Monday, July 11, 2011

متى‮ ‬يفكك‮ ‬ عيسى قاسم شبكاته

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1940 الأحد 3 أبريل 2011

من أكبر العوامل التي‮ ‬قادتنا إلى ما نحن عليه اليوم من مآسٍ‮ ‬وقسوة في‮ ‬العيش والتعامل مع الآخر هي‮ ‬الشبكات الواسعة التي‮ ‬تأسست في‮ ‬البحرين على مدى أكثر من‮ ‬30‮ ‬عاماً،‮ ‬وبتنا اليوم أحوج ما نكون إلى تفكيك مباشر وفوري‮ ‬لهذه الشبكات التي‮ ‬نخرت المجتمع‮.‬ هذه الشبكات لا نقصد فيها تنظيمات سرية،‮ ‬لأنها كثيرة وغير معلنة،‮ ‬وجارٍ‮ ‬حالياً‮ ‬تتبعها وبحث مصادرها وأنشطتها لتجفيف منابعها تمهيداً‮ ‬للقضاء عليها نظراً‮ ‬لخطورتها على الأمن القومي‮ ‬البحريني‮.‬ الشبكات التي‮ ‬أسست في‮ ‬البحرين بدعم خارجي،‮ ‬أو حتى‮ ‬غير خارجي‮ ‬باتت مصدراً‮ ‬مقلقاً‮ ‬بشكل كبير لحالة السلم والأمن الأهليين،‮ ‬ولكن ما سبب خطورتها إذا كانت‮ ‬غير سرية ومعلنة؟ مصدر الخطورة‮ ‬يكمن في‮ ‬أن هذه الشبكات تعمل بيننا ونشاهد عملها ونتعامل معها بطريقة أو بأخرى،‮ ‬فهي‮ ‬شبكات موجودة في‮ ‬شكل مؤسسات المجتمع المدني،‮ ‬أي‮ ‬جمعيات وصناديق خيرية ومؤسسات دينية وحركات حقوقية وطلابية وشبابية ونسائية ونقابية‮. ‬ولا‮ ‬يقتصر الأمر على مؤسسات المجتمع المدني،‮ ‬فلدينا سلسلة واسعة تقدر بـ‮ (‬الآلاف‮) ‬من المآتم والمساجد والحوزات الدينية التي‮ ‬تم تحويل دورها من دور عبادة ووعي‮ ‬ديني‮ ‬إلى مؤسسات للتعبئة السياسية والطائفية منها‮ ‬يتم تربية المواطنين على كره الآخر وكيفية العمل على القضاء عليه‮. ‬ليس ذلك فحسب،‮ ‬وإنما هناك شبكات إعلامية واسعة تعمل ليلاً‮ ‬ونهاراً‮ ‬على بث خطاب إعلامي‮ ‬مقيت ارتبطت بوسائل إعلام تقليدية مثل بعض الصحف والقنوات الفضائية،‮ ‬كما استغلت ببراعة توظيف تقنيات الإعلام الإلكتروني،‮ ‬وخاصة وسائل الإعلام الاجتماعي‮ ‬في‮ ‬تكوين رأي‮ ‬عام داخلي‮ ‬وخارجي‮ ‬مؤيد للاتجاه الطائفي‮ ‬الذي‮ ‬عملت عليه منذ سبعينيات القرن العشرين‮. ‬ في‮ ‬21‮ ‬أكتوبر‮ ‬2004‮ ‬تأسس المجلس العلمائي‮ ‬برئاسة الشيخ عيسى قاسم،‮ ‬وأصبحت هذه الشبكات العشوائية الضخمة تحت إمرته،‮ ‬ولم‮ ‬يكتفِ‮ ‬بذلك بل استطاع بحكم تعيينه من قبل مرشد الثورة الإيرانية خامنئي‮ ‬عضواً‮ ‬في‮ ‬المجمع العالمي‮ ‬لأهل البيت،‮ ‬وهي‮ ‬أكبر مؤسسة شيعية في‮ ‬العالم لعلماء الدين الشيعة ومقرها مدينة قم الإيرانية أن‮ ‬يبسط سيطرته وإمرته على هذه الشبكات الواسعة حتى صارت تتصرف وفقاً‮ ‬للاستراتيجيات العامة التي‮ ‬يحددها‮. ‬ لنتحدث عن جانب هام من النتائج التي‮ ‬أوصلتنا إليها هذه الشبكات في‮ ‬البحرين،‮ ‬حيث ساهمت في‮ ‬تعزيز ربط الطائفة الشيعية بالخارج دينياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬ومالياً‮ ‬واجتماعياً‮ ‬سواءً‮ ‬برغبة أبناء الطائفة أو من‮ ‬غير رغبتهم،‮ ‬حتى أصبح من‮ ‬يخالف تعليمات قاسم أو المجلس العلمائي‮ ‬في‮ ‬قائمة الخيانة للدين وللوطن وللمذهب‮. ‬ومازلنا نتذكر جيداً‮ ‬ما حدث عندما سعت الدولة لاستصدار نظام‮ ‬يؤمن لأئمة المساجد والمؤذنين راتباً‮ ‬ونظاماً‮ ‬تقاعدياً‮ ‬يكفل لهم حياة كريمة على ما‮ ‬يقومون به من دور ديني‮ ‬أساس،‮ ‬فقامت هذه الشبكات بممارسة صنوف من الإرهاب،‮ ‬وشكلت ميليشيات إبطال الصلاة لمن‮ ‬يقبل بهذا النظام،‮ ‬لأن عليه الارتباط بالمؤسسة الدينية التي‮ ‬يتزعمها قاسم فقط‮. ‬ مثال آخر أيضاً‮ ‬عندما أصدر قاسم موقفاً‮ ‬سياسياً‮ ‬بعدم تمثيل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية للطائفة الشيعية وحظي‮ ‬بدعم قوي‮ ‬من الشبكات الشيعية،‮ ‬تحوّل المجلس العلمائي‮ ‬إلى مجلس موازٍ،‮ ‬وذلك انطلاقاً‮ ‬من أن مجلساً‮ ‬مشتركاً‮ ‬يمثل الطائفتين السنية والشيعية لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يمارس مهام الإشراف على الشؤون الدينية للطائفة الشيعية‮. ‬وبعد عدة سنوات انتقل قاسم إلى مرحلة جديدة لإدارة هذه الشبكات،‮ ‬فاعتزل رئاسة المجلس العلمائي‮ ‬في‮ ‬سبيل أن‮ ‬يكون هو القائد،‮ ‬والمجلس العلمائي‮ ‬بمثابة حكومة تدير شؤون الشبكات،‮ ‬فأصبح تدريجياً‮ ‬رمزاً‮ ‬ذاته مصونة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن المساس بها رغم أنه رجل دين قابلة آراؤه للخطأ والصواب،‮ ‬وهي‮ ‬المعادلة الوحيدة التي‮ ‬يمكن التعامل مع كافة رجال الدين في‮ ‬العالم بها،‮ ‬وإن كان مرشد الثورة الإيرانية خامنئي‮. ‬ من هنا،‮ ‬إذا كنا نتحدث اليوم ونطالب بوقف الطائفية،‮ ‬والكراهية المتبادلة،‮ ‬والعنف الإرهابي‮ ‬حتى تهدأ الأمور وتصبح أوضاع الدولة البحرينية أفضل،‮ ‬فمن الواجب أن‮ ‬يقدم على تفكيك هذه الشبكات الواسعة،‮ ‬وإلا لن تكون هناك علاقة طبيعية بين السنة والشيعة أبداً،‮ ‬وإن كان من الصعب جداً‮ ‬جداً‮ ‬عودة هذه العلاقات إلى سابق عهدها،‮ ‬فالطائفة السنية التي‮ ‬لم تقم بتشكيل شبكاتها طوال العقود الماضية،‮ ‬لن تقبل أبداً‮ ‬بمثل هذه الشبكات أكثر مما مضى،‮ ‬لأنها اكتوت بنارها في‮ ‬فقدان الأمن،‮ ‬وقتل أبنائها،‮ ‬والإساءة إليها رغم عدم إساءة السنة لأبناء الطائفة الشيعية‮. ‬ وأعتقد أن الخيار الأمثل في‮ ‬حالة رفض تفكيك مثل هذه الشبكات،‮ ‬هو اللجوء إلى قوة القانون دون مجاملة لتفكيك الشبكات التي‮ ‬عملت على هدم الدولة البحرينية‮. ‬خصوصاً‮ ‬وأننا لم نستخدم القوة لوقف هذه الشبكات عند حدها بعد أن تجاوزت ووصلت إلى مرحلة متقدمة لإنهاء حكم الأسرة الخليفية المالكة،‮ ‬والقضاء على الطائفة السنية الأًصيلة في‮ ‬الدولة