يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1946 السبت 9 أبريل 2011
صحيفة الوطن - العدد 1946 السبت 9 أبريل 2011
لو كان نظام ولاية الفقيه موجوداً لدينا في البحرين، فإنه بلاشك سيكون الشيخ عيسى قاسم وكيلاً للولي الفقيه ومرشد الجمهورية الإيرانية في البحرين. ولكن ماذا سيترتب على ذلك؟ طبعاً نتحدث هناك عن نظام سياسي مختلف عن النظام الملكي الدستوري المعتمد حالياً في مملكة البحرين، لأن نظام ولاية الفقيه يعد نظاماً بوليسياً من الدرجة الأولى ويقمع حريات المواطنين وحقوقهم باسم الدين، فرجل الدين سواءً كان صغيراً أو كبيراً لديه السلطة في التحكم بمفاصل الدولة. إذا تأسس نظام ولاية الفقيه في المنامة، فإن حريات المواطنين ستنتهي، وسيتم استبدالها بحقوق دينية وشرعية يبتكرها رجال الدين، فهي الحقوق التي حددها الشرع للمواطنين في الدنيا، ومن يطالب بحقوق غيرها فإنه مخالف للشريعة الإسلامية. برلمانياً اليوم لدينا برلماناً يضم غرفتين إحداهما منتخبة، والأخرى معيّنة، وهنا تتوافق إرادة الشعب عندما يختار ناخبيه بحرية، وإرادة الملك عندما يختار ما يراه مناسباً من كفاءات لعضوية مجلس الشورى. ولكن في نظام ولاية الفقيه، فإن المسألة مختلفة تماماً، وليس حقاً لكل فرد أن يرشح نفسه للانتخابات، بل هناك آليات معقدة تقوم على أن يكون لرجال الدين الكلمة الأخيرة في تحديد من يترشح ومن لا يترشح، ولابد أن يحصلوا على مباركة رجل الدين على الأقل، أو الولي الفقيه (مرشد الثورة). في المجتمع نفسه، لن تستمر الجمعيات السياسية الحالية كما هو معمول به في النظام الملكي الدستوري الذي توافقنا عليه مع حمد بن عيسى، لأن نظام الولي الفقيه لا يسمح إلا بإنشاء الأحزاب والتنظيمات السياسية الإسلامية بمختلف اتجاهاتها، وإذا كانت هناك توجهات ليبرالية أو حتى يسارية أو قومية فإنه يتم محاربتها وتفكيكها لأنها خارجة عن الدين والقانون الذي رسمه لهم الولي الفقيه. المواطنون اليوم يستمتعون كثيراً بالتوجه للمجمعات التجارية وبعض الأماكن الترفيهية لأن النظام الملكي الدستوري يكفل لهم حداً معيشياً مقبولاً مع إمكانية تطوير هذا المستوى المعيشي في أي وقت وبما يتناسب مع ظروف المجتمع. ولكن نظام ولاية الفقيه ماذا سيقدم؟ ببساطة نظام ولاية الفقيه يقوم على نظام المال الديني ـ السياسي، وهو المال الذي يتم تحصيله بطرق وآليات معينة ويعود ريعه لصالح عدد من رجال الدين، وبعض المؤسسات الدينية التي يضمن لها هذا النظام تراكماً مستمراً للثروة، وتكون النتيجة الحتمية لمثل هذا الوضع، هو تكوين طبقة من رجال الدين يملكون ثروات ضخمة من المال واستثمارات داخل وخارج البحرين جاءت من قوت الشعب باسم الدين طبعاً. ويسفر عن ذلك وجود شريحة واسعة من المواطنين تعيش تحت خط الفقر، ووجود نخبة مرفهة من رجال الدين تعيش في القصور، ولا تبالي بالشعب إلا إذا عصى أوامرهم لأنها مستوحاة من الدين بلاشك. لذلك لا نستغرب تماماً من الوثائق التي اطلع عليها الرأي العام البحريني على مدى الأسابيع الماضية بشأن الأموال الموجودة في حساب الشيخ عيسى قاسم وتقدر بنحو مليوني دينار، في حين أن المئات من أبناء الدراز مازالوا يعانون من نقص ذات اليد، ويبحث أبناؤهم عن وظائف، كما إنهم يبحثون عن حلول لمشاكلهم الإسكانية. سبب هذا التناقض الصارخ، هو إيمان وقناعة الشيخ عيسى قاسم بنظام ولاية الفقيه وإمكانية استنساخه في البحرين، ولذلك نجد أن ممارساته ومواقفه خلال الفترة الماضية أكبر دليل على هذا النهج الذي ينبغي محاربته في البحرين