Monday, July 11, 2011

ولاية عيسى قاسم على البحرين

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1946 السبت 9 أبريل 2011

   لو كان نظام ولاية الفقيه موجوداً‮ ‬لدينا في‮ ‬البحرين،‮ ‬فإنه بلاشك سيكون الشيخ عيسى قاسم وكيلاً‮ ‬للولي‮ ‬الفقيه ومرشد الجمهورية الإيرانية في‮ ‬البحرين‮. ‬ولكن ماذا سيترتب على ذلك؟ طبعاً‮ ‬نتحدث هناك عن نظام سياسي‮ ‬مختلف عن النظام الملكي‮ ‬الدستوري‮ ‬المعتمد حالياً‮ ‬في‮ ‬مملكة البحرين،‮ ‬لأن نظام ولاية الفقيه‮ ‬يعد نظاماً‮ ‬بوليسياً‮ ‬من الدرجة الأولى ويقمع حريات المواطنين وحقوقهم باسم الدين،‮ ‬فرجل الدين سواءً‮ ‬كان صغيراً‮ ‬أو كبيراً‮ ‬لديه السلطة في‮ ‬التحكم بمفاصل الدولة‮. ‬ إذا تأسس نظام ولاية الفقيه في‮ ‬المنامة،‮ ‬فإن حريات المواطنين ستنتهي،‮ ‬وسيتم استبدالها بحقوق دينية وشرعية‮ ‬يبتكرها رجال الدين،‮ ‬فهي‮ ‬الحقوق التي‮ ‬حددها الشرع للمواطنين في‮ ‬الدنيا،‮ ‬ومن‮ ‬يطالب بحقوق‮ ‬غيرها فإنه مخالف للشريعة الإسلامية‮. ‬ برلمانياً‮ ‬اليوم لدينا برلماناً‮ ‬يضم‮ ‬غرفتين إحداهما منتخبة،‮ ‬والأخرى معيّنة،‮ ‬وهنا تتوافق إرادة الشعب عندما‮ ‬يختار ناخبيه بحرية،‮ ‬وإرادة الملك عندما‮ ‬يختار ما‮ ‬يراه مناسباً‮ ‬من كفاءات لعضوية مجلس الشورى‮. ‬ولكن في‮ ‬نظام ولاية الفقيه،‮ ‬فإن المسألة مختلفة تماماً،‮ ‬وليس حقاً‮ ‬لكل فرد أن‮ ‬يرشح نفسه للانتخابات،‮ ‬بل هناك آليات معقدة تقوم على أن‮ ‬يكون لرجال الدين الكلمة الأخيرة في‮ ‬تحديد من‮ ‬يترشح ومن لا‮ ‬يترشح،‮ ‬ولابد أن‮ ‬يحصلوا على مباركة رجل الدين على الأقل،‮ ‬أو الولي‮ ‬الفقيه‮ (‬مرشد الثورة‮). ‬في‮ ‬المجتمع نفسه،‮ ‬لن تستمر الجمعيات السياسية الحالية كما هو معمول به في‮ ‬النظام الملكي‮ ‬الدستوري‮ ‬الذي‮ ‬توافقنا عليه مع حمد بن عيسى،‮ ‬لأن نظام الولي‮ ‬الفقيه لا‮ ‬يسمح إلا بإنشاء الأحزاب والتنظيمات السياسية الإسلامية بمختلف اتجاهاتها،‮ ‬وإذا كانت هناك توجهات ليبرالية أو حتى‮ ‬يسارية أو قومية فإنه‮ ‬يتم محاربتها وتفكيكها لأنها خارجة عن الدين والقانون الذي‮ ‬رسمه لهم الولي‮ ‬الفقيه‮.‬ المواطنون اليوم‮ ‬يستمتعون كثيراً‮ ‬بالتوجه للمجمعات التجارية وبعض الأماكن الترفيهية لأن النظام الملكي‮ ‬الدستوري‮ ‬يكفل لهم حداً‮ ‬معيشياً‮ ‬مقبولاً‮ ‬مع إمكانية تطوير هذا المستوى المعيشي‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬وقت وبما‮ ‬يتناسب مع ظروف المجتمع‮. ‬ولكن نظام ولاية الفقيه ماذا سيقدم؟ ببساطة نظام ولاية الفقيه‮ ‬يقوم على نظام المال الديني‮ ‬ـ السياسي،‮ ‬وهو المال الذي‮ ‬يتم تحصيله بطرق وآليات معينة ويعود ريعه لصالح عدد من رجال الدين،‮ ‬وبعض المؤسسات الدينية التي‮ ‬يضمن لها هذا النظام تراكماً‮ ‬مستمراً‮ ‬للثروة،‮ ‬وتكون النتيجة الحتمية لمثل هذا الوضع،‮ ‬هو تكوين طبقة من رجال الدين‮ ‬يملكون ثروات ضخمة من المال واستثمارات داخل وخارج البحرين جاءت من قوت الشعب باسم الدين طبعاً‮. ‬ويسفر عن ذلك وجود شريحة واسعة من المواطنين تعيش تحت خط الفقر،‮ ‬ووجود نخبة مرفهة من رجال الدين تعيش في‮ ‬القصور،‮ ‬ولا تبالي‮ ‬بالشعب إلا إذا عصى أوامرهم لأنها مستوحاة من الدين بلاشك‮. ‬لذلك لا نستغرب تماماً‮ ‬من الوثائق التي‮ ‬اطلع عليها الرأي‮ ‬العام البحريني‮ ‬على مدى الأسابيع الماضية بشأن الأموال الموجودة في‮ ‬حساب الشيخ عيسى قاسم وتقدر بنحو مليوني‮ ‬دينار،‮ ‬في‮ ‬حين أن المئات من أبناء الدراز مازالوا‮ ‬يعانون من نقص ذات اليد،‮ ‬ويبحث أبناؤهم عن وظائف،‮ ‬كما إنهم‮ ‬يبحثون عن حلول لمشاكلهم الإسكانية‮. ‬سبب هذا التناقض الصارخ،‮ ‬هو إيمان وقناعة الشيخ عيسى قاسم بنظام ولاية الفقيه وإمكانية استنساخه في‮ ‬البحرين،‮ ‬ولذلك نجد أن ممارساته ومواقفه خلال الفترة الماضية أكبر دليل على هذا النهج الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬محاربته في‮ ‬البحرين