يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1928 الثلاثاء 22 مارس 2011
صحيفة الوطن - العدد 1928 الثلاثاء 22 مارس 2011
هناك قصف جوي خارج منزلنا ولا يمكنني الخروج إلى العمل.. لا يمكنني الخروج إلى العمل فمنطقتي محاصرة أمنياً وأخشى أن أتعرض للرمي من قبل القناصة.. شقيقي توجه للعمل ولكن العسكر خرجوا له من الدبابات وطلبوا منه العودة للمنزل.. لا يمكنني التوجه للعمل لأن هناك قتلاً في الخارج، وسأعود للعمل متى ما توقف القتل.. عفواً ظروفي الصحية لا تسمح لي بالخروج من المنزل فلدي إجازة مرضية.. أعتذر عن العمل فابني الصغير يعاني من الحمى منذ أيام، وأخشى تركه لوحده بالمنزل أو مع والدته....! ليست هذه تصورات خيالية، وإنما هي أعذار واقعية وفعلية لكثير من المواطنين الذين تخلوا عن أعمالهم ومسؤولياتهم الوطنية استجابة لبعض القوى السياسية الإرهابية التي تحاول مواصلة إضرابها وعصيانها المدني لتحقيق مطالبها ''السلمية'' بعدما استباحت دماء المواطنين والمقيمين، واستباحت هذه الأرض الطاهرة لتحقيق تطلعاتها القديمة وتكوّن دولتها الطائفية القائمة على العنف والإرهاب، وليس الورد والسلام كما تدعي. الأعذار تلو الأعذار اليوم ليست مقبولة تماماً.. فالبحرين إذا سمحت لمواطنيها بالتعبير عن آرائهم، وبالإساءة إلى هذه الأرض، وبالإساءة إلى المواطنين والمقيمين، وبالإساءة إلى القيادة، وبالعداء للآخر، وبالمواجهة والقتال ضد الآخر، وبزيادة الكراهية..إلخ، فإنها لن تسمح بمن يسعى لإيقاف عجلة التنمية فيها، وتعطيل مصالح الدولة البحرينية. هناك العديد من الأساليب التي يمكن أن نعالج هذه المسألة، وأعتقد أن الخيارات متاحة كثيراً. ولكن لابد من مناقشة أصل القضية، لماذا يتخلف المواطن عن عمله وعن وظيفته بعد أن انتهت أحداث البحرين ''السلمية''؟ لا أعتقد أن هناك أكثر من خيارين الآن لمن يعزف عن عمله، فالأول هو عدم القبول بالهزيمة والانكسار بعد فترة طويلة من الخداع. والخيار الثاني هو الإصرار والعزيمة على مزيد من الاستكبار وتحقيق النتائج رغم الإيمان والقناعة بأن النهاية قادمة لا محالة ومعروفة نتيجتها سلفاً. وسط هذين الخيارين يمكن تصنيف من يرفض التوجه لعمله اليوم، ولا أجد هناك تصنيفاً أوسع من ذلك، وإلا لماذا نجد الأعذار تلو الأعذار كالتي سردناها في البداية، حتى بات من يصف شعب البحرين بالكذاب من كثرة ما شاهد على الفضائيات الصفراء. ما العمل إذن؟ نحن بحاجة إلى مزيد من الإجراءات ومزيد من الصرامة والشدة في تطبيق القوانين واللوائح بدلاً من الليونة والتردد في تطبيقها إما مجاملة، أو خوف، أو عدم وعي، وعدم قناعة بدولة المؤسسات والقانون التي ينبغي بناءها هنا في البحرين وليس في طهران. فخصم الراتب أو الإقالة من العمل ليس عيباً إذا كنا نسعى لأن يكون لدينا القوانين واللوائح الصارمة التي تطبق على الجميع بشكل متساوٍ، فهي جزء من أي نظام دولة مدنية