Monday, July 11, 2011

ما قدر آروح الشغل

يوسف البنخليل
صحيفة الوطن - العدد 1928 الثلاثاء 22 مارس 2011

هناك قصف جوي‮ ‬خارج منزلنا ولا‮ ‬يمكنني‮ ‬الخروج إلى العمل‮.. ‬لا‮ ‬يمكنني‮ ‬الخروج إلى العمل فمنطقتي‮ ‬محاصرة أمنياً‮ ‬وأخشى أن أتعرض للرمي‮ ‬من قبل القناصة‮.. ‬شقيقي‮ ‬توجه للعمل ولكن العسكر خرجوا له من الدبابات وطلبوا منه العودة للمنزل‮.. ‬لا‮ ‬يمكنني‮ ‬التوجه للعمل لأن هناك قتلاً‮ ‬في‮ ‬الخارج،‮ ‬وسأعود للعمل متى ما توقف القتل‮.. ‬عفواً‮ ‬ظروفي‮ ‬الصحية لا تسمح لي‮ ‬بالخروج من المنزل فلدي‮ ‬إجازة مرضية‮.. ‬أعتذر عن العمل فابني‮ ‬الصغير‮ ‬يعاني‮ ‬من الحمى منذ أيام،‮ ‬وأخشى تركه لوحده بالمنزل أو مع والدته‮....!‬ ليست هذه تصورات خيالية،‮ ‬وإنما هي‮ ‬أعذار واقعية وفعلية لكثير من المواطنين الذين تخلوا عن أعمالهم ومسؤولياتهم الوطنية استجابة لبعض القوى السياسية الإرهابية التي‮ ‬تحاول مواصلة إضرابها وعصيانها المدني‮ ‬لتحقيق مطالبها‮ ''‬السلمية‮'' ‬بعدما استباحت دماء المواطنين والمقيمين،‮ ‬واستباحت هذه الأرض الطاهرة لتحقيق تطلعاتها القديمة وتكوّن دولتها الطائفية القائمة على العنف والإرهاب،‮ ‬وليس الورد والسلام كما تدعي‮. ‬ الأعذار تلو الأعذار اليوم ليست مقبولة تماماً‮.. ‬فالبحرين إذا سمحت لمواطنيها بالتعبير عن آرائهم،‮ ‬وبالإساءة إلى هذه الأرض،‮ ‬وبالإساءة إلى المواطنين والمقيمين،‮ ‬وبالإساءة إلى القيادة،‮ ‬وبالعداء للآخر،‮ ‬وبالمواجهة والقتال ضد الآخر،‮ ‬وبزيادة الكراهية‮..‬إلخ،‮ ‬فإنها لن تسمح بمن‮ ‬يسعى لإيقاف عجلة التنمية فيها،‮ ‬وتعطيل مصالح الدولة البحرينية‮. ‬ هناك العديد من الأساليب التي‮ ‬يمكن أن نعالج هذه المسألة،‮ ‬وأعتقد أن الخيارات متاحة كثيراً‮. ‬ولكن لابد من مناقشة أصل القضية،‮ ‬لماذا‮ ‬يتخلف المواطن عن عمله وعن وظيفته بعد أن انتهت أحداث البحرين‮ ''‬السلمية‮''‬؟ لا أعتقد أن هناك أكثر من خيارين الآن لمن‮ ‬يعزف عن عمله،‮ ‬فالأول هو عدم القبول بالهزيمة والانكسار بعد فترة طويلة من الخداع‮. ‬والخيار الثاني‮ ‬هو الإصرار والعزيمة على مزيد من الاستكبار وتحقيق النتائج رغم الإيمان والقناعة بأن النهاية قادمة لا محالة ومعروفة نتيجتها سلفاً‮. ‬ وسط هذين الخيارين‮ ‬يمكن تصنيف من‮ ‬يرفض التوجه لعمله اليوم،‮ ‬ولا أجد هناك تصنيفاً‮ ‬أوسع من ذلك،‮ ‬وإلا لماذا نجد الأعذار تلو الأعذار كالتي‮ ‬سردناها في‮ ‬البداية،‮ ‬حتى بات من‮ ‬يصف شعب البحرين بالكذاب من كثرة ما شاهد على الفضائيات الصفراء‮. ‬ما العمل إذن؟ نحن بحاجة إلى مزيد من الإجراءات ومزيد من الصرامة والشدة في‮ ‬تطبيق القوانين واللوائح بدلاً‮ ‬من الليونة والتردد في‮ ‬تطبيقها إما مجاملة،‮ ‬أو خوف،‮ ‬أو عدم وعي،‮ ‬وعدم قناعة بدولة المؤسسات والقانون التي‮ ‬ينبغي‮ ‬بناءها هنا في‮ ‬البحرين وليس في‮ ‬طهران‮. ‬فخصم الراتب أو الإقالة من العمل ليس عيباً‮ ‬إذا كنا نسعى لأن‮ ‬يكون لدينا القوانين واللوائح الصارمة التي‮ ‬تطبق على الجميع بشكل متساوٍ،‮ ‬فهي‮ ‬جزء من أي‮ ‬نظام دولة مدنية