

غاب عبدالناصر فاستحوذ الإخوان على مصر

حمد الهرمي
يرسل أرباع السياسيين في البحرين أحكاما وإطلاقات عجيبة مثل (الاستقرار في مصر يؤدي إلى الاستقرار في البحرين للارتباط التاريخي)، تشعرني هذه الفذلكة الغبية بمدى تشوه الفكر التحليلي السياسي لدى ارباع السياسيين الذين للأسف يشكلون واقع الفكر السياسي في البحرين مرحليا، لا يقوى احدهم ان يفسر العلاقة السياسية بين مصر ودول الخليج العربي ليعزيها الى التاريخ، ربطنا جمال عبدالناصر بمصر لأنها كانت بؤرة الوحدة الوطنية وميدان الكرامة للدفاع عن الحقوق العربية المغتصبة، لكن بعد كامب ديفيد انتهت اصبحت مصر دولة هامشية لقضايا العرب الكبرى وهذا ما أحدث التخبط بسبب عدم استعداد بقية الدول العربية للعب الدور المصري كجامعة لشمل الدول العربية، وتحديدا ذلك ما جعل ايران وغيرها يطمعون في هذه الدول المكتنزة بالثروات، وفشل صدام حسين بامتياز في لعب الدور لافتقاره للحكمة التي كان يتمتع بها جمال عبدالناصر كقائد.
اليوم بعد ان استحوذ الإخوان المسلمين على مصر صار على أرباع المحللين السياسيين لدينا ان يعرفوا ان علاقتنا كدول خليجية بصورة عامة والبحرين بصورة خاصة هي علاقة ابتزاز كل حسب تغلغل تيار الاخوان المسلمين لديه لذلك فالبحرين والكويت وقطر هي الدول المرشحة لأن تدخل في اشكاليات كما هو الحال بعد الثورة الايرانية حينما بدأ الخميني يصدر ثورته الى الكويت والبحرين، فالإخوان المسلمين المسيطرين بمعاونة الاميركان على مقاليد القرار في مصر لن يترددوا في تصدير أيدولوجيتهم الى البحرين والكويت وقطر عبر مزيد من الترغيب والترهيب لتعيين كوادرهم - المطيعة للمرشد الأعلى او المرشد العام - من جيوب حزبهم في هذه الدول التي كانت طوال الوقت مهادنة وتمالي الانظمة، اما اليوم فاصبح لهم مرجعية ذات حضور سياسي وثقل عسكري وشعبي بإمكانها ابتزاز اصحاب القرار في دولنا وهذا يجبر الانظمة الخليجية للتعامل مع كوادر هذا التيار بمكيال ومعيار مختلف اليوم.
اذن حينما نتحدث عن مصر وتأثيرها على البحرين او غيرها من دول مجلس التعاون ينبغي علينا ان نكون اكثر نضجا ورصانة ونتعامل مع الاشياء بمسمياتها، فحكم الاخوان لمصر هذا يعني اننا امام اطماع توسعية جديدة تضاف الى اطماع ايران في المنطقة، فلنبتعد عن بيع العواطف بأساليبنا التحليلية الساذجة التي لم نأخذ منها الا الصفعات المتكررة من كل الاطراف.
لاحظوا الشبه بين الثورة الخمينية في نهاية سبعينيات القرن الماضي والثورة الاخوانية التي اطلقوا عليها الربيع العربي، كلا القيادات اتت من الغرب فالخميني تم تربيته في فرنسا اما الاخوان فتم تربيتهم في اميركا وفرنسا وبريطانيا مع استخدام مثمر لبعض الدول الخليجية لاستثمار الجانب الإعلامي لديها. الجهتان تخضعان لقيادة مقدسة ولاية الفقيه في إيران والمرشد الأعلى او العام لدى الاخوان في مصر، كلا الطرفين زرعا جيوبا لهما في دول المحيط لتصدير نفوذهما في تلك الدول، كلا الحزبين حشدا مختلف القوى للصعود في الأخير على اكتافهما للوصول للكراسي والسلطة وهذا حدث في ايران قبل اكثر من خمس وثلاثين سنة في ايران وهو حاصل اليوم في مصر وكلاهما استهلا نشاطهما السياسي بتصفية حلفائهما، كلا الحزبين يرأسهما وكيل الله على الارض (استغفر الله).
ماذا يريد ارباع مفكرينا لكي يعرفوا ما هو تأثير مصر في المرحلة القادمة على دولنا الخليجية، نحن جميعا امام خطر الاخوان بالضبط كما نحن امام خطر اتباع الولي الفقيه، وهذا ما يجعلنا ان نستعيد فلسفة القائد عبدالناصر واسلوب تعامله الحذر مع تطلعات كوادر الاخوان في التمدد وتصدير سلطتهم لتشمل مجمل الخارطة العربية.
ان الكيل بمكيالين في تعاملنا مع الاخوان المسلمين والخمينيين لهو ضرب من الجهل واتاحة الفرصة لكماشة لن يكون لأنظمتنا او تياراتنا على اختلافها مخرج منها لاحقا، والنموذج التونسي ماثل امامنا حيث الجميع يئن من تمدد الاخوان وفرض شروطهم في الحكم دون الاعتراف بشروط الديمقراطية او الحريات التي ركبوا صهوتها حتى بلوغ الحكم، والاميركان عرابو الربيع العربي يتفرجون كما تفرج الفرنسيون حينما انقض الخميني على حزب توده وغيرهم وقضى عليهم كون ثورته لا تقبل الشركاء وهذا ما يفعله الاخوان في مصر مع المجلس العسكري ويفعله الاخوان في تونس مع بقية الفصائل السياسية هناك.
لست ضد الاخوان كما يعتقد بعض كوادره ممن بدأوا يهاجمونني عبر وسائل مختلفة، لكنني ضد برنامجهم التوسعي الذي يقصي الآخرين، وأتمنى من الكوادر القادرة على التساؤل ان تطرح اسئلة جوهرية فيما يتعلق بالعنف الذي يمارسه تيارهم ضد الفرقاء، وضد التيارات الأخرى سواء في مصر او في تونس او في البحرين، اتمنى على كوادر الاخوان ان يتعظوا مما جرى لهم حينما اقصاهم الشارع بسبب اجندة تيارهم التوسعية العنيفة التي لا تؤمن بالديمقراطية، لكن هذا ليس موضوع المقال فموضوعي الرئيسي هو تحذير صاحب القرار ومده بدروس القائد جمال عبدالناصر حينما حجم تيار الاخوان دون ان يسلبهم حقهم في العيش والحياة بدليل ان غالبية مشايخ الاخوان المسلمين هم من اغنياء مصر والدول العربية وهم غالبا من تورط في قضايا توظيف الاموال في مصر التي بلغت الاموال فيها مئات الملايين من الدولارات والجنيهات الاسترلينية والجنيهات المصرية.