Thursday, May 17, 2012

الاتحاد الخليجي إلى أين

أحمد سند البنعلي
على ما يبدو انه خاب أمل الكثيرين ممن كانوا ينتظرون إعلان قيام اتحاد خليجي بين البحرين والسعودية كبداية أو نواة لاتحاد خليجي يضم باقي دول مجلس التعاون الخليجي الست وكان بيان القمة الاستثنائية بمثابة صدمة تلقاها أولئك وكأن البيان أوقف العمل على الاتحاد أو تركه إلى أجل غير مسمى وهو ما يخالف الواقع والحقيقة على الأقل كما نظن ونعتقد من مجريات الأحداث.
الاتحاد بين الدول العربية في الخليج العربي أمر مطلوب وملح ويحمل عناصر البقاء لتلك الدول ويمنحها الفرصة لإقامة علاقات متوازنة مع الغير في ظل التكتلات التي تسود عالم اليوم ولا أطن أن هناك من يرفض هذا الاتحاد إن كان وطنيا حقيقيا ويرى بعين الوطنية البعيدة عن أي مصالح أو مطامح فئوية ضيقة، ولكن على الجانب الآخر نعتقد أن ما حدث من صدور بيان يخلو من ذلك الإعلان يعني أمرين لا ثالث لهما، أولهما أن هناك خلافا حادا نشأ بين زعماء الدول الخليجية على ذلك الاتحاد بسبب رفض بعض الأقطار له وإطلاقهم تهديدات تتعلق بالمجلس نفسه لو حدث الإعلان الآن وبسبب خوفهم من أن يوضعوا في زاوية ضيقة أمام شعوبهم لو تم إعلان الاتحاد بين الأعضاء ولم يدخل الأعضاء الآخرون فيه وهو ما سيسبب حرجا وأي حرج أمام شعوب الدول الرافضة إلى درجة قد تكون صعبة الاحتمال من قبل القيادات هناك لذلك تم تأجيل الإعلان حتى الوصول إلى وسيلة مناسبة تقي الرافضين له مغبة الأزمات الداخلية وهذا أمر وارد ويمكن تفهمه مما دفع إلى تأجيل الإعلان.
أما التبرير الثاني فهو رغبة أطراف أخرى غير مملكة البحرين والمملكة السعودية في الدخول في التنظيم الجديد ويمكن أن تكون تلك الأطراف هي المجموعة بكاملها وطلبها تأجيل أي إعلان عن قيام الاتحاد حتى يتم استيفاء كافة العناصر والمقومات الخاصة بقيام تنظيم اتحادي قوي غير هش وغير قابل للتحلل مستقبلا خصوصا أن هناك نقاطا خلافية على الكثير من عناصر ومؤسسات العمل الخليجي المشترك كالعملة الخليجية الموحدة والبنك المركزي الخليجي وغيرها من عناصر عدم اللقاء ولا نقول الخلاف وهذا الطرح يمكن قبوله وتفهمه لأنه طرح عملي واقعي بل ومهم لمستقبل الوحدة الخليجية، ولنا في الوحدة المصرية السورية عام 1958 من القرن الماضي المثل الحي والقريب على كيف أن السرعة في إنشاء تنظيم وحدوي بين دولتين مستقلتين منفصلتين وبسرعة قبل اكتمال وضع الأساسات اللازمة لتلك الوحدة وتهيئة الأرضية المناسبة لها يعطي الفرصة المناسبة لأعداء الوحدة للانقضاض عليها وتدميرها كما حدث في سوريا في ذلك الوقت التي أفشلت دولة الوحدة بالتعاون بين أعدائها من الخارج والداخل.
نحن جميعا مع الوحدة وندعو لها ليس اليوم فقط ولكن منذ أمد بعيد ونرى أن الخليج العربي يجب أن يكون كيانا واحدا ومثالا يحتذى به من قبل الآخرين ونواة للوحدة العربية الكبرى التي نتمنى قيامها ولذلك ندعو للمزيد من التأني في دراسة مقومات ديمومة الكيان الوحدوي الجديد المقترح، نريد أن تبدأ الوحدة بعد أن تقترب الدول التي ستدخلها من بعضها البعض في الكثير من القوانين والمؤسسات العاملة بداخلها والنظام التي يسير عليها وبعد فرش الأرضية الاقتصادية والسياسية المناسبة لهذه الوحدة لكي تكون الوحدة تجسيدا لوضع قائم لا ينتج عناصر تنافر يمكن أن تهدد الوحدة مستقبلا، ولكن على الجانب الآخر نأمل ألا يكون تأجيل الإعلان بداية لتجاهل الموضوع ونسيانه مستقبلا كما حدث للكثير من الاتفاقات التي تمت من خلال المجلس أو تلك الاتفاقات التي طبقتها دول ولم تطبقها دول أخرى، نريد أن يستمر العمل على الوحدة عن طريق مؤسسات مجلس التعاون وبصورة مكثفة تختصر الوقت وليس اجتماعات تعتمد على وقت الفراغ لدى أعضاء اللجان بل نريد لجانا متفرغة لذلك العمل تعطيه ما يستحق من أهمية موجودة أصلا لدى شعب المنطقة.